المتابع لسير الاحداث في ليبيا يجد أن المحتجين على نظام القذافي احكموا قبضتهم على المناطق الواقعة في شرق البلاد ، فيما تدور معارك طاحنة حاليا حول اطراف طرابلس العاصمة التي بسقوطها في ايدي الثوار ينتهي نظام عرف بظلمه واستبداده على مدار اربعة عقود . وتشير التقارير الاخبارية الواردة من ليبيا الى سيطرة اللجان الشعبية المناهضة للقذافي على مدينة زوارة الواقعة غربي طرابلس ، كما سيطروا على منطقة نفطية شرق طرابلس. وأكدت مصادر لقناة "الجزيرة" أن الأهالي بالتعاون مع كتيبة حماية المنشآت النفطية سيطروا على منطقة مرسى البريقة النفطية الواقعة في خليج سرت وتبعد 600 كيلومتر شرق العاصمة الليبية. وبدورهم عبر كبار مشايخ مدينة الزنتان الليبية عن فقدانهم للثقة في شخص العقيد القذافي بعد كلمته التي ألقاها الثلاثاء مؤكدين على وحدة القبائل الليبية وداعين عموم الشعب الليبي إلى الوقوف في وجهه ودعم الثورة. وحذرت قبائل الزنتان من أنه في حال عدم تنحي القذافي ونظامه وتسليم ليبيا للشعب ستقطع الإمدادات النفطية والغاز إلى أوروبا والعالم خلال 24 ساعة من الآن، مشيرة إلى أن قوى الثوار ستزحف من مدينة الزنتان إلى طرابلس لمساندة المجموعات المتواجدة في طرابلس وفك حصارها ونصرة أهله. وفي بيان أذاعه التليفزيون الليبي على الهواء ، دعت اللجنة الشعبية العامة للامن العام في ليبيا (الداخلية) الخميس المحتجين الى تسليم أسلحتهم وعرضت مكافات على من يبلغون عن زعماء الاحتجاجات . وجاء في البيان الذي تلاه ضابط بالجيش الليبي "الذي يسلم سلاحه نادما يعفى من الملاحقة القانونية كما تدعو اللجنة المواطنين بالتعاون معها بالابلاغ بالذين غرروا بالشباب او زودوهم باموال او اجهزة او مواد مسكرة او حبوب الهلوسة وسيتم منح مكافأة مالية مجزية لكل من يبلغ او يساهم في القبض عليهم". ابادة جماعية
وفي الزاوية غرب طرابلس ، تحدث شهود عيان عن ابادة جماعية تنفذها كتائب تابعة للقذافي ضد المدنيين مما تسبب في سقوط 10 قتلى وما لايقل عن 50 جريحا. وقال شهود عيان لقناة "العربية": "ان قوات موالية للرئيس الليبي معمر القذافي هاجمت مدينة الزاوية بشكل مفاجئ وأطلقت النيران بشكل عشوائي من أسلحة متوسطة على المدنيين العزل دون مبرر". وأضاف الشهود: "ان جرائم حرب تقع بحق المواطنين الليبيين في مدينة الزاوية"، مشيرا الى ان الهجوم الذين شنته قوات موالية للقذافي أسقطت العشرات من الضحايا بين قتيل وجريح. وفي اتصال مع قناة "الجزيرة" القطرية ، قال علاء العربي وهو من سكان مدينة الزاوية أن المعتصمين في ميدان الزاوية تعرضوا اليوم إلي إطلاق نار كثيف استخدم فيه رشاش مضاد للطيران والبنادق من قوات عسكرية لم تحدد هويتها، وأبلغ قناة "الجزيرة" عن سقوط عدد من القتلى والجرحى وأن الشباب المعتصمين تفرقوا في شوارع المدنية. وأشار العربي أن كل سكان مدينة الزاوية يطالبون بإسقاط النظام إلا أنه ذكر أن ولاء الجيش والشرطة غير واضح إن كان مع الثوار أو مع نظام القذافي. في غضون ذلك ، نقلت صحيفة "ليبيا اليوم" عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن عبدالله السنوسي والخويلدي الحميدي أرسلا تحذيرا عبر وسيط لشباب مدينة الزاوية المعتصمون في الميدان إن لم يعودوا إلي بيوتهم سيتعرضون لإطلاق النار والتصفية. وكانت صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية نقلت عن مصادر مطلعة إن معركة دامية دارت في مدينة الزاوية على بعد 40 كيلومترا غرب طرابلس العاصمة الاربعاء بين كتيبة تتبع الخويلدي الحميدي، وهو صهر العقيد معمر القذافي، وقوات الجيش الليبية التي انضمت للثوار الليبيين. وأطلقت الكتيبة الموالية للقذافي النار على أهالي الزاوية، وعقب قتال استمر منذ صباح يوم أمس وحتى المساء، نجحت قوات الجيش الموالية للثوار في طرد كتيبة الخويلدي من المدينة، ولحق بها أعداد من المواطنين متجهين إلى طرابلس العاصمة التي يتحصن بها العقيد القذافي. وأكدت المصادر للصحيفة أن قتالا عنيفا يدور في منطقة جنزور على تخوم طرابلس، مضيفة أن هناك مناوشات تجري بين عناصر موالية للقذافي، معززة بعناصر من المرتزقة الأفارقة، وبين سكان العاصمة. حياة طبيعية
وفي سياق الأكاذيب التي يروجها النظام الليبي ، قال سيف الإسلام نجل القذافي إن موانئ ليبيا ومطاراتها جميعها مفتوحة والحياة تسير بشكل طبيعي ، مشيرا الى استقبال كافة الصحفيين الاجانب. وأضاف في حديث للتليفزيون الليبي أثناء تجواله في مكاتب التليفزيون إن الحياة عادية ولكن المشكلة تكمن في المناطق الشرقية، داعيا الليبيين للتعاون والتلاحم في "هذه المعركة الوطنية" ، ويعتبر هذا اول اعتراف من نظام القذافي بسقوط المناطق الشرقية في ايدي الثوار. وطالب نجل القذافي مصر بعدم الاشتراك في ما اعتبره مؤامرة تحاك ضد ليبيا ، متهما "النايل سات" بالتشويش على القناة الجماهيرية الليبية. وبثت "الجزيرة" صورا تظهر جثثا لرجال بزي الأمن ملقاة على الشوارع قيل إنهم تعرضوا للإعدام بعد رفضهم الانصياع للأوامر بقمع وقتل المتظاهرين الليبيين. وتظهر الصور الجثث وهي مكبلة الأيدي وعليها آثار استهداف الرصاص للرأس مباشرة. من جهتها أكدت مصادر حقوقية أن مرتزقة من أوكرانيا وصربيا يقودون طائرات لقصف مدنيين في ليبيا ، بعد ان رفض ضباط الجيش الليبيين قصف المدن. وتأتي هذه التطورات في حين احتفل المتظاهرون في بنغازي ودرنة وطبرق بعد إحكام سيطرتهم على كل المناطق الشرقية من ليبيا حيث خرج الآلاف إلى الشوارع وأطلقوا الألعاب النارية ووزعوا الأطعمة. كما أكد شهود عيان أن المحتجين أحكموا سيطرتهم على مدينة مصراتة القريبة من طرابلس. وفي طرابلس، ذكرت هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي " أن معظم شوارع العاصمة تبدو مهجورة لا يتجول فيها الا مسلحون موالون للقذافي . ونقلت وكالات الانباء عن عدد من سكان طرابلس قولهم إنهم يخافون مبارحة بيوتهم خشية ان تطلق عليهم القوات الحكومية النار. حظر جوي وتتزامن تلك التطورات مع تعهد الادارة الأمريكية بفرض عقوبات ضد نظام القذافي بسبب القمع الوحشي للمحتجين، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيليب كراولي الأربعاء إن إدارة الرئيس باراك أوباما تدرس في الوقت الراهن تجميد اي أصول مملوكة له في الولاياتالمتحدة. واضاف كراولي في لقاء مع الصحفيين إن "هناك عدة خيارات للرد على أسلوب تعامل نظام العقيد معمر القذافي مع المحتجين في ليبيا". وأكد كراولي أن واشنطن "تتشارو مع حلفائها حول الخطوات المستقبلية التي ينبغي اتخاذها جراء الأوضاع الصعبة التي تشهدها ليبيا بما في ذلك فرض عقوبات على نظام العقيد معمر القذافي وتجميد أي أصول مملوكة له في الولاياتالمتحدة وفرض حظر جوي على ليبيا". واعلن وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس ان الولاياتالمتحدة ستواجه على الارجح صعوبات في تولي مهمة فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، مشيرا الى ان فرنسا وايطاليا هما الافضل للقيام بهذه المهمة. وقال جيتس في مقابلة نشرتها الاربعاء مجلة "ذي ويكلي ستاندرد" المحافظة ان الفرنسيين والايطاليين لديهم وسائل اكثر للتدخل سريعا من اجل فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا. ويرمي فرض منطقة حظر جوي في الاجواء الليبية الى منع نظام العقيد الليبي معمر القذافي من استخدام سلاح الجو لقصف معارضيه. وبحسب العديد من الافادات فان القذافي امر طياريه بقصف المتظاهرين لقمع الانتفاضة التي اندلعت ضد حكمه، مما اسفر عن سقوط مئات القتلى. اجلاء الأجانب
وبموازاة ذلك، أسرعت الحكومات على مستوى العالم لإرسال طائرات وسفن لإجلاء رعاياها من ليبيا. وأجلت تركيا الخميس آلاف الأتراك والأجانب من ليبيا، وذكرت وكالة أنباء الأناضول أن عبارتين تركيتين نقلتا 3037 راكبا بينهم 59 أجنبيا إلى بلدة مرمرة من مدينة بنغازي الليبية. وأشارت إلى أن 5 من الأجانب ألمان، و13 سوريا وواحد من كل من الأردن وليبيا واليونان وتشيكيا وروسيا وكنديان وبريطانيان و3 مغاربة. وتزايدت المخاوف على سلامة الأجانب بعد أن بثت شبكة "سي إن إن" التركية تقريرا على موقعها على الإنترنت عن أن عاملا تركيا قتل بالرصاص في موقع بناء قرب طرابلس. وقال متحدث باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي خلال إفادة صحفية إن الاتحاد يجلي نحو 10 آلاف مواطن من ليبيا. وتعتزم هولندا واليونان وبلغاريا وإسبانيا وإيطاليا وروسيا والسعودية كذلك إرسال طائرات عسكرية ومدنية لنقل مواطنيها. وغادر أكثر من 5700 تونسي وليبي الأراضي الليبية برا للجوء إلى تونس خلال اليومين الماضيين، بحسب ما أفاد الهلال الأحمر التونسي على الحدود بين البلدين، معربا عن مخاوفه.