فور إعلان السلطات اليمنية صباح الثلاثاء قبولها للدعوة الخليجية لاجراء حوار في السعودية بهدف انهاء الازمة السياسية التي يشهدها اليمن منذ أسابيع ، تجددت مواجهات عنيفة بين قوات الامن والمتظاهرين في العاصمة صنعاء ، مما اسفر عن سقوط ثلاثة قتلى واصابة المئات . وتفيد الانباء بمقتل جنديين من القوات التي تدافع عن المحتجين المعتصمين في العاصمة اليمنية صنعاء ، فيما قتل متظاهر واصيب في هجوم لمسلحين يرتدون زي مدني ظهر الثلاثاء على مسيرة كانت تمر بالقرب من بوابة مركز قيادة الفرقة الأولى مدرع في أحد شوارع العاصمة صنعاء. ونقل موقع "المصدر اون لاين" اليمني عن شهود عيان قولهم : "إن مسلحين على متن سيارات اعترضوا مسيرة في شارع الستين أثناء ما كانت في طريقها إلى ساحة التغيير، وأطلقوا النار باتجاه المتظاهرين". وأضاف الشهود أن جنود الجيش ردوا على المسلحين الذين لاذوا بعدها بالفرار. واشارو الى ان احد الجرحى الذين تم إسعافهم ووجهه مضرج بالدماء، بعدما أصيب بطلق ناري في الرأس، ولكنه توفي. وقال شاهد عيان " إن عددا من الجرحى الذين أصيبوا بطلقات نار أسعفوا إلى مستشفى الأمانة الخاص القريب من منطقة الاشتباكات" ، مضيفا "أنه شاهد مسلحين على متن سيارات حديثة الصنع يطلقون النار، وعربات أخرى تابعة للجيش تطاردهم". وحلقت طائرة حربية منذ الصباح في سماء العاصمة صنعاء بعلو منخفض وفتحت حاجز الصوت.
من جهتها قالت بشرى البهلولي شاهدة عيان في اتصال هاتفي مع قناة "الجزيرة" :" الرصاص يطلق في صنعاء ولانعرف من اي مكان ينطلق والناس يصيحون ويكبرون الله اكبر". واضافت :" شاهدت سيارة كانت تحمل صورة الرئيس وتطلق الرصاص في شارع الستين على المتظاهرين" ، مشيرة الى ان هؤلاء البلاطجة يستقلون سيارات مدنية فاخرة ويرتدون الزي المدني ويحملون الاسلحة ويطلقون نيران كثيفة جدا. وجبة صالح وفي تعزجنوب اليمن ، اوضح مراسل قناة "الجزيرة" ان قوات الامن اطلقت اليوم قنابل مسيلة للدموع على المتظاهرين اثناء مسيرة مطالبة بتنحي الرئيس علي عبدالله صالح . واشار المراسل الى اصابة أكثر من 400 متظاهر اليوم اثر مواجهات عنيفة مع قوات الامن" ، فيما هاجم مسلحون بزي مدني المتظاهرين وقاموا بالاعتداء عليهم . من جهته قال عبدالرحيم السامعي دكتور بالمستشفي الميداني في تعز خلال اتصال هاتفي مع قناة "الجزيرة" : " نحن نستقبل الوجبة اليومية التي يرسلها لنا النظام (المصابين) هناك اصابات بالرصاص الحي". وقال تيسير السامعي ناشط سياسي يمني :" انه كانت هناك مسيرتان في تعز الاولى مطالبة بتنحي صالح وانطلقت من شارع جمال، ومسيرة اخرى مؤيد لصالح وكانت في شارع موازي 26 ، مشيرا الى ان المسيرة الموالية لصالح كانت تريد الوصول لساحة الحرية ، وكاد ان يحدث اشتباك بين الطرفين. واشار السامعي الى ان المؤيدين لصالح كانو يحملون الاسلحة لضرب المناوئين له ، فيما اكد شاهد عيان ان قوات الامن ومسلحون بزي مدني يطلقون النار على المتظاهرين في تعز. بدوره وجه عبدو الجندي نائب وزير الاعلام اليمني " اللوم على المناوئين لصالح لما يحدث لهم حاليا موضحا "ان يوم امس احزاب اللقاء المشترك اخطأوا حين ارسلو متظاهرين يقتحمون مبني محافظة تعز ، هذا اعتداء مسلح على مقر حكومي".
واكد الجندي ان العنف لايولد غير العنف وان السلطات اليمنية مستعدة لاجراء حوار في السعودية لانهاء الازمة . فيما افادت مصادر بان الالاف من المتظاهرين يجوبون شوارع مدينة الحديدة تنديدا بالقمع وللمطالبة برحيل الرئيس. لاحوار بدون الرحيل
في غضون ذلك اعلنت السلطات اليمنية الثلاثاء قبولها دعوة وجهتها دول مجلس التعاون الخليجي لاجراء محادثات في السعودية في محاولة لانهاء الازمة السياسية التي يشهدها منذ أسابيع. ووجه المجلس الدعوة الى الحكومة اليمنية وممثلي المعارضة لاجراء محادثات في الرياض لكن لم يتحدد موعد بعد. ونقلت وكالة "رويترز" عن أبو بكر القربي وزير الخارجية بحكومة تصريف الاعمال اليمنية قوله: "نرحب بدعوة مجلس التعاون الخليجي والحكومة مستعدة لمناقشة أي أفكار يطرحها أشقاؤنا الخليجيون لحل الازمة". وقال مساعدون للواء علي محسن وهو أحد القادة العسكريين البارزين الذين ألقوا في الاونة الاخيرة بثقلهم وراء عشرات الالاف من المحتجين الداعين لرحيل الرئيس علي عبدالله صالح انه قبل أيضا الدعوة لاجراء محادثات في السعودية. من جهته قال وسيم القرشي عضو اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية في اتصال مع قناة "الجزيرة" :" لدينا مطلب واضح وهو اسقاط النظام ومبدأ المبادرات مرفوض موقفنا واضح ولن يتزحزح". واضاف: "شباب الثورة مستعدون للتنازل عن اي شئ ولكنهم ليسوا مستعدون للتنازل عن هذا المطلب والحوار حول مبادرات لاجدوى لها". وكانت دول مجلس التعاون الخليجي دعت ممثلي الحكومة اليمنية والمعارضة الى مباحثات في السعودية ، وقال وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد السالم الصباح "ان هذه الدعوة تهدف الى التوصل الى حل سياسي للازمة". نداء عاجل
بدورها وجهت المعارضة اليمنية "نداءا عاجلا" الى دول الخليج والمجتمع الدولي للتدخل بسرعة لحماية المحتجين المطالبين بإسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح. ونقلت هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" عن المعارضة قولها في بيان: "نندد بقتل المتظاهرين في تعز نتطلع من دول الجوار الخليجية الى موقف قوي يعبر عن معاني الأخوة والجوار والمصير المشترك التي تربطنا بها". وقالت المعارضة "إنه لم تعد تتوفر لديها اي امكانية وطنية لحماية المتظاهرين من عنف السلطة المتصاعد". وكانت التقارير الواردة من اليمن قد أفادت امس الاثنين بسقوط قتلى وجرحى في مدينة تعز وسط البلاد إثر إطلاق النار من مسلحين يعتلون مبنى المحافظة على المتظاهرين المعارضين للنظام. وقال شهود عيان: "ان مسلحين كانوا يرتدون ملابس مدنية ومعهم جنود اعتلوا سطح مبنى محافظة تعز وأطلقوا النار على المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام ومحاكمة قادته". وأكدت المصادر الطبية أن غالبية الاصابات تركزت في رؤوس وصدور الضحايا ما يدل على وجود قناصة محترفين بين من أطلقوا النار على المتظاهرين سلميا. وقال شهود عيان: "ان قوات الأمن ومسلحين يرتدون زيا مدنيا أطلقوا الرصاص الحي بشكل عشوائي على المتظاهرين بمجرد مرورهم بجانب مبنى محافظة تعز، وان المتظاهرين لم يكونوا ينوون اقتحام مبنى المحافظة" ، بينما ذكر محافظ تعز أن المتظاهرين انحرفوا بمسيرتهم الى مقر المحافظة يريدون اقتحام المبنى فأطلقت قوات الأمن الرصاص الحي في الهواء بهدف تفريقهم. ونفى المحافظ وجود أي مسلحين بملابس مدنية على سطح مبنى المحافظة، وقال إن اطلاق النار جاء من صفوف المتظاهرين. وأطلق رجال الشرطة الغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي على آلاف المحتجين في مدينة الحديدة، مما أدى الى إصابة المئات بجراح. وذكرت تقارير أن قناصة يتخذون مواقع لهم على أسطح البنايات أطلقوا النار على المتظاهرين. وتظاهر عشرات الآلاف في العاصمة اليمنية صنعاء للتنديد بسقوط قتلى وجرحى في مواجهات بين قوات الأمن والمحتجين في مدينتي تعزوالحديدة. وتوجه المتظاهرون إلى ساحة التغيير في وسط المدينة، ومنعت قوات الجيش المنشقة عن النظام اليمني ، الشرطة من تعقبهم إلى داخل الساحة. وقال شهود عيان :"إن قوات الأمن المركزي فرقت مئات الشبان ومنعتهم من التظاهر واعتقلت قرابة ثمانية وعشرين شخصا منهم". في هذه الأثناء خرج مئات الالاف في محافظتي صعده وإب في تظاهرات حاشدة للتنديد بقتل المتظاهرين وقمعهم في تعزوالحديدة، حسب تعبيرهم. ووقعت اشتباكات بين انصار الحزب الحاكم ومعارضين للنظام بالقرب من المجمع الحكومي في مدينة الحزم بمحافظة الجوف شمالي اليمن. صفقة التنحي
الى ذلك قال مسئولون في واشنطن ان الادارة الامريكية تحاول زيادة ضغوطها على الرئيس اليمني علي عبد الله صالح كي يتوصل الى صفقة مع المعارضة اليمنية ستؤدي في نهاية المطاف الى تنحيه. ونقلت "رويترز" عن المسئولون الامريكيون الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم "انه يجب التوصل الى حل سياسي". وعقب المسئولون الامريكيون على ما نشرته امس الاثنين صحيفة "نيويورك تايمز" من ان الادارة الامريكية غيرت موقفها المؤيد للرئيس اليمني وانها أخذت تساهم في التفاوض على تنحيه معتبرين هذا التقرير مبالغا فيه. من جهتها ابدى الاتحاد الاوروبي قلقه البالغ ازاء انباء القمع العنيف للمتظاهرين.