بعد ما يقرب من شهرين من الصمود الأسطوري في الساحات والميادين، أصبح بإمكاننا اليوم، تبيّن الضوء في أخر النفق ولم يعد السؤال: هل ؟ وإنما متى سيسقط النظام ؟ لقد شارك الجنوبيين بفعالية في الثورة الشعبية المجيدة من أجل إسقاط النظام اقتناعاً منهم بأن نجاحها هو المفتاح لحل مشاكل اليمن المزمنة، وفي مقدمها القضية الجنوبية. ولم تقتصر مساهمة الجنوبيين على الانخراط في يوميات الثورة، وتقديم المزيد من الشهداء والجرحى، ولكن مساهمتهم الأهم تكمن في دورهم الريادي في غرس ثقافة النضال السلمي في مجتمع قبلي متخلف وفي مواجهة نظام عسكري ديكتاتوري متوحش، وذلك قبل ما يقرب من أربع سنوات من اندلاع الثورة التونسية. وقد تجلّت هذه الثقافة، بصورة مبدعة تثير الإعجاب في صنعاء وتعز والحديدة وصعده.. وغيرها. واليوم، ونحن على أبواب الفتح، وعلى الرغم من أن المهمة الماثلة ما تزال هي "إسقاط النظام", لابد من التأكيد على المسائل التالية: - ظل الجنوبيين يواجهون، وحدهم، وحشية النظام، بصدور عارية على مدى أربع سنوات سقط خلالها أكثر من 600 شهيد وآلاف الجرحى والمعتقلين, وفي الوقت الذي ننحني إجلالاً واحتراماً للشهداء والجرحى الذين سقطوا في ساحات التغيير ونطالب بأن تفي بمالهم ولأسرهم من واجبات ستظل معلقة في أعناقنا، يجب أن نتذكر أن شهداء الجنوب وجرحاه ليسوا مجرد أرقام يمكن أن تسقط سهواً. - القضية الجنوبية، كقضية سياسية، نشأت كناتج طبيعي لسياسات النظام منذ حرب عام 94م وستبقى بعد سقوطه والحديث عن أنها ذابت في بوتقة "إسقاط النظام"، تبسيط مخل للأمور وقيام نظام جديد على أنقاض النظام القديم لا يحل القضية تلقائياً ولكنه يمكن أن يوفر المناخ المناسب للتباحث بشكل هادئ وموضوعي من أجل التوصل إلى حل عادل وشامل يلبي تطلعات الجنوبيين المشروعة على أن يسبق ذلك اتخاذ عدد من الخطوات الفورية، كبادرة حسن نية، من قبيل رفع القبضة العسكرية عن الجنوب وتمكين الجنوبيين من إدارة شئونهم بأنفسهم. - من حق الجنوبيين المشاركة في رسم خارطة المستقبل كطرف أساسي في المعادلة وأي ترتيبات سياسية أو دستورية لا تستجيب لتطلعاتهم ولا تفتح أمامهم باباً للأمل سيكون مصيرها الرفض وسينظر إليها كامتداد للوضع السابق. - من ناحية أخرى، على الجنوبيين توحيد صفوفهم والارتقاء إلى مستوى اللحظة التاريخية وعلى قيادات الحراك في الداخل والخارج بذل جهد أكبر من أجل توحيد المكونات والخطاب والقيادة ومغادرة مواقع التمترس خلف القناعات الشخصية واحترام مبادئ العمل المؤسسي وروح الجماعة. فشعب الجنوب يستحق الأفضل ويكفيه ما دفعه من أثمان باهظة نتيجة أخطاء المراحل السابقة ولاشك أن معاناة العقود الماضية عززت لديه القدرة على استخلاص الدروس من تجارب الماضي وعدم تكرار أخطائها واستنباط نهج الخلاص.