لا الدمع يوفي ولا الأشعار في الكتب ولا التناهيد تعلو هامة الخطب ولا المواويل تسري في لحون صبا تأسو وتطفؤ بي بعضاً من اللهب بأيِّ شيءٍ إذن أرثيك يا قمراً ينير محتجباً أو غير محتجب ينداح من نوره الدفَّاق كلُّ دجى وتشرب الأرض من سلساله العذب يا حاملاً نعيه لي قد سفكتَ دمي بغرسك المخلب المسموم في عصب ما للسماء اكتست بالغيم كالحةً والأرض ترزح في الويلات والصخب نعى ( الأسامة َ) ناعيه فقلت له : كذبتَ ، والأمر فوق الزيف والكذب كذبتَ ، لاغرو من يفقد أحبَّته يذهل وتقذف به الأوهام في الريب ( إسلام آباد ) أمست حسرة وأسى ( وكابل) العزِّ تبكي فارس العرب ( والبيت) يبكي وذي( صنعاء )من (يمنٍ) تبكي عليه فعمَّ الحزن في( حلب) ودارُ ( بغداد ) من أحزانها اتشحت بحلَّة العجز خاطتها يد الكرب يا مشرق الشرق يا فرداً يخرُّ له قياصر الدول الكبرى على الركب له يقوم مهاباً من يعارضه ولم يكن رغم ما فيه بمعتجب يمشي الهوينى فتجثو من تواضعه هام الجبال وتهوي همَّة الشهب قضى( الأسامة) حمداً يا لها غصصا يجتاحنا سيلها كالعارض اللجب تغتصُّنا عبرات كلها حرق تعيث بالقلب قبل الموق والهدب نعم ( أسامة ) أنت السيف ما صدأت بك النوايا وأنت القطر في السحب يد المقادير سلَّته فما فتئت به تقاتل أهل الزيف والكذب فكنت بالحقُّ صدَّاحاً تفيض به ما كنت ترهب غدر الموت والعطب أما كفاك ( أبو تمَّام ) من زمنٍ بما هدمت شدا إذ قال في عجب (( رمى بك الله برجيها فحطَّمها ولو رمى بك غير الله لم تصب )) فراح بالويل يعوي أهلها : خربت واشنطنٌ. من لها في بيتها الخرب أتيتها بجواب النار تعلنها حرب الإبا وبغير النار لم تجب فبالجهاد تنادي دعوةً عظمت حتى توفِّيت لم تهرم ولم تشب ما متَّ يا أسد الإسلام حين سجت منك العظام ولكن فُتَّ في الطلب ثكلٌ أصاب بني الإسلام قاطبةً والخطب أفدحه في السادة النُجُب أعرضتَ عن لذة الدنيا وزينتها وكنت ذا حسبٍ فيها وذا نسب أخلصت لله في دعواك فاندفعت لك الشهادة من بوابة الغلب لم يقتلوه ولكن هم به قُتلوا حسبي بمقتله يُغلي دم الغضب ما بالهم وقفوا إبَّان مدفنه في حيرةٍ أين يخفوا المشرق العربي بالبحر قالوا رأينا أن نواريه الله أكبر هذي غاية الأرب البحر غمدك فاهنأ يا( أسامة) ما قد فاتك الأمس وافى دونما طلب ماذا رأيت وراء الموت من عجبٍ ماذا سمعت من الألحان والطرب إني أرى وجهك الوضاح مبتسماً وحولك الحور في عالٍ من الرتب وأنهرٌ من مصفَّى الشهد جاريةٌ والكأس يترع باللذات والحبب والنخل يدنو بأعذاق من الرطب وينثني أَوَد الأغصان بالعنب نم يا أسامة إنَّ الشرق قد نهضت به شعوبٌ تذيب الظلم باللهب من أرض (تونس) لبَّت إذ صرختَ بها فأشرق الروح في جثمانها الجَرِبِ وزلزلت (مصر) بالطاغي الذي عجزت عنه الأيادي وقالوا فات في الطلب فرعون (مصر) ثوى في السجن مضطرباً وكان بالأمس لا يرثى لمضطرب أما رأيت جبين الظلم منحنياً ليضحك العرب من صنعا إلى حلب ؟ ما متَّ حتى أمت الخوف في دمنا يا حضرمياً تردى سورة الغضب جعلتها النار لم تحفل بمنتقد ولم تبال بباغٍ زلَّ عن أدب ( فبالمضرَّجة الحمراء ) تطرقه باب الكرامة لا بالنثر والخطب قالوا مضلٌّ وقالوا فاسقٌ سفهاً وأنت تبسم في حبٍّ وفي عتب لا تعجبنَّ إذا ما هم به شُغلوا فشغل ذي السفه التطبيل في الشغب حطَّمتَ صورة (أمريكا) لتفهمنا أن الدنى سببٌ يفضي إلى سبب لا تحزني ارتقبي ما بان من رحم الأيام ليس تواريه يد الحجب موت الكرام حياة بعده وعلا والمجد بالصبر لا بالمال والذهب مُت سيَّداً هكذا تقضي شهامتنا ولا تمت ذنباً في آخر الذنب