بعد أن قرر مهاجمة عش الدبابير وفتح شهية الملايين للتغيير، جاءت النهاية المتوقعة مبكرا للدكتور محمد البرادعي رئيس الجمعية الوطنية للتغيير في مصر. فرغم الاحتفالات الضخمة التي صاحبت دعواه لفرض الإصلاح السياسي على رموز الحزب الوطني الحاكم قبل أربعة أشهر، حالت الانقسامات والانسحابات دون تنفيذ أي بند من بنود أجندة التغيير التي نشدها البرادعي ورفاقه.
حيث جاء انسحاب أستاذ الجامعة الكبير د. حسن نافعة من الجمعية ليدق أول مسمار حقيقي في نعش أحلام التغيير معللا قراره بعجز الأحزاب السياسية على تصفية خلافاتها وتوحيد صفوفها وإحداث الحد الأدنى من التغيير، وتزايد الصراعات بين الأحزاب والحركات المنضمة للجمعية".
ومن بين أسباب استقالة نافعة الأكثر وضوحا أيضا افتقاد الجمعية جزءا كبيرا من وجودها في الشارع، نظرا للغياب المتكرر للدكتور محمد البرادعي لكثرة أسفاره خارج مصر وارتباطه بجولات خارجية تنزع منه الأمل في التفرغ لإدارة شئون الجمعية أو العمل الجاد على تحقيق أي من أهدافها.
د. حسن نافعة ثم جاء إعلان الإعلامي القدير حمدي قنديل، المتحدث باسم الجمعية الوطنية للتغيير، التخلي عن منصبه موضحا أنه اتخذ هذا القرار منذ عودة المصريين الذين تم ترحيلهم من الكويت الشهر قبل الماضي بسبب تأييدهم للبرادعي ليمثل ضربة قاصمة أخرى للصرح السياسي الذي اقترب على السقوط.
ثم جاءت التصريحات التي أدلى بها البرادعي لصحيفة القدس العربي اللندنية والتي أكد خلالها انه لا يمكن أن يخوض انتخابات في مصر إذا استمر الوضع على ما هو عليه، مشيرا إلى انه عندما وجد أن المحاكم حكمت بتزوير الانتخابات في دوائر عديدة ومع ذلك تمت الانتخابات والتي انتهت بأغلبية ساحقة للحزب الوطني، لتؤكد ما روجته بعض المصادر من قبل من أن د. البرادعي ينتظر أن يأتيه حكم مصر على طبق من فضة دون أي عناء.
وعن الاخبار التي تتردد عن انسحاب بعض اعضاء الجمعية الوطنية للتغيير بسبب طول غياب البرادعي عن مصر، وتعرض مستقبل الجمعية السياسي لمستقبل مشابه للاحزاب السياسية قال انهم ليسوا حزبا سياسيا، وليس لهم هيكل يعملون من خلاله والهدف منها التغيير وجعل الشعب يتحمل مسؤولياته لذلك فان من يريد ان يخرج منها فليخرج، فالبرادعي يعمل فيها مثل اي شخص وهناك الكثير من الشباب والمتطوعين الذين وصل عددهم الى 70 الفا ويعملون على تغيير واقعهم.
حمدي قنديل
واشار الى انه يود ان يغير فكرة المصريين القائمة على الشخص الواحد و"هذا بالضبط ما اود ان اغيره فالتغيير لا يجب ان يقوم على شخص وانما بناء مؤسسات، وهناك عدم فهم من بعض الناس فالتغيير فكرة واعمل فيه سواء داخل مصر او خارج مصر ولي مسؤوليات اقوم بها ولم اتعهد باني اصبحت سياسيا محترفا، ولست كذلك وانما انا كمواطن اشارك في عملية التغيير، وعندما يطلب الشعب مني ذلك كقائد ساقوم بما استطيع ان اقوم به".
وقال ان الانتقادات التي توجه اليه لكثرة سفره هي "نتيجة لعدم فهم دوري الذي احاول ان اقوم به في اطار تغيير النظام السياسي نحو نظام ديموقراطي، وعندما رجعت الى مصر ذكرت انني ساشارك في العمل السياسي من اجل اصلاح النظام الديموقراطي ولا اعتقد انه لاصلاح المستقبل السياسي لمصر بدون ديموقراطية.
وإزاء هذه التطورات الدرامية يرى الكثيرون أن ما حدث كان هو النتيجة المتوقعة لنهاية أي حلم للتغيير في مصر والمدهش أن هذه النهاية جاءت مبكرة جدا، فعلى ما يبدو أن لعنة الحزب الوطني قد أصابت دعاة التغيير في مقتل كما أصابت كثيرين غيرهم من قبل وأشهرهم د. أيمن نور الذي دغدغ مشاعر ملايين المصريين وأيقظ أحلامهم في التغيير لكنه سرعان ما تعلم درسا لن ينساه طوال حياته.