كشفت المواسم الأخيرة عن وجود شرخ كبير بين الجماهير الرياضية ومسابقات كرة القدم المحلية، فالمتابع للشأن الرياضي المحلي يلحظ عزوفاً جماهيرياً كبيراً، تكاد تخلو معه المدرجات سوى من عشرات الأشخاص المتناثرين في جنبات الملاعب، لتبدو الصورة قريبة الشبه بمشهد المقاطعة لمباريات الدوري اليمني. الخميس الفائت عادت الحياة إلى الملاعب اليمنية من جديد بتدشين بطولة الدرجة الأولى الكروية بعد انقطاع طويل، غير أن الجماهير لم تقرر العودة إلى المدرجات بعد. فبدت جميع الملاعب التي احتضنت مباريات الجولة الأولى خاوية على عروشها، في مشهد يوحي بأن هناك قراراً تأديبياً لا يزال ساري المفعول من جهة ما، يمنع مرافقة الجمهور لفرقهم الكروية. ثمة أسباب عديدة تدفع الجمهور للعزوف عن حضور المباريات، غير أن تواضع المستوى الفني يأتي في مقدمة هذه الأسباب. يقول أحمد البحر وهو من مناصري فريق أهلي صنعاء: مستوى الدوري من الناحية الفنية لا يشجعني على حضور المباريات ومتابعتها من المدرجات. ويضيف: ربما لا يتعلق الأمر باللاعبين فقط، أرضية الملعب أيضاً لا تساعد اللاعبين في إخراج مهاراتهم الحقيقية بسبب الحالة السيئة التي تتشابه فيها معظم الملاعب اليمنية بما في ذلك الملاعب التي أنشئت حديثاً. ويعدد البحر أسباباً أخرى تجعله يكتفي بمتابعة أخبار الدوري عبر الصحف والمواقع الالكترونية منها: بُعد المدرجات عن الملعب وعدم تصميمها بالشكل العصري الذي يتيح للجماهير فرصة المتابعة المريحة والواضحة مما يجعل متعة الفرجة غائبة. قد لا يختلف هذا الموسم عن سابقيه من حيث الإقبال الجماهيري على حضور المباريات.. الجولة الأولى تؤكد ذلك ولا مؤشرات مطمئنة تعطي انطباعاً بإمكانية تحسن الوضع. رئيس اتحاد كرة القدم بتعز محمد علي القدسي لا يبدو متفائلاً بهذا الشأن إذ يقول: لست متأكداً أن هذا الموسم سيكون قادراً على تغيير الصورة وتحسين نسبة الحضور الجماهيري. ويؤكد القدسي أن ضعف الدوري وتذبذب مستوى الفرق وعدم وجود تنافس حقيقي إضافة الى الأوضاع المعيشية الصعبة عوامل أسهمت كلها بشكل مجتمع أو فردي في هجران الملاعب والاكتفاء بالمتابعة عن بعد.. ويعتقد رئيس الكرة بتعز أن تخفيض قيمة التذاكر إلى النصف قد يسهم في تشجيع الجماهير على الحضور إلى الملاعب لكنه لا يمثل عامل الحسم، مدللاً على بعض المباريات التي شهدت إقبالاً جماهيرياً واسعاً مثل مباراة الطليعة وأهلي صنعاء عام 2000 والتي بيعت التذكرة خلال تلك المباراة في السوق السوداء بأضعاف قيمتها الحقيقية وكذلك مباراة أهلي تعز وأهلي الحديدة ضمن التصفيات المؤهلة الى الدوري الممتاز حينها وكان الملعب مكتظاً في المباراتين ولا يوجد موطئ قدم لدرجة أن بعض الجماهير بقيت تتابع من خلف أسوار الملعب. ويشير القدسي إلى أن موسم صعود أهلي تعز من الثانية إلى الأولى والموسمين اللذين أحرز فيهما الصقر بطولة الدوري هي الأكثر حضوراً للجماهير في تعز. ووفقاً لإحصائيات غير رسمية فإن معدل الحضور الجماهيري في المباريات التي كان أهلي تعز والصقر أحد طرفيها في المواسم السابقة يتراوح بين 1800 2000 مشجع وهو المعدل الأعلى باستثناء موسم صعود الأهلي وموسمي إحراز البطولة بالنسبة للفريق الصقراوي الذي شهد الحضور الجماهيري معدلات مرتفعة وربما قياسية خصوصاً لقاء القطبين الأهلي والصقر. وفي حين لا توجد إحصائية دقيقة حول النادي الأكثر شعبية والملعب الأعلى من حيث الحضور الجماهيري، إلا أن الكثير من المتابعين للشأن الكروي اليمني يعتقدون أن ملعب حقات التابع لنادي التلال العدني يعتبر الملعب الذي يشهد أعلى نسبة لحضور الجماهير. ويربط المتابعون ارتفاع معدل الحضور في ملعب حقات قياساً بالملاعب الأخرى بقربه من التجمعات السكنية ذات الكثافة العالية بحكم تموقعه في وسط مدينة عدن فضلاً عن كون الجماهير التلالية لاتزال تعشق كرة القدم وتتمتع بحس وثقافة كروية عالية.