تسببت التقارير الإعلامية التي أوردت خبر انتقال المدرب الإيطالي كارلو انشيلوتي لتدريب نادي ريال مدريد الإسباني بمجرد انتهاء الموسم الجاري بدفع عشاق باريس سان جيرمان إلى التساؤل عن مستقبل النادي في حال تأكد رحيل الإيطالي عنه و جعلتهم يتذوقون مرارة ضياع مدرب من الطراز الرفيع بدلا من حلاوة التتويج بتاج الكرة الفرنسية بعد غياب دان قرابة العشرين سنة بالنظر إلى الانعكاسات السلبية التي يرتقب حدوثها في هذه الحالة . فالمتابعين لهذا الموضوع في فرنسا يؤكدون بأن سان جيرمان يواجه في هذه الحالة مستقبلا مجهولا بل و مهدد بكارثة الموسم القادم على الصعيدين المحلي و القاري بعدما أصبح واضحا بان مستقبل النادي مرهون بضمان استقرار جهازه الفني على الأقل لموسمين آخرين قبل الحديث عن التغيير.
فإدارة الفريق و على رأسها رئيسه القطري ناصر الخليفي و أيضا المدير الرياضي البرازيلي ليوناردو ستجد نفسها في موقف لا تحسد عليه في حال رحل عنها انشيلوتي لأنها لا تملك البديل المناسب له في الوقت الحالي عكس بقية الأندية الأوروبية الكبرى على غرار ريال مدريد التي لا تفرط في مدربيها إلا بعد أن تحسم أمور من يخلفهم لتفادي شغور أهم منصب في النادي ، و تزداد صعوبة مهمة الإدارة الباريسية في ظل شح السوق الحالية بالمدربين الأكفاء ، و الأسماء التي تم تداولها في الأشهر و الأسابيع الماضية أما أنها مرتبطة و غير مستعدة للقدوم لعاصمة الجن و الملائكة أو أنها غير مرحب بها فهناك الفرنسي أرسين فنغر و البلجيكي إيريك جيراتس و الهولندي فرانك رايكارد و أخر الأسماء التي بدا الشارع الباريسي يتحدث عنها الألماني يوب هاينكس المنتشي بانتصاراته المحلية و القارية مع بايرن ميونيخ رغم انه أعلن اعتزاله التدريب بمجرد انتهاء مهمته الحالية مع البافاري ، بل و أكثر من ذلك فان التفاوض مع انشيلوتي كشف لليوناردو و للخليفي بان تدريب ناد مثل البي أس جي ليس هدفا لدربين الكبار حتى لو حصلوا منه على رواتب خيالية فجلهم يفضلون العمل في الدوري الإنكليزي أو الاسباني و الألماني في حين لا يزال الدوري الفرنسي الخيار الأخير لهم لتفادي البطالة ، لذلك فأن الحل المضمون هو الإبقاء على الفني الإيطالي مهما كلف القطريين.
غير انه حتى في حال نجح الخليفي و ليوناردو في إيجاد مدرب بكفاءة و خبرة انشيلوتي أو حتى أفضل منه فان الأمر لا يخلو من المغامرة المحفوفة بالمخاطر مهما كانت عبقرية خليفته لأنه يحتاج إلى وقت للتعرف على بيت الفريق و على إمكانيات اللاعبين و يحتاج لإستراتيجية جديدة ، كما أن انشيلوتي لو رحل فلن يرحل لوحده بغض النظر عن وجهته الجديدة فسيأخذ بالتأكيد معه عدد من اللاعبين المؤثرين في الفريق و آخرون سيذهبون خاصة الطليان منهم الذين استقدمهم و لم يندمجوا بعد في فرنسا ، و المدرب الجديد لن يأتي وحيداً بل سيحضر معه لاعبين سيعمل على إشراكهم في التشكيل الأساسي من الوهلة الأولى و هو ما يجعل انتقال الطاقم الفني من مدرب لأخر بشكل سلس أمرا مستحيلاً ، و تجعل هذه المعطيات النادي ينطلق من الصفر و هي أسوء وضعية تمر بها الأندية الكبرى و ستؤثر سلباً على نتائجه المحلية و القارية و تهدد بنسف مشروع القطرين الهادف إلى اعتلاء عرش أوروبا و تحويل باريس سان جرمان الى ميلان أو بارصا فرنسا يقارع اكبر الأندية في القارة العجوز. و في هذا الصدد فان انشيلوتي نفسه أكد في تصريحات سابقة انه لا يفكر إطلاقا في الرحيل عن باريس لأنه مرتبط بمشروع هو جزء منه و بقائه مهم ليساهم في إنجاحه صحبة بقية الأطراف واصفاً الأخبار التي راجت عن رحيله بإشاعات اعتاد على سماعها أو قراءتها.
و تزداد متاعب الباريسيين في حال رحل عنهم الربان الإيطالي عندما نعلم أن الفريق لم يجد بعد ضالته التكتيكية و إيقاعه غير مستقر و أداء اللاعبين بما فيهم النجوم السويدي إبراهيموفيتش و الأرجنتيني باستوري و لافيتزي أدائهم غير ثابت بل و متراجع من مباراة لأخرى في ظل تركيز انشيلوتي و كتيبته على تلبية مطلب الخليفي و ليوناردو القائم على ضرورة تحقيق نتائج جيدة و فقط بغض النظر عن المردود و الأداء اللذان ليس لهما مكان في قاموسهما .
ولذلك فان رحيل انشيلوتي عن باريس قد يعيد النادي الى ما كان عليه في عهد المدرب انطوان كامبواري حيث تعرضت تركيبته مباشرة بعد استقالته الى غربلة كبيرة غيرت من ملامحه كثيراً و جعلته يخسر لقب الدوري الفرنسي لمصلحة مونبلييه بكل سذاجة.