تقول القاعدة الاقتصادية أن الفائض في الاستهلاك يستغل في التصدير لجلب العملة، ولكن في بعض الدول يتم تصدير كل الإنتاج حتى ما يحتاجه أهل البلد في مقابل استغلال العملة في شراء سلع للمنظرة والمظاهر الكذابة، كأن تبيع قمحك لشراء سيارات فارهة حتى لو لم تمتلك طرقا تصلح لسير هذه السيارات أو لا تملك مكانا يصلح لل"باركينغ" فقط لتقول إنك تمتلك هذه السيارات. كانت المقدمة ضرورية لشرح ما يلي، فالحقيقة أن برشلونة يتبع السياسة التي ذكرناها من قبل، وفقا لسياسة جديدة يتبعها النادي منذ تولي ساندرو روسيل رئاسة النادي الكتالوني، فطوال السنوات الماضية تخلى حامل لقب الدوري الإسباني عن العديد من اللاعبين الشبان من أجل صفقات من النوعية "الرنانة" التي تصنع صيتا وجلبة ولا يحتاجها أو يستفيد منها النادي فعليا. ولكن منذ نهاية الموسم الماضي، بدأ برشلونة بعدما تولى تيتو فيلانوفا الإدارة الفنية للفريق الكتالوني في الإكثار من التضحية بنجومه الشباب، بدءا من بويان كريكيتش الذي اعتبره البعض جوهرة كتالونية صاعدة، ثم الموسم الحالي تخلى النادي حزمة من لاعبيه الذين توقع لهم النقاد والمحللين توهجا وبريقا تخلى عنهم سواء بالبيع أو الإعارة. تخلى النادي عن ألكانتارا الصغير والكبير تياغو ورافاييل (رافينها)، وفي الطريق مارك بارتارا وكريستيان تيلو وفونتاس ومارك مونييسا وجيرارد ديوليفو.. كل هؤلاء رحلوا ليأتي نيمار بمقابل 57 مليون يورو! في الوقت الذي يحتاج النادي للاعبين لتعويض تشافي في وسط الملعب تركت الإدارة تياغو، في الوقت الذي يحتاج النادي لظهير يسد ثغرة كبر سن بويول وكثرة إصاباته وتراجع مستوى جيرارد بيكيه.. ترك النادي الشاب بارترا الذي لم يحصل على فرصته في الفريق حتى في ظل الاحتياج.. في الوقت الذي تعاقد النادي الكتالوني مع نيمار لاعب الوسط الهجومي الذي فعليا لا يحتاج النادي إليه، فعل برشلونة ما كانت الصحافة الكتالونية دائما تهاجم به ريال مدريد بأنه يتعاقد مع صفقات بالونية لا يحتاجها.. ها هو برشلونة يفعل ما انتقد بل ويترك شبابه الذين شربوا اللعب الكتالوني في لاماسيا ليهدي بهم الأندية الأخرى.. البعض يقول أن هؤلاء يتركون النادي ولا يتألقون وهو دليل بعد نظر برشلونة مدليين ببويان كريكيتش مع ميلان، ولكن الأمر لا يقاس كذلك وأغلب اللاعبين الذيتن يتركون أفضل نادي في العالم وهم على وشك أن يغترفوا من كعكة النجومية، ويلعبون في نادٍ أقل، يصيبهم فيروس اليأس، والإحباط الذي يجعل مستوياتهم تقل وتتراجع، وهم كانوا مشروعات لنجوم مستقبلية لو أحسن مربيهم استغلالهم بدلا من تركهم وتحطيمهم من أجل صفقات لا طائل منها ولا منفعة استجابة لشيطان الصفقات الدعائية الذي صار يوسوس في صدر البلوغرانا بعد أن لعب بعقل الميرينغي، ولو فكر روسيل ورجاله قليلا لأدركوا أن وسوسة الصفقات الدعائية ما نفعت ريال مدريد يوما بل أضرته على مستوى البطولات وماديا.. فما نفعها في برشلونة؟!