تعيش مليشيات الحوثي والمخلوع حالة غير مسبوقة من التخبط والانهيار، واعلان طوارئ غير معلن، عقب احراز قوات الشرعية انتصارات نوعية في مختلف الجبهات أبرزها جبهة نهم المتاخمة للعاصمة، في ظل عزوف الاوساط الشعبية عن الدفع بأبنائهم للقتال مع المليشيات. تجنيد اجباري ولجأت مليشيات الحوثي والمخلوع مؤخرا إلى إجبار المشايخ الموالين لها من أنصار المخلوع، على تجنيد كتائب عسكرية من مناطق نفوذهم، بغرض تعزيز جبهات القتال التي تشهد انهيارات متسارعة، واستنزاف وعزوف غير مسبوقين. وأجبرت المليشيات المشايخ الموالين لها في محافظاتالمحويت وذمار وعمران وحجة على تجنيد الشباب وارسالهم للجبهات، الا أن تلك الجهود لم تجد أي تجاوب من قبل الأهالي الذين رفضوا الزج بأبنائهم في معارك عبثية. الأمر الذي اضطرت معه قيادة المليشيات لاطلاق التهديدات للمشايخ تمثلت بسحب الامتيازات التي قدمت لهم خلال الفترة الماضية (سيارات - وأسلحة - وأموال)، وفصل أقاربهم من المناصب الحكومية في حال لم يدفعوا بمقاتلين جدد إلى الجبهات. ولم يتوقف الأمر على إجبار مشايخ المحافظات التي يستغل فقر وجهل ابناءها وحسب، بل وصل الامر الى تنفيذ حملات دعائية بالعاصمة صنعاء عبر سيارات تحمل مكبرات اصوات تجوب شواراع العاصمة، بهدف حشد مقاتلين جدد إلى الجبهات، لإعاقة تقدم قوات الجيش الوطني في مديرية نهم، الا ان كل تلك المحاولات باءت بالفشل الذريع. حرب بلا أهداف وتعليقا على ذلك، يقول الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي، ان ذلك يعود إلى ظهور حقيقة أهداف المعركة الحوثية للكثيرين من الموالين لطرفي الانقلاب، باعتبارها محاولة لجر اليمنيين لصراع دموي هدفه الواضح هو تكريس السلطة في يد هذا الحلف الذي تورط منذ الساعات الاولى لسقوط صنعاء في عمليات واسعة للنهب والفساد والاستفراد بالمناصب، والتصرف عكس الشعارات التي رفعتها ثورتهم المضادة. وأضاف التميمي في تصريح ل"لصحوةنت" أن هالة السلطة واغراءتها تراجعت الى حد كبير وبدأ انصار الانقلاب يشعرون بالتأثير السلبي للعزلة السياسية والاقتصادية وتآكل المنافع، وبدأوا بالتفكير في وضع حد لهذه المغامرة التي استنزفت الرجال والاموال، وتحول الوضع من الاندفاع المتحمس نحو الجبهات الى الدفع بالمقاتلين بالقوة الى هذه الجبهات. وأوضح أن اليمنيين لم يواجهوا مصيرا أسوأ من الذي بلغوه في ظل سلطة الامر الواقع للانقلابيين، حيث افتقدت هذه السلطة لأي غطاء أخلاقي أو وطني. وتابع '"اسفر الحوثيون عن اهدافهم الحقيقية المتمثلة باستعادة الامامة وتكريس سلطة ونفوذ السلالة التي تقوم على منطق مرفوض يتعلق بالحق الإلهي في السلطة. وبين أن قادة الانقلاب ساقوا أنصارهم الى محرقة لا تنتج الا الموت، في وقت كان الناس يأملون بانتصار سريع مكلل بالغنائم، لكن مشهد الجنائز الكئيب واتساع نطاق المقابر وتوالي أخبار القتل اليومي في الجبهات، ولدت ردة فعل رافضة لاستمرار البقاء في هذه المعركة الخاسرة وانخفض الحماس حتى لدى اكثر الفئات تحمسا للانقلاب. ثورة من أجل الثروة من جهته قال الباحث وعضو المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية فهد سلطان أن الحرب التي يخوضها الحوثيون باتت حربا بلا أفق ولا أهداف واضحة بل أصبحت حربا عبثية، علاوة على أن وضع البلاد تأثر منه الجميع بلا استثناء المناوئون للحوثي ومشروعه والمناصرون له حتى القبائل التي قاتلت ودفعت اولادها لم يفي الحوثيين بالالتزامات تجاهها. واضاف سلطان في تصريح ل" لصحوة نت" أن مليشيات الحوثي تواجه عدة مشكلات منها مشكلة القتلى ومشكلة الجرحى وهي خطيرة جداً وتكاد تقضي على الحوثي ذاته. وأوضح أن هناك عددا كبيرا من القبائل أولادهم بين المفقودين وشاهد الكثير منهم عدم المبالاة تجاههم حتى أن بعض الناس شاهدوا اولادهم مرميين في الشوارع وتأكل منهم الكلاب، فيما الذين هم من اسر خاصة يتم تكريمهم ودفنهم بصورة مبالغ فيها. وبين سلطان بأن هذه القضايا تنموا ككرة الثلج وبات القبائل والناس غير مقتنعين بما يمارسه الحوثيون على المسار السياسي والعسكري، فضلا عن أن الاهداف التي رفعها الحوثيون تبين كذبها وزيفها، وأن مايسمونه ثورة هو انقلاب من اجل السيطرة على الثروة والسلطة لفئة محددة من المنتمين للجماعة. وأشار إلى أن الناس بدأت تستوعب أن الذي يجري هي حرب عبثية ولعبة اقليمية، وأن الشعب اليمني يدفع ضريبة حرب خاسرة ليس لها هدف ولا افق وأنها حرب من اجل الحرب وليس من اجل قضايا عادلة.