حلف بن حبريش يستجبن عن إدانة قتل العسكرية الأولى لأبناء تريم    الزهري يقود حملة رقابية واسعة في خور مكسر لضبط الأسعار تسفر عن تحرير 64 مخالفة    القوات الجنوبية تكبد مليشيا الحوثي خسائر فادحة بالضالع    حكومة التغيير والبناء .. رؤية واقعية تستجيب لاحتياجات المواطنين    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية وهبوب رياح شديدة السرعة    طارق ذياب ينضم إلى فريق برنامج "الثمانية" محللاً فنياً    الموعد والقناة الناقلة لقرعة دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية    انتقالي الضالع يدشن المرحلة الثالثة من تمكين المرأة اقتصادياً    تفشي موجة جديدة من الأمراض الوبائية في مناطق سيطرة المليشيا    تعز.. نقطة عسكرية تحتجز نائب مدير موانئ الحديدة وأسرته والمحور يرفض توجيهات المحافظ    استئناف أعمال الترميم والصيانة في قلعة القاهرة التاريخية بتعز    حين يكون القاضي على قدر من الحكمة والاحترام للقانون وتغليب المصلحة العامة    فؤاد الحميري، له من اسمه نصيب    "بعد الهاتريك".. رونالدو يؤكد أنه لا يزال في قمة لياقته البدنية    إصلاح الكهرباء: الاقتصاد لا يبنى في الظلام    عشر سنوات من العش والغرام واليوم فجأة ورقة طلاق    هل هما شخص واحد.. الشبه الكبير بين البغدادي والشيباني    حكايتي مع الرئاسة التلالية الأولى (2-2)    إيطاليا تعطي الضوء الأخضر لمشروع ب5،15 مليار دولار لبناء أطول جسر معلّق في العالم    يوليو 2025 يدخل قائمة الأشهر الأشد حرًا عالميًا    دراسة صادمة: "تشات جي بي تي" يوجه المراهقين إلى سلوكيات خطيرة وانتحارية    لهايات للبالغين تنتشر في الصين لتخفيف التوتر والإقلاع عن التدخين    وزارة الثقافة والسياحة تنعي الشاعر والباحث والناقد كريم الحنكي    "أكسيوس": اجتماع أوكراني أمريكي أوروبي يسبق قمة بوتين ترامب    مركزي عدن المحتلة يغرق السوق بعملة جديدة وسط اقترابه من الإفلاس    إذا أقيل الشاعري فعلى كل جنوبي ان يستعد لحلاقة رأسه    بيت هائل.."نحن الدولة ونحن نقود البلد وهم يتبعونا!!"    حان الوقت للفصل بين الهويات اليمنية والجنوبية    الترب يعزّي في وفاة الشاعر والأديب كريم الحنكي    إيران.. ونجاح صفقة S-500 ودورها في تغيير موازين القوى (2)    المدينة التي لن تركع (2): مأرب.. من جبهة مقاومة إلى نموذج دولة    تير شتيجن يستعيد شارة القيادة    مهرجان القاهرة السينمائي يطلق «CAIRO'S XR»    وزراء خارجية 5 دول يرفضون خطة إسرائيل احتلال غزة    المدرسة الديمقراطية تكرم الصحفي حسن الوريث    العديني:تحويل مسار الخطاب الإعلامي بعيدًا عن مواجهة الانقلاب يصب في مصلحة المليشيا    رسميا: بوتافوغو البرازيلي يضم الحارس المخضرم نيتو    وديا ... تشيلسي يتخطى ليفركوزن    السهام يكتسح النور بخماسية في بطولة بيسان    مأرب تحتضن العرس الجماعي الأول ل 260 عريساً وعروس من أبناء البيضاء    وفاة ستة مواطنين بينهم نائب رئيس جامعة لحج في حادث مروّع بطور الباحة    مستشفى الثورة… حين يتحوّل صرح العلاج إلى أنقاض    إعلاميون ونشطاء يحيون أربعينية فقيد الوطن "الحميري" ويستعرضون مأثره    الأمم المتحدة تعلن وصول سوء التغذية الحاد بين الأطفال بغزة لأعلى مستوى    القبض على 5 متورطين في أعمال شغب بزنجبار    الذهب يسجل مستويات قياسية مدعومًا بالرسوم الجمركية الأمريكية    تفشي فيروس خطير في ألمانيا مسجلا 16 إصابة ووفاة ثلاثة    اكتشاف معبد عمره 6 قرون في تركيا بالصدفة    دراسة تحذّر من خطر شاشات الهواتف والتلفاز على صحة القلب والشرايين!    إنسانية عوراء    في تريم لم تُخلق النخلة لتموت    تغاريد حرة .. عندما يسودنا الفساد    وسط تصاعد التنافس في تجارة الحبوب .. وصول شحنة قمح إلى ميناء المكلا    محافظ إب يدشن أعمال التوسعة في ساحة الرسول الأعظم بالمدينة    اجتماع بالمواصفات يناقش تحضيرات تدشين فعاليات ذكرى المولد النبوي    مجلس الوزراء يقر خطة إحياء ذكرى المولد النبوي للعام 1447ه    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طلاب اليمن... مجبرون على التبرع بمصروفهم اليومي

لم يكن أمام صالح عبدالكريم إلا أن يستجيب لمطالب إدارة المدرسة، التي طلبت من أبنائه مبالغ مالية كدعم للبنك المركزي اليمني، بعد أن وجهت جماعة الحوثي عبر وزارة التربية والتعليم الخاضعة لسيطرتها بتنظيم حملات في المدارس تهدف إلى جمع الأموال من طلاب المدارس.
يقول عبدالكريم: "صعقت عندما قرأت الرسالة التي سلمني إياها ابني الصغير (8 سنوات) قال إنها من المدرسة، وتطالبني فيها بدفع مبلغ مالي لدعم البنك المركزي اليمني المهدد بالإفلاس. عندما سلمني الرسالة، اعتقدت لأول وهلة أنها تطلب مبلغاً لدعم مرتبات المدرسين المقطوعة منذ أشهر حتى يتمكنوا من مواصلة عملهم في التدريس، لكن لغة الرسالة كانت مشحونة بالعبارات الدينية ثم مفردات الحرب وضرورة دعم البنك المركزي لمواجهة ما وصفه ب (العدوان الأميركي على اليمن)".
وأضاف عبدالكريم أن أبناءه أكدوا له بأن "فريقاً مسلحاً من المقاتلين قدموا على متن سيارة عسكرية ودخلوا المدرسة ثم توزعوا على كافة الفصول، وألقوا محاضرة تحدثوا فيها عن أهمية دعم الاقتصاد ودعم البنك المركزي، وأن ذلك شكل من أشكال الجهاد ضد أعداء البلاد.
وعرضوا على الطلاب الصغار بعض صور الضحايا المدنيين القتلى وعلى ملابسهم الدماء، وحثوهم على التبرع للبنك المركزي من أجل الصمود في مواجهة الأعداء"، معبراً عن انزعاجه الشديد لهذا السلوك المرعب أمام الصغار من "يحملون أحاسيسَ مرهفة تجاه هذه المناظر، وسرعان ما يصدقون ما يقال لهم، خاصة مع ما يتم عرضه عليهم من صور ويلقى عليهم من آيات قرآنية".
جيوب الحوثيين
يرجح عبدالكريم أن هذه الأموال تذهب إلى جيوب القيادات الحوثية، وإن كانوا يقولون إنها تذهب إلى البنك المركزي بسبب استمرار أزمة دفع مرتبات موظفي الحكومة منذ 4 أشهر.
يقول: "لم نسمع في أي زمان ومكان أن يتبرع المواطن الذي انقطع راتبه لأشهر لصالح البنك المركزي أكبر بنوك البلاد والمسؤول عن دفع الرواتب.
هذه الأموال تذهب لأرصدة المشرفين الحوثيين أو لقتل مزيد من اليمنيين"، مطالباً بالتوقف عن الاستمرار في إقحام المساجد والمدارس في قضايا سياسية بحتة كهذه تقدس الانتقام وسفك الدماء، خاصة أن من يقتل ويُقتَل يمنيون وعلى أرض يمنية.
"فتح ساحات المدارس لمواضيع كهذه تزيد حالات تجنيد الأطفال والقلق النفسي وتزيد الجدال السياسي العقيم، وترسخ الأحقاد في قلوب الأطفال الرطبة ضد أبناء المناطق الأخرى من نفس البلاد، وهذا ما نتوقع من التعليم محاربته"، مشيرا إلى أن الطلاب في أمس الحاجة اليوم إلى تعلّم قيم التسامح والوحدة الوطنية، ويحتاجون إلى مساحات مفتوحة من برامج الترفيه والمرح وأهمية التوحد ضد قضايا مشتركة مثل الفقر والأمية، مع إطلاق المواهب الفنية بعيداً عن كل هذه المواضيع السوداء، بحسب قوله.
ورغم معارضة عبدالكريم هذه الحملات، إلا أنه تبرع بمبلغ زهيد خوفاً من أن يتم استهداف أبنائه وعدم الاهتمام بهم في المدرسة، في حال رفض التبرع. يقول: "لم يكن أمامي إلا الاستجابة والتبرع خوفا من أن يتم إفشال أبنائي في المدرسة بسببي، أو تصنيفي ضمن مؤيدي الخصوم".
سرقة الطلاب
من جانبه، يستنكر الأستاذ في إحدى المدارس الخاصة، يحيى أبو عمار، ما وصفه ب "سرقة الطلاب" في ظل انحسار أسباب الرزق والظروف الصعبة التي يعيشها أولياء الأمور.
ويؤكد أبو عمار أن السلطات المسيطرة على المدينة تنهب الطلاب وأولياء الأمور "بمسميات شتى، فمنها حملات المجهود الحربي وحملات دعم البنك المركزي في ظاهرة غريبة لم يسبقهم إليها أحد"، مشيرًا إلى أنهم "قاموا بالنزول إلى المدارس وفي ظل عدم صرف الرواتب منذ حوالى خمسة أشهر، يطلبون من الطلاب التبرع". يقول ل "العربي الجديد": "أوضاع المعلمين أكثر من مزرية، وبالرغم من إيجاد حلول لإنقاذ المدرسين، يجمع الحوثيون التبرعات من مصروفات الطلاب كدعم للبنك المركزي".
وأضاف أبو عمار أن "مجاميع من المسلحين يدخلون المدارس ويقومون بأخذ مصروف الأطفال على مرأى ومسمع من المعلمين، الذين لا يتقاضون أجوراً يسدون بها رمقهم، لافتاً إلى أن المسلحين يأخذون ما يملكه الطلاب من مال ويتركونهم يتضورون جوعاً وخلفهم أسرة صبرت وربطت على بطنها، كي تعطي أطفالها ما يسدون به جوعهم".
ويواصل: "لم نسمع من قبل أن البنوك المركزية لا تنهض إلا على أكتاف مصروف الأطفال والتلاميذ". ويشير أبو عمار إلى أن بعض الطلاب يسقطون على الأرض مغشياً عليهم من أثر الجوع، بسبب شدة فقر أسرهم، وأن هذه أصبحت ظاهرة منتشرة في العديد من المدارس اليمنية. كما استغرب أبو عمار قيام الحوثيين بجمع الأموال من الفقراء والأطفال في المدارس، وترك التجار وأصحاب رؤوس الأموال الطائلة والسياسيين، الذين بإمكانهم التبرع دون أن تتغير أوضاع أسرهم.
طالب الثانوية، خالد الشرعبي، رفض التبرع للحوثيين، فهو يعرف أن هذه الأموال تذهب لقتل مدنيين غالباً في محافظة تعز وغيرها من مناطق القتال. يقول ل "العربي الجديد": "عندما جاء المسلحون للمدرسة، طلبوا منا التبرع للبنك المركزي لأنه سيفلس، لكني أعرف أنهم يأخذون الأموال من أجل قتل اليمنيين ولهذا رفضت التبرع بمصروفي اليومي رغم كلامهم الحماسي والذي أثر في أغلب زملائي".
وأضاف: "قتلت الحرب بعض أفراد أسرتي، فكيف أصدقهم بأنهم يجمعون الأموال من أجل الحفاظ على الاقتصاد؟ كيف نصدقهم بأنهم يريدون مصلحة اليمن وهم من تسببوا بتدميره؟"، لافتا إلى أنه لا يخشى أن يقوم بعض المدرسين المؤيدين للحوثي بمعاقبته عن طريق خصم بعض الدرجات، فهو يؤمن بأنه يفعل العمل الصحيح.
ويشير الشرعبي إلى أن كثيرًا من المدرسين رفضوا حملات التبرع هذه، لكنهم لم يستطيعوا إيقافها أو منع المسلحين من تنفيذها في المدارس أو إبداء رفضهم خوفا من أن يتعرضوا للأذى.
سوء تغذية
تساهم الحرب المستمرة في اليمن في نتائج سيئة غير مسبوقة على الصعيد الإنساني، خصوصاً لدى الأطفال في سنواتهم الأولى وطلاب المدارس. وكانت أحدث تلك النتائج بلوغ الوضع الإنساني والصحي للأطفال أعلى معدلات الخطورة بتضاعف عدد المصابين بسوء التغذية الحاد إلى 460 ألف حالة، أي بزيادة 200 بالمائة عن نفس عدد الحالات قبل الحرب عام 2014.
وبلغ عدد الأطفال اليمنيين الذين يعانون من سوء التغذية الحاد المزمن (التقزم) نحو 2.2 مليون طفل يحتاجون إلى المساعدة الطارئة بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف". وهي أرقام عالية جداً وحرجة تضع اليمن ضمن أسوأ سبع دول على خريطة سوء التغذية في العالم، حيث أصبح الحصول على الغذاء أكثر صعوبة. وتؤكد اليونيسف بأن الأطفال أكثر من يدفع ثمن الحرب في اليمن، إذ أن سوء التغذية والأمراض يتسببان بوفاة طفل واحد على الأقل كل عشر دقائق. ولم تنفق المنظمات الدولية على مكافحة سوء التغذية خلال العام المنصرم سوى 61 مليون دولار بالإضافة إلى 30 مليون دولار لتسيير العملية التعليمية، ليعد ذلك دعما شديد التواضع ولا يرافقه أي دعم من الحكومة اليمنية أو سلطات الحوثيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.