منذ الوهلة الاولى للانقلاب في نهاية 2014م بدأ العد التنازلي في توقف الخدمات العامة، فكان اول ضحايا مليشيات الحوثي والمخلوع تعطيل القطاع الصحي، ولاحقا اعلنت وزارة الصحة توقف خدماتها الطبية في عدد من المحافظات ومنها محافظة حجة، ليغرق سكانها في وحل الاوبئة والامراض التي لم تعهد بعضها كالكوليرا وحمى الضنك وسوء التغذية بين الاطفال وغيرهم.. اكثر من مليوني نسمة هم سكان محافظة حجة اغرقتهم سياسات المليشيات على مدى عامين ونصف في وحل الامراض والاوبئة التي لم يعهدوا بعضها، في الوقت الذي انحسرت فيه ان لم تكن انعدمت الخدمات الصحية، لتتضاعف بذلك مضاعفة معاناة السكان، كما جعلت بتلك السياسات الهمجية الموت للجميع (فمن لم يمت بالحرب العبثية مصيره الموت جوعاً او مرضاً).. الصحوة نت تناولت هذا الملف المهم وكيف حولت المليشيات حياة المواطنين فيها الى جحيم.. الى التفاصيل: مرافق صحية.. مشلولة منذ بداية الانقلاب المشؤوم اعتمدت المليشيات سياسة الفيد، فحولت الخزينة العامة للدولة لصالح مشرفيها وتمويل حروبها العبثية، ما يعني ايقاف كافة النفقات التشغيلية لمؤسسات الدولة ومنها قطاع الصحة الذي توقفت خدماته العامة نتيجة لذلك، وصل حد انعدام ادوات الاسعافات الاولية البسيطة التي لا يجدها المواطن اذا ما توجه لاحدها ... يقول ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن الدكتور أحمد شادول بان الوضع الصحي في اليمن في تدهور مستمر وينذر بالخطر، مشيرا في مقابلة صحفية له نهاية ديسمبر الماضي بأن (المرافق الصحية التي كانت تعاني أساساً من شحة الأدوية تجد نفسها الآن بلا أي دعم يضمن استمرار تشغيلها، بالإضافة إلى تفاقم الوضع الصحي بصورة أكبر بعد إيقاف الميزانية التشغيلية لوزارة الصحة العامة والسكان ونتيجة لذلك، لم تتلقَ المرافق الصحية في اليمن أي دعم مالي لتغطية النفقات التشغيلية ودفع رواتب الموظفين ) .. محافظة حجة كانت من اكثر المحافظات تأثرا بسياسات الانقلابيين خاصة في هذا القطاع الحيوي المهم، حيث توقفت فيها كافة المرافق الصحية عدا هيئة المستشفى الجمهوري والمستشفى السعودي بمركز المحافظة اللذان خصصا بشكل كبير لاستقبال قتلى وجرحى التمرد.. وتشهد المحافظة اسوأ عهودها لتغرق في وضع صحي كارثي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وسط لامبالاة لسلطات الامر الواقع ازاء هذه الكوارث التي تسببوا فيها.. مباني بلا كادر تذكر الاحصائيات الرسمية للعام 2013م بأن عدد المرافق الصحية بالمحافظة بلغت ( 475 مرفقاً) منها مستشفيان مركزيان و(16 مستشفى ريفي) و(264 مركزا ووحدة صحية) و(188 مركزا للامومة والطفولة) موزعة بين 31 مديرية.. الا ان واقع هذه المنشئآت يصدق فيها القول بأنها (خاوية على عروشها) فلا يوجد في معظمها اجهزة تشخيص فضلا عن انعدام الادوية فيها. كما تشير الاحصائيات الرسمية بأن المحافظة تفتقر للكادر الطبي حيث لا يوجد بها سوى 18 طبيب أخصائي و98 طبيب عام، مقابل مليونين ومائة الف نسمة فيها.. مرافق حولت لثكنات استخدامت المليشيات -كما هو معهود عنها- منذ بداية حروبها العبثية المنشئآت المدنية للاحتماء بها، غير ان امعانها في زيادة معاناة المواطنين لم يمنعها من استخدام العديد من المرافق الصحية ثكنات مسلحة، خاصة في المديريات الحدودية، ما جعلها عرضة للقصف والدمار. وفي مقدمة تلك المديريات التي تعرضت منشئآتها الصحية للتدمير (حرض وعبس وبكيل المير ومستبأ) والتي تسببت المليشيات ايضا في نزوح اكثر من 90 % من سكانها. انتشار الاوبئة سجلت محافظة حجة خلال العامين الماضيين ارقاماً مخيفة في الاصابة بالعديد من الامراض الفتاكة، حيث بلغ عدد المصابين بسوء التغذية من الاطفال اكثر من 150 ألف طفل وطفلة مرشحة للزياة وسط انعدام الخدمات الطبية تسبب في وفاة المئات منهم. فيما سجل مكتب الصحة بالمحافظة وفاة العشرات واصابة الآلاف بمرضي الكوليرا وحمى الضنك اللذان اجتاحا العديد من المديريات لاول مرة في تاريخ المحافظة في ظل سلطات المليشيات التي تزيد في تضييق الخدمات الطبية للمواطنين. هذه الارقام المخيفة اثارت مخاوف السكان من استمرار انتشار الاوبئة فيما بينهم، الى جانب العديد من الامراض المختلفة التي يواجه المواطن صعوبة في تكاليفها نتيجة الوضع المادي الصعب الذي يعيشونه. خصخصة الدعم الدولي في ظل الاوضاع الاستثنائية كانت هناك تدخلات لعدد من المنظمات الدولية الداعمة لقطاع الصحة في عدد من المجالات الطبية الا ان ذلك الدعم ظل طيلة العامين الماضيين مخصصاً للميليشيات، فيما حرم منه المواطنون المغلوب على امرهم. وتشير مصادر مطلعة في مستشفيات الجمهوري والسعودي بأن مشرفي التمرد يمنعون صرف اي ادوية او تقديم خدماتها الطبية اللازمة للمواطنين في الوقت الذي تفتح فيه غرفها وخدماتها لجرحى حروبها بلا حدود.. عودة للتداوي بالكي والاعشاب ونتيجة لحصر خدمات المشافي لصالح الميليشيات، حاولت احدى المنظمات الدولية تقديم خدمات طبية من نوع آخر بحيث تلامس المتضررين من المواطنين خاصة سوء التغذية بين الاطفال، والتي خصصت حوالي عشرين عيادة متنقلة لمعالجة سوء التغذية الذي سجل اكثر من 150 ألف حالة بالمحافظة، الا ان قيادات التمرد لم يرق لها تقديم مثل هذه الخدمات للمواطنين خاصة وانها كانت تقوم بالنزول الميداني للقرى والمحلات في المديريات.. فوجهت بمنع عمل هذه العيادات المتنقلة تحت مبرر الوضع الامني، لتحرم منها المستفيدين البسطاء الذين اغرقتهم سياسات التمرد في وحل الفقر والمرض.. وفي ظل هكذا وضع صحي كارثي اضطر السكان للعودة الى استخدام الطرق التقليدية في معالجة الامراض التي يصابون بها، كالكي والاعشاب والدلك وغيرها من الطرق التي تعود الى ما قبل عصور الطب، وبصورة عشوائية تزيد بعضها من مضاعفات الامراض التي تصيبهم. ومن ابرز الاسباب التي دفعت بالاهالي لاستخدام هذه الوسائل التقليدية الفقر المدقع الذي اوصلتهم اليه سلطات الانقلاب، وتعطيل المرافق الصحية العامة التي كانت تغطي جزءا لا بأس به من احتياجاتهم، الى جانب عرقلة اي تدخلات للمنظمات الدولية العاملة في هذا المجال ...