الغيرة - بفتح الغين - هي شعور ينتاب شخصا أو طرفا ما أن علاقته أو مكانته بشخص أو طرف آخر مهددة من قبل آخرين . و هناك من يفصل بين الغيرة المحمودة و الغيرة المذمومة . و هذا ليس موضوع حديثنا هنا . كما لن أتعرض للحديث عن الغيرة بين الزوجات ، لأنني غير مؤهل لذلك باعتباري ( موحدا) ! هل يغار الأبطال من بعضهم ؟ الأبطال الحقيقيون لا يغارون من بعضهم؛ لأن البطل يسعده و يسره أن يكثر إلى جانبه الأبطال ، فالنور إلى النور ضياء . إنما تكون الغيرة من الجبناء ، فبدلا من بذل التنافس الإيجابي ، أو على الأقل التكامل مع الأبطال ؛ بدلا من ذلك تكون الغيرة منهم ، و بمعنى آخر تكون الغيرة بين الصفر و الرقم الصحيح ، و لك أن تقول : بين الأصفار و الارقام الصحيحة . فهل للصفر منفردا أو الأصفار قيمة ؟
و ليس لصفر قيمة ساعة الوغى فمنذ متى الأصفار في الحرب تنعد
فإن صحيح الرقم يغنيك في الوغى و تخذلك الأصفار و الليل مسود
الأرقام الصحيحة لا يضيرها أن يتقدم رقم عل رقم و لا تغار من ذلك ؛ لأنها تبقى محتفظة بقيمتها و تزداد قوة ( الأبطال) الأرقام حولها . المشكلة في الأصفار ، مهما ضربتها ببعضها تكون النتيجة صفرا، و مها أضفت أصفارا على أصفار تبقى النتيجة - أيضا - صفرا، فإذا وضعتها في المقدمة فإنها تضعف الأرقام الصحيحة و تخذلها . لكن حين يتقدم الرقم الصحيح، فإنه يعطي للصفر قيمة، و مهما تعددت الأصفار بعد الرقم الصحيح تكبر قيمتها . ليس هنا مشكلتنا ، المشكلة أن الأصفار تغار من الأرقام الصحيحة، و تدفعها الغيرة إلى البحث عن مكانة ليس بالتوافق و التعاون و التحالف مع الأرقام الصحيحة، و لكن تدفعها الغيرة فتقنع ذاتها أن تسابق لتضع نفسها في المقدمة و قبل الأرقام الصحيحة، و تذهب لاستجلاب و جمع أكبر ما يمكن جمعه من الأصفار . الفارق أن الأرقام الصحيحة لا تحتقر الأصفار و لا تستهين بها ، بل تحولها من صفر إلى قيمة ، لكن غيرة الأصفار و منافستها على المقدمة تبقيها صفرا و تشوشر برنين و ضجيج انتطاح الصفر بالصفر على الأرقام الصحيحة . هنا تكمن مشكلة غيرة الأصفار التي تغرق في المناكفات و المكايدات التي تذهب إلى حد اتهام الأرقام الصحيحة بالإقصاء و الإبعاد و الاحتكار ، و تتناسى بل تتنصل من حقيقة أن قيمتها كصفر أو أصفار لا تتحول إلى قيمة إلا بالتكامل مع الأرقام الصحيحة . ما أجمل و ألطف التعاون و التكامل !! لنترك الغيرة و الأرقام و وجع الدماغ ، و نعرج إلى كلمة الغيرة - بكسر الغين - التي تعني الميرة أي الطعام يجلب ، ثم توسع استعمال الكلمة إلى كل مواد التموين للجيش و منه جاءت كلمة ميري .