زعماء العالم –الكبار منهم والصغار- هم بشر مثلنا، ويعتريهم مايعتري غيرهم، ويقال إن (إنجيلا ميركل) –مستشارة ألمانيا الاتحادية –تخاف جداً من الكلاب لأن واحداً منها عضها وهي صغيرة فأورثها عقدة نفسية، وما تزال حتى الآن تتذكر أنيابه المخيفة! ومن الشائع أن زعماء الدول يدرسون طبائع بعضهم بعضاً، ويسعون لمعرفة نقاط القوة والضعف حتى يستغلوها لتحقيق مكاسب لبلدانهم، ولذلك فعندما زارت (ميركل) روسيا فاجأها الرئيس بوتين بإهدائها كلب صغير .. ولم تقتصر الحرب النفسية الروسية على (الجرو) فقد حرص (بوتين) على أن يصطحب معه كلبه الضخم أثناء اجتماعه مع ضيفته، وأجلسه بجانبه وهو يناقش معها العلاقات الإستراتيجية بين البلدين! ولا توجد معلومات عن النتائج التي حققها بوتين من إرعاب (ميركل) بالكلب الضخم .. مع أن غيره كان يمكن أن يحضر معه (فأر) ويرميه بين رجلي السيدة الألمانية الأولى وهو يطالبها بتقديم مساعدات أو كف الأذى عن بلاده! الرئيس الكوري الشمالي ابن (كيم إيل سونغ) الذي كان أول وارث للسلطة في بلد جمهوري .. هذا الزعيم الذي يرعب أشقاءه الكوريين الجنوبيين ويقلق الأمريكان بسبب أسلحته النووية .. ولكنه في الوقت نفسه يخاف ركوب الطائرات بعد أن سقطت به طائرة هيلوكبتر في إحدى المرات، وربما يفسر هذا شغف الزعيم الكوري بصناعة الصواريخ .. نكاية في الطائرات! وللأسف لاتوجد معلومات مشاعة عن العقد النفسية للزعماء المستبدين الذين أرهقوا شعوبهم وأفقروا بلدانهم .. لكن هؤلاء بالتأكيد يكرهون شيئاً اسمه: الدساتير والقوانين، ولذلك يمكن إخافتهم أو إزعاجهم بأن يلتقي بهم الخصوم وهم يحملون في أيديهم نسخاً من الدساتير والقوانين ويلوحون بها في وجوههم وهم يتحاورون معهم .. لمزيد من العكننة!! يمكن الاستفادة من ظاهرة العقد النفسية لدى الزعماء في وضع شروط مسبقة للراغبين في ترشيح أنفسهم للرئاسة لضمان الحصول على أفضل نوعية .. فمثلاً: - اشتراط أن يكون المرشح قد بلع (نقوداً) وهو طفل صغير لضمان أن يكون مصاباً بعقدة نفسية تجاه (النقود) فيكرهها ويكره النهب، وسرقة المال العام، والفساد المالي .. ويقضي مدة الرئاسة زاهداً متقشفاً! - اشتراط أن يكون المرشح قد تعرض للضرب المبرح على يد أبيه أو معلمه بسبب كثرة الهدار .. لضمان أن يكون مصاباً بعقدة نفسية من الكلام فيقضي رئاسته دون أن يزعج شعبه بالخطب الطويلة، ويستبدلها بالعبارات المختصرة! - اشتراط أن يكون المرشح مصاباً في عينيه نتيجة تعرضهما لضوء قوي سبب له عقدة نفسية من الأضواء .. لضمان أن يكون الرئيس زاهداً في الظهور أمام الكاميرات وكارها للاحتفالات والمهرجانات والاجتماعات العامة هروباً من آلات التصوير والأضواء المبهرة! وربما كان الشرط الأفضل هو أن يكون المرشح للرئاسة مصاباً بعقدة من الجلوس على الكراسي بسبب حادثة قديمة مؤلمة كمثل أن يكون زميل له سحب الكرسي الذي كان يهم بالجلوس عليه فسقط على ظهره وأصيب عموده الفقري وارتطم رأسه بقوة بالأرض، فصارت لديه عقدة نفسية من الجلوس على الكرسي.. وهذا سوف يضمن أن المرشح سيكون كارها للكرسي ويتمنى انتهاء ولايته –الأولى والأخيرة- بسرعة .. وأبوه الكرسي!
أنا .. والدكتور!
اتضح أن الحكومات اليمنية خبيرة في علم النفس والعلاج النفسي، وسبقت العالم في اتباع أحدث نوع من هذا العلاج! هذا السبق تأكد بعد نشر دراسة أجراها باحثون بريطانيون، ونشرت في مجلة: لانست الطبية، وكشفت أن هناك طريقة فعالة وغير مكلفة للتخفيف من آلام بعض الأمراض وخاصة آلام الظهر .. وأن المرضى يشعرون بالتحسن كلما عولجوا بها! بإيجاز .. الطريقة كانت الجلوس مع المرضى والحديث –أي الهدار- معهم حول المرض ومظاهره وكل ما يتصل به! ولنا الفخر في بلاد السعيدة .. فالحكومات اليمنية ظلت منذ إعلان الحرب على الفساد وهي تتحدث عنه مع المرضى –أي الشعب اليمني الذي يعاني منه- دون توقف وبكل وسائل الإعلام المعروفة عند البشرية، وتشكل له الهيئات والمؤسسات وتصدر القوانين والمراسيم، وتطلق التحذيرات والتهديدات! الفارق الوحيد .. أن طريقة البريطانيين وحديثهم عن الآلام أدى إلى تخفيفها .. أما عندنا فلم يحدث شيء ولم يخفف ألم بل زادت الأوجاع وتفاقمت! السبب في اختلاف النتائج .. أن البريطانيين استخدموا (الكلام) لتخفيف الآلام .. أما عندنا فقد استخدموا الكلام واللت والعجن لتخدير الشعب عن المصائب التي حلت به وتركوه بلا علاج!
في مزاد .. السياسة العربية!
من عوامل نجاح الغربيين في السيطرة على العالم أنهم يدرسون نفسية الزعامات التي يتعاملون معها وخاصة أولئك الذين يحكمون بلدانهم حكماً فردياً تماماً كما يفعلون عندما يدرسون حاجات السوق، وطبائع المستهلكين وأذواق المشاهدين لفتح أسواق لمنتجاتهم وبضائعهم. وفي أكتوبر 1973م جاء وزير الخارجية الأمريكية الشهير (هنري كيسنجر) إلى المنطقة العربية ليدير مباحثات وقف إطلاق النار في حرب أكتوبر ثم مباحثات السلام. وقيل –على ذمة الأستاذ محمد حسنين هيكل- في كتابه: خريف الغضب- إن الخبراء الأمريكان في نفسيات العرب وطبائع حكامهم وضعوا بين يدي كيسنجر خلاصة تجاربهم، وحددوا له طريقتين في التعامل الناجح الذي يفتح له قلوب الزعامات العربية ويجعلها تعطيه مايريد .. وأكثر! التقرير الذي اعتمد عليه (كيسنجر) في مباحثاته مع الزعماء العرب –وخاصة السادات- كان بعنوان (السوق والخيمة) وكتبه أحد أساتذة جامعة (هارفارد)، ويتضمن فلسفة ساخرة مضمونها أن القرار العربي يصدر في خيمة الشيخ –أو الزعيم- الذي يملك مقاليد الأمور في شئون قبيلته –أو دولته- ولذلك فإن على (كيسنجر) أولاً أن يكتشف من هو (الشيخ) في الخيمة .. الأمر الآخر أن أسلوب التفاوض يدور بمنطق (السوق) حيث تكون المساومات صاخبة والأصوات عالية، وحيث ينطلق القسم المغلظ كل لحظة يحلف بأن هذا آخر سعر وأن النزول بعده ظلم كبير، ومع ذلك تظل المساومة على أشدها، ولذلك فإن على (كيسنجر) أن يعد نفسه لمساومات لا ينفذ صبرها في السوق! تقرير مضبوط وتوصيات صالحة للاستخدام حتى بعد مائة عام إن لم تتغير الحتمية .. والسوق!
وقد ينجيك إغفالٌ، ويرديك احتراسُ فوائد انقطاع .. الكهرباء! الجانب السلبي في ظاهرة انقطاع الكهرباء هو تلك الملايين من اللعنات والشتائم التي يوجهها ملايين اليمنيين .. لمن يهمهم الانقطاع! أمام الجانب الإيجابي .. فهو أن السلطة ترتاح من دوشة القنوات الفضائية التي تكشف المستور والمخفي .. وخلال أزمة مأرب الأخيرة؛ تعرضت بعض الصحف للتأخير، ولو تفاقمت الأزمة لربما توقفت عن الصدور، ولأن قارئاً قد يقول ‘إن السلطة تخسر أيضاً بانقطاع الكهرباء لأن الشعب لايشاهد القنوات التلفزيونية الرسمية .. فإننا نبادر إلى التأكيد بأن السلطة تكسب في هذه الحالة أيضاً .. كيف؟ لأن مشاهدتها تؤدي إلى انخفاض شعبية السلطة وفقدان الثقة بينها وبين مواطنيها!