سريعا، تلاشى غرور الشرذمة الإمامية ومليشياتها الحوثية بالقضاء على الشرعية، كما لو أنه زوبعة في فنجان. تبخرت أحلامهم على قمة جبل هيلان، وتحولت إلى سراب في صحراء الجوف، بفعل انتصارات الجيش الوطني الأخيرة. لوهلة ظنت الشرذمة الإمامية أنها قادرة على احتلال مأربوالجوف في هجمة خاطفة..بعد أن استبد بها جنون الهيمنة وأغراها سقوط "الفرضة الحزم" فدفعت بالآلاف من المغرر بهم نحو مأربوالجوف كما لو أنها تخوض معركتها الأخيرة، ليتلقفهم الجيش الوطني ويبيدهم عن آخرهم. وحين عاد لها عقلها، عادت كعادتها للاستنجاد بالمبعوث الأممي، ولاستجداء هدنة مؤقتة من خلاله، للملمة هزيمتها وخسائرها البشرية الهائلة. لا تراهن الشرذمة الإمامية على مليشياتها الحوثية، بقدر مراهنتها على كسب دعم القوى الخارجية الطامعة في اليمن والخليج وخيرات المنطقة. لقد ظنت أنها ستحقق مكاسب خاصة من خلال العمل كوكيل حصري للقوى الإقليمية والدولية لزعزعة استقرار اليمن والخليج. وأن بإمكان الدعم الخارجي هذه المرة أن يسهل لها ابتلاع مأربوالجوف في أيام معدودة، ومن ثم تتجه جنوبا وشرقا نحو حضرموت وعدن وشمالا نحو حدود المملكة. على مدى شهرين من الهجمة العسكرية الشرسة، لم تحصد مخلفات الإمامة سوى خيبة الأمل، وهي التي كانت تظن بأنه لا يفصلها عن تحقيق أحلامها في استعادة نظام الإمامة الكهنوتية بشكل كامل سوى أيام من الحرب في مأربوالجوف.
ورغم أنها تكبدت هزائم قاسية وخسائر بشرية ومادية هائلة سابقا في مأربوالجوف إلا أنها لا تتعلم من ماضيها. لم تتعلم أنه لا يمكن لمليشياتها السيطرة على مأرب مهما حشدت وجيشت، ومهما ساندها الإقليم والخارج. حين حاولت مليشيا الحوثي قبل عام إسقاط مأرب من خلال تمرد بائس في منطقة الأشراف قلنا أنه لا يمكن لأي مخطط للسيطرة على مأرب أن يكتب له النجاح مهما توافرت له الفرص والإمكانات. فهذه المحافظة ظلت عصية على التشرذم وستظل كذلك، وحمت نفسها من أهم مسببات الضعف والهزيمة، إذ الحوثي لا ينتصر إلا في المناطق المتشظية وعلى المنقسمين. وفي هذه المحافظة فشل الحوثي في تمرير خدعته المعتادة، خدعة تحييد الأطراف عن مناصرة بعضها ثم التفرد بهم واحدا تلو الآخر. وفيها كما في كل محافظاتاليمن الكثير من الأبطال الذين سيدحرون الحوثي من لبنات الجوف وجبل هيلان ومن كل شبر في اليمن، ويعيدونه ككرة الجولف إلى كهف مران.