* تزعم الحوثية أن زكاة الخمس من صميم الدين الإسلامي فهل هي كما تزعم؟ أم أن ذلك له أهدافا اخرى وماهي؟ - هذا ما ستحاول المقالة الإجابة عليه من خلال الآتي: أولا: إن القول بأنها من صميم الدين الإسلامي افتراء واضح يستجر اقوال فقهاء من مختلف المذاهب الإسلامية "سنية وشيعية " وهذه الأقوال المذهبية تمثل أول سياسة تطييف للدين الإسلامي ابتداء وخارج المبادئ الأساسية والركائز الكلية والشاملة لمفهوم الدين ذاته، فجوهر الدين الإسلامي هو العدالة والحرية وهي قيم وفضائل كونية وانسانية عظيمة ، وبالتالي فالقول بأنها من صميم الدين الإسلامي افتراء محض ، تبعا لتضاد هكذا قول او فعل او اجراء مع المبادئ الحاكمة والناظمة لجوهر الدين ذاته؛ العدالة والحرية اعني ! - واذا كانت الشريعة الإسلامية بضروراتها الخمس(النفس والدين والنسل والعقل والمال) وما اشتملت عليه تؤكد مركزية الإنسان وأن الدين جاء ليؤكد هذه الكليات ومصلحة الدين هي ذاتها مصلحة الإنسان نفسه ؛ فإن كل قول او فعل او اجراء او قانون او حتى تأويل لآية كريمة يتعارض مع تلكم الكليات والضرورات الخمس فإنه ليس من الشريعة ومبادئ الدين في شيئ ، بل مضاد للدين عينه وللإنسان ومصالحه وضروراته ككل. - وعليه فإن الآراء في هذه المسألة او غيرها يعتبر افتئات على الدين ذاته ، كما يعتبر كل اجراء جريمة بحق الإنسان ومصالحه وشرعة الله وعدله الذي جاء به الدين عينه " فالإنسان غاية مافي الطبيعة" كما يقرر ذلك العلامة ابن خلدون، وماهكذا قول واجراء وفعل الا عنصرية مقيتة ما انزل الله بها من سلطان ، ناهيك عن ما ينطوي ذلك من سلب الدين لجوهره ومرتكزاته ومبادئه السامية ، وتحويله من ثم إلى دين عنصري مضاد لفطرة الله وعدالته التي اودعها في الدين وكان الإنسان محور ومدار اهتمامها ككل. ثانيا: اهداف الحوثية من وراء ذلك ومبتغاها: ----------------------- - تهدف الحوثية نقل الصراع من جوهره "انقلاب وشرعية" إلى كونه صراعا طائفيا وبالتالي فهي تستدر سياسة الهوية وتطييف المجتمع والشعب اليمني وتقسيمه على اسس اثنية ومذهبية ، تبعا لفشلها في تجييش اليمنيين وتعبئتهم ايدلوجيا من اجل اتباعها وتبعيتهم لها ، اضافة إلى احداث شرخ سياسي واجتماعي وثقافي في جسم المجتمع اليمني ، سواء كان هذا المجتمع سياسي او اجتماعي او ثقافي ، وهذا يفضح مدى تساوق الحوثية مع سياسات التمييز الخارجية اقليمية ودولية والتي تتدخل لحماية هكذا اقليات موبوءة وتنتهج سياسة التطييف واستراتيجية اللعب على وتر المذهبية والطائفية الحساس ، ودغدغة عواطف من ينتمون لنفس الطائفة تلك من مختلف المنتمين للأحزاب والقوى المناهضة للحوثية ، وبالتالي نقل جوهر الصراع ومتغير الحرب الأساسي المتمثل بانقلابها على شرعية الشعب واتخاذها من اليمن مطية في اجندات طائفية واثنية قذرة ، وهذا ما سيخلق لها رئة تنفس جديدة بعد هذا المسار المضني والذي لم تفلح فيه ؛ حيث ان سياستها هذه والتي عنونتها ب"خمس" بني هاشم هو جزء من استراتيجية دولية خبيثة تهدف إلى تقسيم اليمن وفقا للإثنية والمذهبية والطائفة وان لم تستطع تلكم الإستراتيجية النفاذ للقلب كالتقسيم على اساس دول وكنتونات مغلقة وقاتلة وهووية مرذولة ، فعلى الأقل اتخاذها كأساس في ايجاد حلول سياسية لمسارات دولية تتخذ من تلكم السياسة الهووية جزء من استراتيجياتها ، وبالتالي شل فاعلية القوى والأحزاب المناوئة لها وجعل الحوثية كأثنية ومذهب وطائفة رافعة سياسية واجتماعية وثقافية لها كجماعة لها الحق في تقرير مصيرها السياسي والإجتماعي ، وما يعني ذلك من جعلها مرتكزا لتقرير مصير اليمن ومجتمعه وشعبه الذي لم يسلم لها يوما بذلك ، ولا اغرته هذه الألاعيب القذرة التي هي في الأساس استراتيجية خارجية لاستهداف اليمن ارضا وانسانا، عروبته ودينه معا. - اذ ان تخصيص اموال الأمة باسم الهاشمية السياسية النتنة انما هو في حقيقته احتكار واقطاعية وتدمير لإنسان اليمن ومصلحته وماله وضربا في العمق لدينه وتدينه وعروبته واسلامه وفئاته ومكوناته الإجتماعية والسياسية والثقافية برمتها، وهذه هي حلقة اخرى من مسلسل الويل و"تفاهة الشر" الذي تستدعيه الحوثية وتسترعيه جهاتها الخارجية والتي تقف وراء ولادتها ودعمها وتبنيها من لحظة البداية إلى اللحظة الراهنة.