إذا كانت الديناميكية بحسب " لوين كورت" هي ( مجموع القوى الإجتماعية والنفسية المختلفة والمتعددة والفاعلة والمتحركة التي تحكم تطور الجماعة )، وبنظر "هولنبك" على أنها(التفاعل النفسي والإجتماعي الذي يدور باستمرار داخل الجماعة بين اعضائها بشكل بنيوي وظيفي) ؛ فالإصلاح واحد من أهم الجماعات والقوى الحزبية التي اتسمت بالديناميكية والفاعلية ، تبعا لتمساكه الداخلي وتمأسسه القوي والملهم ، فأضحت فاعليته تلك وديناميته خالقة لكينونته لفاعليته لأنساقه المفتوحة والمنصبة على وحدة الأهداف الداخلية والمركزية لديه، واحدية الوجهة والإنتماء والمشرب الذي نهل منه، واحدية تأبى الإنقسام ، كما تأبى الإنغلاق والجمود والإنكفاء على الذات ، او الإستسلام للتحجر والإضمحلال ومن ثم التجزئ والإنقسام على الذات ، تبعا لتجزئ وانقسام القوى الحزبية والسياسية وسياسة التذرير المقتفاة سياسيا كحالة عامة تحكم المشهد السياسي اليمني برمته. هذه الدينامية والحركة الذاتية الإصلاحية والإنتماء الصميمي لوحدة الحزب واهدافه وبرنامجه واعضائه قد احدثت تطورا في العمل السياسي ، تطورا في الفكر والأيدلوجية ، وتطورا في الفعل والممارسة السياسية، في تحالفاته وانقطاعها اوتقاطعها مع بقية القوى، لكنه ظل منتصبا في ديناميكيته تلك، مؤثرا ومتأثرا بها وكل ما حولها والدائرين في فلكها؛ فازدادت فرصه السياسية وتوسع مخيال اعضائه السياسي ، تماسك جبهته الداخلية تبعا لتلك الدينامية ، اثمرت تماسكا وطنيا عاما ، وصيرورة يمكن التأسيس عليها ، ومجالدة واستعصاء يأبى الكسر او النكوص والتقوقع على الذات والإنسحاب السلبي والمميت سياسيا ومجتمعيا. فنما سياسيا ونمت لديه موهبة الفعل وكسر صنمية الأنساق المغلقة اجتماعيا ، ثقافيا ، مجتمعيا ككل، اذ عملت تلكم الدينامية فعلها فيه ابتداء وانعكست على ادائه وفعله والمكتسبات الوطنية ايجابية وفاعلية ، دينامية حررته من الجمود والإنغلاق والفئوية المدمرة ، نقلته من الفعل والعمل السياسي الخاص إلى رحابة ونسق الوطنية المسئولة والمفتوحة ، والمتقبلة للتنوع والتعدد وحق الإختلاف ، فتمثل بتلك الدينامية ركيزة وطنية وبؤرة مركزية في مشروع اليمن الكبير والعظيم القاضي بالتحول الديمقراطي البناء والملهم. اذ كان لتماسكه الإجتماعي الداخلي الأثر والتأثير المباشر على القضية الوطنية ، ووحدة الشعب ، وواحدية الوجهة والهدف لليمن ارضا وانسانا. نموه السياسي ورصيده الإجتماعي ورأسماله البشري واستقراره النفسي اسهم - ولايزال- في تأثيره الواعي والفاعل على التنمية السياسية ، ليس لاعضائه -فحسب- بل وعلى مستوى الوطن ، اذ ان جاذبية التماسك والتمأسس البنيوي والوظيفي لاعضائه اغرى وشجع بقية الأحزاب وادراك افراد المجتمع وجماعاته المختلفة بضرورة مجاراته ، ومغادرة مربع الجمود والإنغلاق والنسق الفئوي الذي تعتمره بعض الأحزاب والقوى المجتمعية ، اذ لا يمكنهم منافسته الا بالمجاراة تلك، المجاراة الإيجابية اعني ، خصوصا وان ديناميته تلك قد حكمت وعززت القناعة لدى الجميع بفشل كل محاولاتهم اقصائه ، النيل منه، سيما وقد اعتمر خصومه كل مثلبة ودعاية للنيل منه ولم يستطيعوا ؛ فديناميته تلك سر عطاءه، وسر تماسكه ، ووحدته الإجتماعية والنفسية وقوته السياسية ، كما عملت على تخصيب وتشذيب حركيته وفكره ومواقفه وعززت تواجده في قلب وخارطة الفعل الوطني ووجدان وضمير الشعب . ومثلما جعلت ديناميته تلك منه رقما صعبا في المعادلة الوطنية والكفاءة السياسية ، والقدرة على المبادأة وزمام المبادرة وصولا لمستوى القيادة للمرحلة رغم خطورتها وعناء وثقل كاهلها عليه، فإن تماسكه قد تخلق على جدران الهوية المشتركة وواحدية الوطن ، الأمر الذي يصب في صالح وتعزيز الإندماج الإجتماعي والسياسي والوطني والثقافي ، كما أن ديناميكيته تلك قد خلقت ثقافة سياسية مشتركة وولدت احساسا بالإنتماء لليمن ومدارا وبؤرة لتحركه واهدافه وسياساته وتحالفاته تأبى الضيم ، والكسر والتذويب ، والموت والفناء السياسي، ومن رحم الأداء والفاعلية تلك ووحدة الهدف والمسار ستفرض معادلة اخرى ورابطة وطنية اشمل واعمق واغزر ، عمادها الوطن وبناء الدولة مدخله ، وصوابية الفعل اساسه، سيما وأن الإصلاح وفي ذكراه الثلاثين بم يتضمن ذلك من فتوة وجسارة ووعي بالأخطار وجسامة المهام الملقاة على عاتقه أكثر قدرة من ذي قبل على مجابهتها والحاق الهزيمة بها ، فهو اليوم وفي هذه السن المجتمعية التي تدل على عنفوانه الوطني وقدرته الذاتية واكتمال وعيه ، ووضوح فكرته وفكره ، وتوسع تجاربه ، لأقدر من أي وكل قوة سياسية اخرى على اخراج اليمن من محنته تلك ، والواجب وطنيا وسياسيا واخلاقيا تمتين جبهته تلك ووجهته ، وتجسير العلاقات معه ، فالإصلاح ونسيجه وحده وطن ، أقدر على المضي باليمنيين نحو مستقبلهم وامنهم واستقرارهم وفعل تحررهم الوطني.