لم يترك الحوثيون لليمنيين خيارا غير خيار الحرب، وإن شئنا الدقة و الحقيقة فسنقول: لم تترك إيران لليمن و اليمنيين أي خيار غير خيار الحرب لمقاومة المشروع الظلامي للكهنوت الفارسي المتربص بالعرب أجمعين. ربما تعاملت أو تتعامل بعض الحكومات العربية مع إيران من منطلق المصالح المتبادلة، دون الأخذ بعين الاعتبار لمرامي إيران التوسعية، و مشروعها المستهدف لكل الدول العربية، و هذا حسن ظن في غير محله أبدا . فإيران لا تتعامل مع الدول العربية من هذا المنطلق بتاتا، مهما حاولت هذه الحكومة العربية أو تلك إقناع نفسها أن ضابط العلاقة بين الطرفين هما المصالح المشتركة ، و الاحترام المتبادل، فللنخبة السياسية الحاكمة، بل المتسلطة في إيران أهدافها الخاصة تجاه البلاد العربية، و هي أهداف غارقة في وحل الانتقام الذي تحمله نحو العرب . فالنخبة السياسية المتسلطة في إيران مشدودة بكل قوة إلى أمرين؛ إلى أيام القادسية و نهاوند من ناحية، و إلى (كورش) مؤسس الإمبراطورية الفارسية ، وهذه النخبة مهووسة في استعادة مسمى كسرى و لو تحت عباءة مصطلح ( الإمام ) لإرضاء عامة الشعب الإيراني الذي أغرقته عبر عصور بسيل من الخرافات التي استهدفت نقاء المبادئ الإسلامية و استبدالها بخليط من خزعبلات غابرة لتلفيقات يهودية و بوذية و فارسية، زعمت لمريديها عبر السنين أنها إسلامية، وراحت تبث و تدس ذلك الخليط المعبأ بالخرافات ذات الصلة بالثقافة الفارسية القديمة توسلا بها للوصول إلى استعادة امبراطوريتهم الغابرة. فلتعمل النخبة المتسلطة في طهران لاستعادة ماضيها، لكن ينبغي عليها أن تخلع القناع الذي تتسمى به و أنه إسلامي، و لتعمل بشفافية و وضوح بمسماها الخفي. غفوة النظام العربي، أو غفلته عن أطماع المشروع الإيراني في المنطقة العربية، حالة مزعجة و مخيفة، رغم ما تشهده أقطار عربية من استهداف إيران الممعن في الإضرار بهذه الدول . ما تعانيه العراق، و تكتوي به سوريا، و ما يجري في اليمن أو لبنان ؛ إنما هي نماذج متعددة و واضحة في الممارسة الانتقامية و التدميرية و التي لبّستها النخبة المتسلطة في طهران لبوس الدعم و المساندة. نعم هي تدعم و تساند عسكريا عصابات لها في هذه البلاد؛ لكنها لا تدعم غير مسار التدمير و الخراب، أما أنها تقدم أي مشروع خدمي أو اقتصادي، فهذا ما لا يمكن أن يكون ؛ فإيران إنما تريد محيطا مدمَّرا، لا يقوى على النهوض فضلا عن المنافسة. و إيران و هي تريد استعادة امبراطورية فارس إلى ما كان عليه الحال أيام الأكاسرة ، فإنها تريد معه محيطا حولها كما كان عليه العرب أيام اللخميين و المناذرة، مجرد حضور ذيلي تابع لهم . ما يسمى بأذرع إيران في المنطقة، ليسوا أكثر من عصابات مسلحة تتعيّش على ما تقدمه إيران لهم من فتات لخدمتها، و الإضرار بالبلاد التي يعيشون على ترابها و تحت سمائها. لا خير للبلاد العربية التي تتواجد فيها هذه الأذرع، أو تلك العصابات، حتى تتعاون الحكومات العربية بالضرب على يد هذه العصابات ، أو أن العصابات نفسها تتخلى عن تلك التبعية الذيلية في خدمة إيران، و إلا فإن الخطر الإيراني لن يقف عند هذا الحد، فحقدهم يتنامى، وبغضهم للعرب ضارب في عمق الزمن.