[email protected] ترث حكومة الوفاق الوطني - برئاسة الأستاذ محمد سالم باسندوة- تركة ثقيلة من الفساد المتراكم, مع اقتصاد هش, وإدارة كادت أن تصل إلى الفشل, إضافة إلى الممارسات العابثة وغير المسؤولة التي تمت خلال الأشهر الماضية, ونهب للمال العام - النقدي والعيني - وفوضى القرارات الإدارية التي وقعت بعجالة وطيش قبل تشكيل الحكومة, كل ذلك يضاعف الأعباء, ويصعّب المهمة, ولكن ذلك لن يحول دون نجاح الحكومة, ولاسيما أنها مدعومة شعبياً وإقليمياً ودولياً. كثيرون يتفاءلون بقدرة حكومة الوفاق على أن تقود الوطن إلى بر الأمان , فالآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية تمنحها اختصاصات النظام البرلماني, وهي لن تبقى أسيرة للتوجيهات العليا, ولن يقبل رئيسها وأعضاؤها أن يكونوا مجرد موظفين يتلقون الأوامر من الأجهزة الأمنية التي ظلت تدير الدولة من وراء الكواليس, وتتدخل فيما لا يعنيها ؛ فدمرت القيم والأعراف الإدارية وعبثت بالنظام والقانون, وهي تظن أنها تحسن صُنعاً !! ويبقى المواطن مترقباً ما ستقدمه الحكومة, فهو ينتظر إعادة الخدمات في المدى القريب, وتحسينها على المدى البعيد, مع إعادة أسعار المشتقات النفطية إلى ما كانت عليه في بداية الثورة, وكذلك استعادة فارق تلك الزيادات التي فرضت عليه, مع قيمة المنحتين السعودية والإماراتية ,وإجمالي ذلك يقدر بنحو خمسمائة مليار ريال يجب أن تعود لخزينة الدولة ويحسن أن توجه لمشروعات استثمارية توفر فرص عمل للعاطلين, ويخصص جزءٌ منها لتحسين خدمات الكهرباء والتعليم والصحة... ومن المهمات العاجلة بلسمة جراح الأحداث التي رافقت الثورة وفي مقدمتها سرعة إطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين بسبب مشاركتهم في الثورة أو تأييدهم لها, إذ لا يشرف الوزراء الجلوس على كراسي الحكومة دقيقة واحدة بينما هؤلاء الشباب في غياهب السجون , وتبقى محاسبة السجانين والخاطفين قضية ينظر فيها لاحقاً... خلفت الثورة جرحى بالآلاف ولابد من سرعة علاجهم في الداخل أوالخارج, مع رعاية المعاقين وأسر الشهداء باعتماد رواتب تضمن لهم العيش الكريم, ولاتحوّلهم شحاتين ومراجعين على الأبواب, إضافة إلى توفير منزل لائق لأسرهم, وهذا أقل الوفاء لتضحياتهم . ترميم وإعادة إعمار ما تم تدميره خلال الأحداث وفق خطة واقعية ومستعجلة, وتعويض المتضررين سواء كانوا ضد النظام أو معه, أو ممن ليس لهم علاقة بالصراع, هذه أيضاً يجب أن تكون من أولويات حكومة الوفاق الوطني.. والحكومة معنية أولاً بإنجاز الإصلاحات السياسية التي نصت عليها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية, واستيعاب تطلعات شباب الثورة في التغيير وبناء اليمن الجديد, والترتيب للحوار الوطني الذي لا يستثني أحداً, يدخل في ذلك القضية الجنوبية وقضية صعدة وغيرها من القضايا الوطنية, ومن ثم إنجاز الانتخابات الرئاسية في فبراير القادم, ثم الانتخابات الرئاسية والنيابية بعد سنتين بإذن الله, ولن يتم ذلك كله إلا بتعاون الجميع, وبدعم الأشقاء والأصدقاء.. وحتى تتهيأ الأجواء المساعدة للوصول للتغيير المنشود, نتمنى أن تتوارى – ولو لبعض الوقت – جميع الوجوه الذي ظلت تؤجج نيران العداوة والبغضاء, وكادت أن تودي بالسلام الاجتماعي, خاصة في وسائل الإعلام, ولا نطمع اليوم بمحاكمة أولئك المحرضين, لكن غيابهم عن المشهد اليمني مؤقتاً سيساعد على ردم الهوة التي حفروا أخاديدها بين أبناء الشعب !! ورغم أن المعارضة قد أصبحت مشاركة في السلطة, ويمكنها استغلال وسائل الإعلام الرسمية إلا إننا ندعو أن يعود الإعلام الرسمي إلى وضعه الدستوري فيكون ملكاً للشعب وليس للحكومة ولا للأحزاب. وجميل أن نسمع اليوم قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام تنادي بحيادية الوظيفة العامة وعدم تسخيرها لأي حزب, نتفق معهم تماماً ولكن ذلك لا يعني عدم إنصاف المظلومين والمسرحين من أعمالهم والاستفادة من أصحاب الكفاءات الذين تم إقصاؤهم بسبب انتماءاتهم السياسية خلال العقدين الماضيين !! يحدونا الأمل أن نسير نحو يمن جديد تسوده العدالة والمواطنة المتساوية, يمن لا يبقى فيه متسع للطغيان ولا للظلم والاستبداد, يمن ينعم فيه كل أبنائه بالحرية والحقوق التي كفلتها الشريعة وأكدها الدستور والقانون ..