غريب أمر أولئك الذين يحلو لهم التباكي على الثورة وما آلت إليه حين يصورون أنفسهم على أنهم ثوار بينما كل ما قدموه لا يتجاوز حدود التباكي المفضوح على الثورة، في البداية ناصبوا الثورة العداء وظلوا ينتظرون بفارغ الصبر متى يخلصهم النظام بقواته الغاشمة من كابوس الثورة الذي أرعبهم، لكنها مساعيهم خابت كما خاب النظام وخسر في مواجهته مع الثورة المباركة وشبابها الصامد في كافة ميادين الحرية و ساحات التغيير، و حينما ظلت الثورة تتمدد أفقيا و رأسيا كان فريق المتباكين يشق الجيوب ويلطم الخدود لأن الأحزاب أعلنت انضمامها للثورة، إذ اعتبر هؤلاء المتذاكون التحاق الأحزاب بالثورة خطرا عليها ينذر بمصير أسود ينتظرها فقالوا مثلما قال صالح وقومه: لقد سرقت الأحزاب ثورة الشباب، فيا شباب الثورة لا مقام لكم فارجعوا، ومع ذلك وجدت الساحات نفسها في زخم جماهيري يزداد يوما بعد يوم بينما آلة المرجفين لم تكف عن النعي والنواح، أعلنت قبائل اليمن قاطبة موقفا موحدا داعما للثورة والثوار في كافة محافظات البلاد فقال الأدعياء كما قال صالح ونظامه: خطفت القبائل ثورتكم فعودوا إلى منازلكم، لكن لأنها الثورة الشعبية لا تعرف شيئا اسمه الرجوع إلى الوراء ظلت تواصل مسيرتها المظفرة دون أن تنتظر إذنا من هؤلاء ولا رخصة من أولئك، و كانت الثالثة حين أعلنت كثير من وحدات الجيش حمايتها للثورة فصاح الذين في قلوبهم مرض كما صاح صالح و إعلامه: لقد سطا الجيش على ثورتكم فلا مبرر لبقائكم في الساحات، ومع ذلك فإن الثوار لم يلتفتوا لمثل هذا النعيق المتواصل سواء من أعداء الثورة الملازمين لصالح و عصابته أو من أدعياء الثورة الذين لا يفتأون يحرضون على الثورة وعلى شبابها كلما وجدوا إلى ذلك سبيلا، بعد عشرة أشهر من قيام الثورة هانحن نجدها في أحسن حال، لم تسرقها الأحزاب ولم تخطفها القبائل كما ولم يسيطر عليها الجيش، بل صارت الأحزاب شريكا فيها والقبائل مكونا رئيسا ضمن مكوناتها والجيش حاميا لها ولا عزاء لأولئك الذين حاولوا تحريض الشباب على الأحزاب و سعوا لتأليب القبائل ضد الشباب، و استماتوا في زرع الفتنة بين الجيش الوطني والشعب الثائر، خابت مساعيهم و انكشفت مخططاتهم وخرج شعبنا- و سيخرج ظافرا منتصرا لثورته المنصورة بإذن الله، ظل هذا النفر من الناس يوزع الاتهامات على الجميع كما يفعل زبانية نظام صالح، و ظلوا يطلقون الشائعات أينما ذهبوا لا لشيء إلا لإرباك الثوار والنيل منهم لتحقيق مكاسب آنية و فردية لا تتوافق مع ما يظهرونه من حرص على الصالح العام وعلى مصلحة الشعب و ثورته التي خرج من أجلها، و في أحاديثهم عن الثورة لا تجد فرقا واضحا عما يطرحه الجندي والردمي ولا يوجد اختلاف بين ما يدعون إليه وما يدعو إليه الشامي والصوفي والبركاني، و مع ذلك لا يزالون يعتقدون أن في هجومهم الحاد على الثورة دليل إيمانهم بها و مجاهرة العداء للثوار بمختلف مكوناتهم وتكويناتهم لا يعني سوى أنهم يهيمون حبا في الوطن وأبنائه، وعلى الجميع أن يصدقهم ومن الحب ما قتل.