لا تقل الكوارث الاقتصادية التي سببها انقلاب الحوثيين عن الكوارث السياسية والاجتماعية.. ويكفي أن توقف أي مواطن في الشارع وتسأله عن الحال المعيشي لتعرف هول الكارثة التي جلبها الانقلاب لليمنيين. فقد تعرضت البنوك اليمنية لأول مرة لضربات متتالية وارباك متعمد بسبب ممارسات ميليشيا الحوثي غير القانونية وامتناع البنوك الخارجية عن فتح حسابات للبنوك اليمنية، بسبب تصنيف اليمن منطقة ذات مخاطر مرتفعة. كما أغلقت البنوك الأمريكية حسابات البنوك اليمنية، ورفضت التعامل معها، ورفض قبول الحوالات الصادرة والواردة بعملة الدولار، وتوقف نظام السويفت في فرع صنعاء، وباتت أرصدتها الخارجية مجمدة، إضافة إلى ارتفاع نسبة القروض المتعثرة، وضعف ثقة المودعين وتسرب النقد خارج البنوك. وفي الشهر الماضي كشفت مصادر مصرفية أن ميليشيا الحوثي تتستر على إعلان إفلاس بنك "اليمن والخليج"، مؤكدة أن البنك المركزي اليمني في صنعاء شكل لجنة لوضع اليد على البنك بعد إفلاسه. وأضاف المصدر، أن ميليشيا الحوثي استغلت سيطرتها على البنك المركزي بصنعاء وقوانينه النافذة، وألغت بموجبه كافة صلاحيات مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية لبنك اليمن والخليج، والتي آلت إلى لجنة وضع اليد الحوثية وأدت الى افلاس البنك.
افلاس سابق بنك اليمن والخليج لم يكن الوحيد الذي اعلن افلاسه، فقد اعلنت 4 بنوك يمنية خلال الستة الأشهر الماضية، ومنعتها ميليشيا الحوثي اشهار افلاسها وتصفية أموالها للوفاء بما عليها من التزامات مستحقة لدى العملاء، وتلك البنوك بحسب المصادر هي كاك بنك الإسلامي، وتعثر البنك الإسلامي اليمني، فيما فرع البنك الأهلي بصنعاء شبه مغلق، لكن ميليشيا الحوثي تتستر على إعلان إفلاس هذه البنوك، بهدف رسم صورة لدى الناس والمجتمع الدولي بتماسك الاقتصاد والدولة. وتفرض ميليشيا الحوثي على القطاع المصرفي قيود وإجراءات حدت من نشاطه، إضافة إلى الجبايات وتقاسم الأرباح، ما أوصل بنوكا إلى الإفلاس، وتراجع دور الجهاز المصرفي في تمويل التنمية وتوليد فرص العمل والدخل في المجتمع.
أذون الخزانة كما تناقلت وسائل اعلام الشهر الماضي أن ميليشيا الحوثي قامت على مر الخمس سنوات الماضية، عن طريق وزارة المالية الواقعة تحت سيطرتهم وإدارة الدين العام في البنك المركزي باستبدال قيمة أذون الخزانة وفوائدها التي وصلت إلى تاريخ استحقاق، بإصدار أذون خزانة جديدة دفعها - دفترياً وليس نقدا - للبنوك التجارية بالقيمة السابقة. وقالت المصادر ان ميليشيا الحوثي تعيق تسييل البنوك اليمنية لأذون الخزانة أو حتى تحصيل الفوائد –نقداً- على الدين العام منذ نهاية عام 2016، وبات القطاع المصرفي بدرجة رئيسية ضحية لبطش وظلم ونهب الميليشيا. ووفقاً للبيانات المالية بحسب وكالة" 2 ديسمبر" فإن 59% من إجمالي أموال البنوك اليمنية مجتمعة صُرفت لتمويل سلطة الحوثي بصنعاء منها 46% قروض "أذون وسندات وصكوك إسلامية" و13% أرصدة لدى البنك المركزي تصرفت بها حكومة جماعة الحوثي الانقلابية. وتتوزع بقية الكتلة النقدية للبنوك المحلية 18% أصول خارجية، و1% نقد محلي في الخزينة، و7% أوعية بنكية أخرى، فيما 15% من أموال البنوك سلفيات مع القطاع الخاص 58 % منها معرضة لخطر عدم السداد، وأصبحت البنوك غير قادرة على تحصيل جزء هام من مواردها المستحقة على المقترضين. وأكد خبراء ماليون أن البنوك التجارية اليمنية ستصل إلى مرحلة الافلاس حتما وذلك لعدم سماح فرع البنك المركزي في صنعاء للبنوك التجارية باستخدام ارصدتها في البنك المركزي، وعدم سداد ميليشيا الحوثي الانتهازية، لقيمة أذون الخزانة الخاصة بالبنوك نقداً في تاريخ استحقاقها. وشهد القطاع المصرفي اليمني تدهورا حاداً طوال سنوات الانقلاب وصل لمرحلة الافلاس لبعض البنوك، وبات شبح الإفلاس يهدد ما تبقى من بنوك لعدم استطاعتها الوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها، الامر الذي يهدد اقتصاد اليمن برمته بالانهيار.