تواصل ميليشيا الحوثي للعام التاسع على التوالي، تسميم عقول النشء وطلاب المدارس، من خلال إقامتها للمراكز والأنشطة الصيفية في محافظة إب وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وذلك ضمن مشاريعها المستنسخة من إيران والهادفة لنشر الطائفية والمذهبية في أوساط المجتمع اليمني وتفخيخ المستقبل وزرع ألغام من نوع آخر في عقول وأفكار الأجيال القادمة لتكون أشد فتكا وتدميرا من الألغام الأرضية التي زرعتها بمختلف المحافظات منذ حروب صعدة وحتى اليوم. ومع نهج المليشيا المعادي للتعليم وحربها ضد العلمية التعليمية منذ الانقلاب، وترسيخها لسياسة التجهيل، تعمدت الجماعة استغلال ثمار ذلك، بإنشاء مراكز صيفية لنشر السموم والأفكار الطائفية والمذهبية، وغرس الأفكار الإرهابية في طلبة المدارس، وفتحت آلاف المراكز بمحافظة إب وبقية محافظات الجمهورية. وتستخدم الميليشيا من أجل إنجاح مخططها، كل الوسائل المختلفة لإجبار الأهالي على إلحاق أبنائهم بتلك المراكز التي تستخدم مدارس العهد الجمهوري وغيرها من المؤسسات والمرافق الحكومية وصولا إلى المساجد، لتجميع الأطفال وتعليمهم الأفكار الطائفية، ليصبحوا قنابل موقوتة تهدد حياة اليمنيين ومستقبلهم في كل وقت وحين. وسبق أن قامت المليشيا بتعديل المناهج الدراسية وفق معتقداتها وأفكارها الطائفية، وهي إجراءات قوبلت بانتقادات شعبية واسعة، ودفعت المجتمع في مناطق سيطرة المليشيا، للقيام بحراسة الجيل الحالي من طلبة المدارس بكل الوسائل الممكنة لمنع تأثير السموم الطائفية الحوثية في المناهج. وتدرك المليشيا مدى رفض المجتمع شعبيا لها ولأفكارها وكيف أن الغالبية من المعلمين يرفضون تدريس أو تمرير أفكارها المذهبية التي قامت بتعديلها في مناهج الدراسة، وأيضا تدرك مدى توعية الآباء لأبنائهم بعدم تصديق أو اعتقاد ما تم تعديله في تلك المناهج، ولمثل هذه الأسباب وغيرها، تعتقد المليشيا أن ما قامت به من تغيير في المناهج غير كافٍ لتطييف المجتمع وتنشئة الأجيال القادمة وفق ما تسعى إليه، وترى في المراكز الصيفية فرصتها الأهم لتحقيق تلك الأهداف التي تمثل خطرا على مستقبل اليمن والمنطقة برمتها.
لماذا تهتم الجماعة بمحافظة إب؟ تعد محافظة إب، الواقعة وسط البلاد، واحدة من أهم المحافظات التي تجد فيها المليشيا أولوية وأهمية كبيرة، نظرا لكثافة سكانها مقارنة بباقي محافظاتاليمن. ويصل عدد سكان محافظة إب إلى نحو أربعة ملايين نسمة، فضلا عن نزوح قرابة نصف مليون نازح إلي المحافظة واستقرارهم فيها، خلال التسع السنوات الماضية. وفي المحافظة نسبة عالية من الأطفال دون ال 18 عاما تصل إلى 55 بالمئة من السكان، فضلا عن أسباب عدة تجعل المليشيا مهتمة بهذه المحافظة التي احتلتها منذ منتصف أكتوبر 2014م. ومنذ ما قبل احتلال مليشيا الحوثي لمحافظة إب، تنظر إلى أهالي المحافظة بنظرة احتقار ودونية وطبقية مقيتة، خصوصا وأن أبناء المحافظة ذو المذهب الشافعي لا يعتنقون مذهب ومعتقدات المليشيا كابر عن كابر، ولهذا تعمل فيها المليشيا بقوة وترى في أبنائها فرصة للزج بهم في جبهات القتال ومحارق الموت الحوثية. ولذلك، كان نصيب المحافظة أكبر عدد من المراكز الصيفية الطائفية، إذ حولت الجماعة أغلب المدارس الحكومية بإب، التي يزيد عددها عن ألف مدرسة موزّعة على 20 مديرية، إلى مراكز صيفية، والتي بلغت هذا العام أكثر من 400 مركز صيفي مفتوح، إضافة إلى مراكز صيفية مغلقة، وتستهدف من خلالها المليشيا قرابة ربع مليون طالب وطالبة، وفقا لتقديرات أحد المسؤولين في مكتب التربية والتعليم تحدث ل"الصحوة نت" شريطة عدم كشف هويته. ووسعت مليشيا الحوثي مراكزها الطائفية بمحافظة إب، بخلاف السنوات الماضية، حيث أنها تقوم بزيادتها سنويا، بهدف استقطاب أكبر عدد ممكن من طلاب المدارس، وقامت بإنشاء مراكز مفتوحة وأخرى مغلقة، وهذه الأخيرة، يتم استقطاب أفرادها بشكل مخصوص وفق آلية محددة واستمارات أعدتها لجنة المراكز الصيفية العليا في صنعاء. ولا توجد إحصائيات على عدد المراكز الصيفية المغلقة في إب، ويتم في هذه المراكز أخذ الطلاب وتدريسهم طوال ستين يوما بشكل مكثف وفق منهج طائفي يقوم بتدريسه قيادات وشخصيات مؤهلة من قبل المليشيا لتدريس هؤلاء الأطفال وتمرير أفكار المليشيا إليهم، بعيدا عن أي مؤثرات خارجية، بما في ذلك حرمانهم من أي تواصل مع عائلاتهم وذويهم أو اتصالات هاتفية بهم. بالإضافة إلى تدريس مناهج طائفية، يتم تدريب الطلاب في المراكز المغلقة، تدريباً عسكريا وإخراجهم في رحلات خاصة بخلاف رحلات المراكز المفتوحة، وذلك بهدف الكسب السريع وغرس الأفكار والمعتقدات الطائفية للمليشيا لدى هذه الشريحة التي تعد الأخطر داخل المجتمع، وتشكل تهديدا حقيقيا لأهاليهم واليمن برمته، حيث المستقبل المفخخ بالعنف والإرهاب والطائفية.
رفض شعبي ومع الحملات المكثفة لمليشيا الحوثي، فإن عملية الاستقطاب ليست بالشكل الذي يمكن أن يعد نجاحا للمليشيا، بقدر ما هو فشل كبير لها حيث الإقبال على تلك المراكز قليلة جدا، والكثير من الأهالي في المحافظة لم يستجيبوا لعملية الاستقطاب الحوثية. غير أنه لا يمكن التقليل من العدد الذي تمكنت المليشيا من خلال عمليات تهريب وترغيب واستقطاب واسعة، جمعه من أطفال وطلاب المحافظة، والمقدر بنحو عشرة آلاف طالب، وتكمن الخطورة في الأفكار الظلامية والإرهابية والسموم التي تقوم المليشيا بنشرها وغرسها في جيل صغير لا يعرف شيء، وهو ما يجعل الأطفال الأبرياء، قنابل موقوتة ستتفجر يوما ما وتغير المشهد الاجتماعي والثقافي في المحافظة بما يخدم أهداف ومشاريع المليشيا الإرهابية. ومن اللافت هذا العام، أن الرفض الشعبي اتخذ منحى آخر، ولم يقتصر عدم الاستجابة المباشرة للمليشيا من قبل الأهالي؛ بل اتخذ المواطنين وسائل مختلفة وطرق متعددة لمنع ذهاب انبائهم إلى المراكز الصيفية للحوثيين. ومن تلك الوسائل قيام الكثير من المواطنين بإدخال وتسجيل أبنائهم في دورات تعليمية بمعاهد خاصة خلال العطلة الصيفية، كدورات تعليم الحاسوب أو اللغة الإنجليزية أو حتى مواد علمية دراسية أخرى، كل ذلك حتى لا يترك الأطفال وطلاب المدارس لقمة سائغة أمام المليشيا. وقد دفعت هذه الإجراءات الشعبية الغير منظمة، ميليشيا الحوثي للقيام بإجراءات مضادة تستهدف المعاهد الخاصة، ألزمت فيها بعض المعاهد بمنع نشر أي إعلانات عن دورات صيفية مخفضة في أي مجال، وعدم استقبال أي طلاب جدد في الدورات التي بدأت فعلا بعد عيد الفطر المبارك. ومن وسائل الرفض التي اتخذها الأهالي، هي استبقاء أطفالهم في المناطق الريفية عن أهاليهم وذويهم، وعدم اصطحابهم معهم لدى عودتهم إلى مراكز المحافظة بعد انقضى إجازة العيد، حيث ما زالت بعض المناطق الريفية تحتفظ بقدر كبير من اللحمة الاجتماعية القادرة على مقاومة وسائل الترهيب والضغوط المختلفة التي تمارسها ميليشيا الحوثي على المواطنين كي يرسلوا أبناءهم لمراكز التفخيخ والتعبئة الطائفية.
ضخ مالي كبير وكشفت مصادر مطلعة ل"الصحوة نت"، عن قيام المليشيا بضخ أموال طائلة لإقامة المراكز الصيفية ونشر أفكارها المذهبية والطائفية، بمختلف المحافظات الخاضعة لسيطرتها المسلحة، وقد شرعت الجماعة في خططها منذ بداية شهر رمضان الفائت، لفتح الآلاف من المراكز الصيفية المغلقة والمفتوحة في صنعاء والمناطق الأخرى، وكان نصيب الأسد من هذه المراكز من حق محافظة إب، حيث تسعى المليشيا لاستقطاب أكبر قدر ممكن من الطلاب وصغار السن، لنشر أفكار ومعتقدات المليشيا في المحافظة. وأضافت المصادر التي تحدثت شريطة عدم كشف هويتها لدواعي أمنية، أن قيادات المليشيا بمحافظة إب والتي شكلت منذ وقت مبكر لجنة خاصة بالمحافظة مرتبطة بشكل مباشر بلجنة الحوثيين المركزية في صنعاء، بهدف إنجاح خطة المليشيا في المراكز الصيفية العديدة التي أنشأت في إب. وعقدت قيادة المليشيا، خلال الأيام والأسابيع الماضية، العديد من اللقاءات في مدينة إب عاصمة المحافظة، وقامت بتنفيذ دورات وأنشطة لعدد من المعلمين والشخصيات التابعة لها خلال العشر الأواخر من شهر رمضان الماضي، بهدف إدارة وتنفيذ خطتها خلال شهري شوال وذي القعدة، وفقا للمصادر ذاتها. المصادر المطلعة أكدت للصحوة نت، تلقي اللجنة الحوثية في محافظة إب، دعما ماليا كبيرا لصالح تنفيذ وفتح المراكز الحوثية بمختلف مديريات المحافظة، بما في ذلك أموال خصصت لعمليات الاستقطاب والتغرير بالأهالي للدفع بأطفالهم إلى المراكز الصيفية، وتشجيع المتخوفين منهم لإلحاق أبنائهم بالرحلات التعليمية وغيرها من البرامج خصوصا المراكز الصيفية المغلقة والتي تحظى بالنصيب الأكبر من المخصصات المالية والاستعداد التدريبي الطائفي للمعلمين الذين سيقومون بإدارة عمليات التلقين الطائفي والتدريب العسكري، الممزوج بالعقائد الجهادية الإرهابية التي تخدم مصالح المليشيا وأهدافها في تخريب وتدمير حياة اليمنيين، وتكريسها لصالح مشاريعهم وداعميهم في إيران. وكان نشطاء ومعلمون وقيادات بعضها محسوبة على الانقلاب، دعت قيادة ميليشيا الحوثي التي تنفق وتهدر مبالغ طائلة وباهظة لصالح المراكز الصيفية، إنفاق جزء من تلك الأموال وصرفها على المعلمين والمدرسين الذي حرموا من مرتباتهم منذ سبع سنوات. وأكد هؤلاء في تغريدات ومنشورات -رصدها مراسل الصحوة نت- أن المليشيا التي تطبع ملايين الكتب والملازم الحوثية وتوزعها مجانا على المراكز الصيفية، وتنفق مليارات الريالات على المراكز المغلقة طوال شهرين متتاليين، تحرم أبناء الشعب من هذه الأموال التي تجمعها كضرائب وإتاوات، وكان يفترض أن تصرفها مرتبات للموظفين الذين صادرت مرتباتهم وأوقفت صرفها منذ سبع سنوات، إضافة إلى تخصيص بعض تلك الأموال مهدرة لتحسين عملية التعليم المعطة أصلا، ومعالجة الأزمة الإنسانية والمجاعة التي تسببت بها المليشيا بانقلابها على الشرعية والتوافق الوطني في سبتمبر 2014م.