بصوت حزين تتحدث "سلمى" امرأة خمسينية عبر هاتفها تؤكد للشخص المتصل بها، أنها أرسلت المبلغ كاملاً، وأكدت له أن الحوالة باسم "بشير المرتضى" ثم طلبت من أحد المارة أن يتأكد لها ما إذا كانت أخطأت بالاسم أو لا، حيث كانت تعتقد أنها ستصل إلى ابنها المختطف لدى ميلشيات الحوثي بصنعاء. تقول "سلمى" أنها ظلت خلال ثلاث السنوات تترجى المتصل بها أن يوصل المبلغ إلى ابنها وتسأله عن حاله، وكان يرد بالتأكيد أنها تصله كاملة وانه بخير، أن ابنها المختطف لدى ميلشيات الحوثي في صنعاء، منذ نحو ثلاث سنوات، لم يكن يصله المبلغ الشهري التي كانت ترسله إليه.
"سلمى" واحدة من مئات الضحايا اليمنيين التي عمل الحوثيين على خطف أبنائهم ومن ثم نهب أموال أسرهم، بطريقة احتيالية في جريمة مركبة، تمارسها ميلشيات الحوثي ضد المختطفين والأسرى في سجونها حيث حولتهم إلى مصدر للثراء.
المختطفون سلعة للمرابحة في أبشع صور الانتهاكات التي تمارسها جماعة الحوثي ما تمارسه عائلة المرتضى بحق المختطفين والأسرى، من تحويلهم إلى سلعة للمرابحة واتخاذهم كسلعة تجارية تزيد من ربح وثراء عائلة المرتضى.
ويعد القيادي الحوثي ورئيس لجنة الاسرى الحوثية، عبد القادر المرتضي أحد أبرز أولئك القيادات التي تظهر ضمن الوفد التفاوضي للميلشيات بشأن الاسرى والمختطفين، ويعمل مع إثنين من أشقائه بملف الاسرى كما يدير عدد من السجون في صنعاء.
تتقاسم قيادات مليشيا الحوثي موارد اليمنيين وخدماتهم بغرض المتاجرة والمرابحة دون الاكتراث للوضع الإنساني، والتعامل مع اليمنيين كنوع من الغنائم التي يجب أن تتقاسمها "العوائل السلالية". منذ سيطرة المليشيات على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، برزت عائلة المرتضى في أخبار الاختطافات والحوالات المالية فقد اتخذت من هذا الملف الإنساني مصدرا للنهب والمتاجرة بمعاناة اليمنيين. تبدأ مراحل نهب المختطف من أول لحظة بنهب محتوياته ومقتنياته، بعضهم فقد "جنابي" ثمنها باهض جدا. وبعد الاختطاف تبدأ عملية المبايعة عبر "سماسرة" يطلبون من الأهالي مبالغ مالية يوهمونهم أنهم سيبحثون عنه ويعرفون مكان اختطافه، بعدها تبدأ مرحلة "الفدية" لإطلاق سراحه وهذه خديعة أخرى هدفها الاحتيال على الأهالي.
نهب حتى اللحظات الأخيرة وقال الصحفي الحقوقي هشام طرموم "إن مليشيا الحوثي حولت المختطفين إلى سلعة للمتاجرة وأيضا ملف للابتزاز السياسي، وأن سجن معسكر الأمن المركزي تحول إلى مورد اقتصادي لأسرة عبد القادر المرتضى (رئيس لجنة الاسرى الحوثية) واخوانه". وأضاف في حديث ل"الصحوة نت"، وهو صحفي كان مختطفاً في سجون الحوثيين بصنعاء لمدة ست سنوات، "أن الحوثيين يقومون بنهب الحوالات المالية للمختطفين وينهبون أيضا المساعدات التي يقدمها الصليب الأحمر".
وأشار طرموم إلى "أن من وسائل النهب تتمثل في احتكار بيع بعض الاحتياجات الضرورية للمختطفين والأسرى بأضعاف قيمتها المعروفة، ويجبرك تحت التهديد والتعذيب، بالاتصال بأسرتك لتحويل المبلغ، أن من يعجز عن دفع المبلغ يتعرض للتعذيب".
وذكر أن "في الصفقة الأخيرة بين الحكومة والمليشيات، منتصف ابريل الماضي، أجبر الحوثيون بعض من تم تحريرهم إلى نقل مديونيتهم على مختطفين آخرين".
ميناء عائلة المرتضى "ميناء عائلة المرتضى" يعد تعبير شائع بين المختطفين في سجون الميلشيات، عن حجم المبالغ المهولة التي ينهبها القيادي في المليشيات عبد القادر المرتضى، واخوانه من الحوالات المالية التي يتم ارسالها من قبل أسر المختطفين والأسرى. بحسب شهادات مختطفين محررين فإن عبد القادر المرتضى يتولى مع أخيه المكنى "أبوشهاب" تعذيب المختطفين والأسرى في سجن الأمن المركزي جسديا. في حين تتمثل مهمة شقيهم الثالث يدعى "مجد الدين" عملية نهب المختطفين وسرقة أقواتهم التي ترسلها لهم أسرهم، ويطلق المختطفون على المدعو "مجد الدين" "قطاع الاستثمار". وتخوفا من الانتقام والمساءلة مستقبلا فتحت عائلة المرتضى شركة صرافة خاصة بها، "يمن اكسبرس" تحت حساب وهمي اسمه بشير المرتضى". بحسب مختطفين فإن عبد القادر المرتضى، يأخذ 500 ريال عن كل حوالة، ويرفض تسليم الحوالة يدا بيد، ثم يبدأ بالمتاجرة عبر شباك السجن "ميناء المرتضى" بأسعار مضاعفة.
150 مليون شهريا
وقال الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي، محمد الجماعي، "إذا علمنا أن متوسط حوالة كل سجين شهريا هي 50 ألف ريال، فإن إجمالي واردات لجنة الاسرى التابعة للحوثيين من سجناء سجن واحد فقط هي 150 مليون ريال شهريا". وأشار – في تغريدات بحسابة في تويتر - أن حجم الجريمة المرتكبة بحق المختطفين وكذلك حجم المعاناة للمختطفين وأسرهم التي تتكبد العناء لتوفير مصاريف ابنهم المختطف، وقال: "تتضاعف أرصدة عائلة "المرتضى" ومعها تتضاعف معاناة السجناء يوما بعد يوم.. وتلك جريمة أخرى تضاف إلى سجل عبد القادر المرتضى، الذي يمارس التعذيب والتفاوض الانساني في آن واحد". من جانبه كشف الصحفي حسان عناب في حديث مع "الصحوة نت" – وهو صحفي كان مختطفاً لدى الحوثيين - ما حدث له وللمختطفين، عندما زارهم وفد من الصليب الأحمر وأعطتهم "معاوز"، وقال: "بعد مغادرة اللجنة تفاجئنا بالسجانين التابعين للمرتضى يفتشون السجن وقاموا بنهب "المعاوز"، وأضاف ساخرا: "أتحدى المرتضى ينكر ذلك". تتقاسم العوائل السلالية السجون التي تمتلئ بآلاف المختطفين اليمنيين في محافظات مناطق سيطرتها، بهدف المتاجرة والاثراء بمعاناة المختطفين وأسرهم أيضا، وهذا يكشف إصرارها على المتاجرة بالملف الإنساني في المفاوضات مع الحكومة الشرعية منذ اعلان اتفاق ستوكهولم أواخر عام 2018.