دعا الرئيس اليمني الأسبق,علي ناصر محمد,حكومة الوفاق الوطني إلى تحقيق مطالب الشعب وتقليل الهوة الفاصلة بين الشعب والسلطة عن طريق إدارة حوار جاد ومسؤول يضع البلاد بملفاتها المختلفة على عتبة الانفراج. وحذر الرئيس الأسبق في حوار مع "الجمهورية",من أن عدم حدوث ذلك سيجعل الأوضاع المتأزمة تراوح مكانها بل ربما ستتعاظم,لكنه أكد في المقابل أن الثورة لكل ذلك بالمرصاد وهي الضامن الأبرز لتحقيق التغيير الشامل.
وأضاف أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن نصف المشهد السياسي اليمني بأنه اليوم في أكثر حالاته تعقيداً بما يكتنفه من تحولات دراماتيكية ماكان لها أن تحدث بفعل سياسي محض بل بفعل ثوري.
وأكد ناصر الذي يقيم في الخارج,أن التغيير الذي حصل لا يزال قاصراً وفق رأي قوى التأثير المهمة في البلاد وفي مقدمتها الشباب الذين لا تهمهم المطالب الفوقية والمناصب وتداول رئاسة الدولة أو الحكومة والوزارات,لافتا إلى أن مطالبهم سياسية بمعنى التغيير الحقيقي وحقوقية تعبر عن الحياة الكريمة والتعليم المجاني والصحة والعدالة الاجتماعية والأمن والاستقرار وتكافؤ الفرص وهي نفسها مطالب الشعب حسب تعبيره.
وتحدث الرئيس الأسبق عن المبادرة الخليجية وقال إن أهميتهما يكمن بما ستحققه من نجاح على أرض الواقع وبما يلمسه المواطنون من تغييرات.
وسئل عما يقوله للرئيس هادي والحكومة والحراك,فقال : "نهنئه على تبوأ هذا المنصب الرفيع وعلى حالة الإجماع التي حظي بها في محطة تاريخية صعبة وغاية في الخطورة ولذا فإن مسؤولية تاريخية تقع على عاتقه، وكما اعتادت المجتمعات ذات النهج الديمقراطي أن تعطي للرؤساء الجدد فترة مئة يوم وتسمى بشهر العسل ليبدأوا بتنفيذ جزء مما وعدوا به وتلمس الجماهير ذلك التغيير الموعود وكما قال بأنه لاتوجد خطوط حمراء حول مناقشة كافة القضايا وأنه فدائي وهذا يعني أن التضحية والفداء ينبغي ان تكون شعار القول والفعل ليس له فقط بل لفريق عمله وللحكومة برئاسة الأستاذ محمد سالم باسندوة الذين أحثهم جميعاً للاهتمام بالشباب بوصفهم الرقم الأصعب في المعادلة وبردم الهوة مع القوى الحقيقية التي تشكل تيارات التغيير ورافعته الأساسية والمتمثلة بالحراك الجنوبي والحوثيين وبقية القوى والأحزاب المعارضة في الداخل والخارج التي لم تنخرط في التسوية السياسية القائمة" .
وقال علي ناصر محمد إنه من السابق لأوانه إجراء تقويم كلي لأداء الحكومة ,مشيرا إلى أن هناك بعض النقلات الجيدة ولاتزال أخرى تتعثر وستواجه بلاشك صعوبات وتحديات لاسيما أن البلد لم يستقر بعد وقضاياه لاتزال تتفاعل فالاستقرار السياسي يؤدي بطبيعة الحال إلى استقرار اقتصادي واجتماعي.
واعتبر أن المطلوب من الحكومة هو الجدية في مكافحة الإرهاب والفساد ووضع الرجل المناسب والمرأة المناسبة في المكانين المناسبين وإمضاء قوة القانون.
وجدد ناصر رفضه لخيار العنف لفرض أي طرف رأيه على الطرف الآخر,مؤكدا أنه ليس هناك ما يبرر استخدامه واللجوء إليه. وحول موقفه من الحوار الوطني القادم,قال:" هذا الحوار الوطني دعونا له في وقت مبكر ومنذ سنوات طويلة وكانت كل محطة بكل تعقيداتها تحثنا على الدعوة إليه ولا يتم الاستجابة لتلك الدعوات المبكرة والمتكررة وتتضاعف المشكلات وتتزايد آثارها وخاصة فيما يتعلق بالقضية الجنوبية، واليوم بلغت الأمور ذروتها ولم يعد مطلب الحوار مطلباً سياسياً لبعض النخب فقط بل مطلباً شعبياً ومطلباً وطنياً بل ومطلباً إقليمياً ودولياً نتيجة لما تشكله هذه المرحلة من خطورة في بلد يتمتع بموقع استراتيجي هام" .
وبشأن طرح الحراك لشروط معينة للدخول في الحوار,أكد أنه من الطبيعي أن تكون كل جهة معنية بالحوار لها شروطها الموضوعية والمنطقية,معتبرا أن الاعتراف الكامل بالقضية الجنوبية كقضية سياسية بامتياز وحقوقية بالمقام التالي ووطنية بكل مدلولاتها يأتي في طليعة الشروط المفترضه,لافتا إلى أن القيام بخطوات كهذه يهيئ الأرضية المناسبة لأي حوار سواء ما يتعلق بالقضية الجنوبية أو قضية صعدة وبقية القضايا الأخرى.
وتابع: "هناك إجماع جنوبي على ضرورة هذا الاعتراف وهو أقل ما يمكن تقديمه من الطرف الآخر الذي يتهمونه باحتلال وطنهم وناهباً لثرواتهم وأراضيهم ومُقصياً لهم من أعمالهم، ومصادرة كافة حقوقهم السياسية والمدنية.
ونجدد التأكيد بأن هذا الاعتراف ليس مكلفاً قياساً بالكلفة الباهظة التي دفعها أبناء الجنوب، وهذا الاعتراف أيضاً يتناسب مع مبادىء العدالة الاجتماعية التي يجري الترويج لها اليوم لتجاوز الماضي وإعمال مصالحة وطنية" .
وحول مرجعية القضية الجنوبية,قال:" هناك مرجعية مبدئية وهي الاعتراف الكامل بالقضية سياسياً وحقوقياً والتعامل بندية باعتبار أن الجنوب كان دولة وذات سيادة ومعترف بها إقليميا ودولياً ، هناك مرجعيات قانونية فهناك من يستحضر قرارات مجلس الأمن أثناء حرب 94م وغيرها من الأمور التي يمكن التفاوض حولها والحوار ينبغي أن يتمتع بفضاء رحب والمعالجات عندما تتحرك في فضاء غير مجتزأ تكون ناجعة".
ولفت إلى حوار القوى السياسية الأخير في ألمانيا,قائلا :"هو لقاء "غير رسمي" كما وصفه منظموه وهذا يمكن أن يتم في ألمانيا وممكن حتى ان يتم في مكان آخر وهو عبارة عن تفكير بصوت عال وهذا التفكير غير ملزم لأنه لا يتضمن مقررات وتوصيات".
وحول رؤيته بشأن هيكلة الجيش أم إجراء الحوار,قال:"هناك من يرى أن هيكلة القوات المسلحة والأمن أصعب من مؤتمر الحوار وبالتالي فالحوار الوطني أولى وهذا الرأي يدعمه رغبة أطراف خارجية في الإبقاء على بعض القيادات العسكرية السابقة ، وإذا ما تأكدت هذه الرغبة الخارجية ولم يعد بالإمكان الإفلات منها وطنياً فمعنى ذلك أن الحديث عن قضية الأسبقية بين الهيكلة والحوار سيصبح كالحديث عن أسبقية البيضة والدجاجة" .
وأكد في موضوع آخر أن الشباب هم الرقم الأصعب في المعادلة الراهنة ومن سيستبعدهم فإنه سيبعد نفسه ، ومن المهم أن يبدأوا من الآن في بلورة مرجعيات لهم تمثلهم بشكل صحيح في الحوار الوطني المرتقب الذي يقبلون في الانخراط فيه لا الذي يتم فرضه عليهم .
واعتبر توسع نشاط القاعدة في بعض المحافظات وفي هذا التوقيت ينم عن مشاريع مشبوهة وخطيرة,مضيفا " أجدني ملزماً هنا بتجديد تأكيدي بأن الجنوب لم يكن يوما بؤرة تطرف أو إرهاب وأي تواجد لمثل هذه الجماعات له خلفية سياسية وأمنية معروفة بالنسبة لنا وكانت تستهدف الحراك الجنوبي واليوم تستهدف الجنوب كله بمافي ذلك عدن منارة الانفتاح والاعتدال والنقاء والتعايش".