" الرشيد " يبلغ ربع نهائي بطولة " بيسان " تعز الكروية بعد تغلبةُ على "السهام" برباعية نظيفة .    وزير الاقتصاد يُدشن المرحلة الأولى من مشروع تحديث البنية التحتية التقنية بالوزارة    قرعة كأس الخليج للناشئين تضع منتخبنا في المجموعة الاولى    رابطة المدربين الإيطاليين تطالب بإيقاف "إسرائيل" عن المنافسات الدولية لكرة القدم    وفاة طفلتين بانهيار سقف منزل جراء الأمطار في مأرب    الرئيس المشاط يعزي الشيخ أحمد الراعي في وفاة زوجته    مسيرة حاشدة لطلاب جامعة الحديدة تنديدا بجرائم الابادة والتجويع في غزة    لوبيات تعطل الإصلاح    نبتة خضراء رخيصة الثمن.. تخفض ضغط الدم وتحمي من السرطان    لجان الرقابة الرئاسية.. أداة فاعلة لتعزيز الشراكة وتحسين الأداء    الجمعية الوطنية تناقش إجراءات ضبط أسعار السلع الغذائية بالأسواق    المرة الثالثة.. صلاح يتوج بجائزة لاعب العام    في السوبر.. هونج كونج تحتفي ب «الدون» بعد استهجان ميسي    مجددا.. موسم الرياض يجمع عمالقة التنس    إلى من يعيشون في الماضي: الجنوب ليس فرعًا لأحد    استشهاد لاعب فلسطيني أثناء محاولته الوصول لمساعدات إنسانية    سنوات من الفساد تكشفها ساعات من الأمطار    الأمطار الغزيرة والسيول تعرقل الحياة في عدن... والمحافظ لملس يقود جهود الاستجابة    لجنة الطوارئ في خور مكسر بعدن تواصل شفط مياه الأمطار ومعالجة آثار المنخفض    محافظ حضرموت: بوادر انفراج اقتصادي بفضل تحسن    تعز: فكرة وطن    وزير الدفاع الإيراني: الصاروخ الإيراني الجديد سيستخدم ردا على المغامرة المحتملة للعدو الصهيوني    الأرصاد يحذر من أمطار غزيرة وعواصف رعدية على معظم المحافظات    العلامة مفتاح:اليمن يحمل الراية في مواجهة الطواغيت وفراعنة العصر    بدء مؤتمر علماء اليمن السنوي    الاتصالات تلزم الصمت تجاه الانقطاعات المتكررة للإنترنت ومجموعة قراصنة تعلن استهداف مؤسسة اقتصادية    الذهب يتراجع إلى أدنى مستوى في 3 أسابيع مع صعود الدولار    القوة والضعف    مدير أمن ذمار يؤكد أهمية دور العقال في حفظ الأمن والسلم الاجتماعي    بين صمود الشعب وعجز الحكومة: أين تكمن الأزمة؟    الصحة العالمية: اليمن يسجل أكثر من 60 ألف إصابة بالكوليرا منذ مطلع العام الجاري    عن تجربة لم آلفها من قبل    غروندبرغ: اليمن مهدد بالتحول إلى ساحة حرب إقليمية، والحوار طريق النجاة الوحيد    لو كان بن حبريش بريئ لماذا رفع شعار.. "عدم المساس بالرموز القبلية والمجتمعية"    مارس اليمنيون كل الحروب القذر على شعب الجنوبي ولكنها فشلت    عن تجربة لم آلفها من قبل    المقالح: توتر في صنعاء استعدادا لاحتفال ومنع آخر    المؤتمر الشعبي العام يتخذ قرار بشأن الاحتقال بذكرى تأسيسه    معلمون يصنعون الجهل    كلية الطب بجامعة المحويت تحيي ذكرى المولد النبوي بندوة ثقافية وتوعوية    منخفض المونسون يتجه الى الجنوب ستصحبة أمطار غزيرة جدا    ألونسو يحدد مشاكل ريال مدريد أمام أوساسونا    وزير الدفاع: المقاومة الشعبية كانت وستظل السند الأول لقوات الجيش في معركة التحرير    اليمنية تبدأ بيع تذاكر السفر بالريال اليمني ابتداءً من اليوم الأربعاء    انطلاق مهرجان "الرحمة المهداة" في مديرية الحيمة الخارجية    تسليم 42 منزلا بعد ترميمها بصنعاء القديمة    الزنجيل قد يخفض مستويات السكر في الدم وعلاج طبيعي لمصابي السكري    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإيقاف التعامل مع ثلاثة كيانات مصرفية    شذرات من التاريخ: للجهلة وعيال البامبرز عن تاريخ يافع.    اكتشاف أقدم دليل على الصيد بالسهام في آسيا قبل 80 ألف عام!    اضطرابات حرارة الجسم تكشف عن أمراض خطيرة!    مأرب والمهرة تواصلان الامتناع عن التوريد لمركزي عدن    محامي شيرين:كسبنا القضية بالحجز والتعويض    التشي يعود بتعادل ثمين امام ريال بيتيس في الليغا    شرطة تعز تعتقل مهمشاً بخرافة امتلاكه "زيران"    مرض الفشل الكلوي (17)    أكاذيب المطوّع والقائد الثوري    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعز: فكرة وطن
نشر في الصحوة نت يوم 20 - 08 - 2025

في وطنٍ تتنازعه الجغرافيا وتنهكه الولاءات، تبرز تعز لا كمدينة، بل كفكرة. فكرة الدولة التي يحكمها القانون لا الأهواء، وفكرة الوحدة التي تنبع من الوعي لا من الإملاء. تعز لم تكن هامشًا في التاريخ، بل كانت في صلبه، تكتب فصوله بالعلم، وتدافع عنه بالصبر، وتعيد رسمه كلما حاولت الجغرافيا أن تبتلع المعنى.
وحدوية أبناء تعز ليست موقفًا سياسيًا عابرًا، بل قناعة راسخة تشكّلت عبر عقود من النضال والمعرفة. لم تكن الوحدة بالنسبة لهم شعارًا يُرفع، بل مشروعًا يُخطط له، ويُكتب بوعي، ويُدافع عنه في كل مفصل تاريخي. هم من كتبوا أولى صفحاته، ودافعوا عنه حين تراجع الآخرون، واعتبروه ضرورة تاريخية لا خيارًا سياسياً.
تعز لم تكن مركزًا للسلطة، لكنها كانت مركزًا للفكر، للثقافة، وللإرادة الحرة. من مدارسها خرجت بذور التعليم الحديث، ومن شوارعها انطلقت شرارات التغيير، ومن بيوتها خرج من حملوا همّ الوطن قبل أن يُطلب منهم ذلك. لم يخرج منها من تولّى الحكم، لكن خرج منها من علّم القادة، ومن كتب الدساتير، ومن واجه الاستبداد بالكلمة والموقف.
ورغم كل ذلك، دفعت تعز الثمن باهظًا. عُطّلت مطاراتها، جُمّدت موانئها، وأُغلقت طرقها، لا لأنها ضعيفة، بل لأنها قوية بما يكفي لتُقلق من لا يريد للوطن أن ينهض. ومع ذلك، لم تنكسر. خرجت كما تفعل دائمًا: أول من يصرخ، وآخر من يتعب. كانت نقطة الانطلاق، وساحة الحسم، وضمير الثورة.
ما يميز أبناء تعز ليس فقط وعيهم، بل أخلاقهم. في زمنٍ طغت فيه العنجهية، أظهروا تواضعًا نادرًا، وصبرًا على الجهل، ومسايرة للحماقات التي كان يمكن أن تُفجر البلاد. لم يردّوا على الإساءة بالإساءة، بل قابلوا التهميش بالحكمة، والتجاهل بالعمل، والانغلاق بالدعوة إلى الانفتاح. هم أهل الصبر لا أهل صخب، وأهل بناء لا أهل ضجيج.
تعز ليست مجرد مدينة، بل فكرة. ليست جغرافيا، بل وعي متجدد. خرج منها كل الأطياف، واحتضنت الجميع دون أن تفقد هويتها. فيها عاش من علّم الناس أن الطريق إلى الله يمر بالحب والمعرفة، وفيها لا تزال تُرفع صور من وقف معها يوم احتاجت، وفاءً لا نسيانًا.
هي المدينة التي تنهض كلما سقطت، وتعود للحياة وكأنها خُلقت من رماد الأمل. وفي وطنٍ أنهكته الصراعات، تظل تعز صوت العقل، ونداء الحكمة، وفسحة الرجاء.
من تعز، يجب أن تنطلق دعوة للصلح، لا للتنازع. فهي المدينة التي جمعت ولم تفرّق، واحتضنت الجميع دون تمييز. أهلها يؤمنون أن اليمن لا يُبنى إلا بالتسامح، ولا يُشفى إلا بالتكاتف.
لكن المصالحة الحقيقية لا تعني التنازل عن المبادئ، ولا يمكن أن تكون مع من يسعى لإعادة عقارب الزمن إلى ما قبل الثورة، أو من يرفض فكرة الدولة الحديثة. فتعز، التي دفعت ثمنًا غاليًا من أجل الحرية، لا تقبل أن تكون جسراً للعودة إلى الاستبداد، ولا أن تُستخدم كغطاء لتقويض حلم دولة النظام والقانون.
إنها دعوة للسلام، نعم، لكنها مشروطة بالعدالة، وبالاعتراف بحق اليمنيين في وطن يحكمه القانون، لا الولاءات. ومن تعز، يمكن أن يبدأ هذا الطريق، لأنها لا تزال تؤمن أن الوطن يستحق الأفضل، وأن المستقبل لا يُكتب إلا بالعقل، والكرامة، والإرادة الحرة.
تعز خرج منها القادة، لا لأنهم سعوا إلى السلطة، بل لأنهم حملوا مشروع الوطن في عقولهم وضمائرهم. هي المدينة التي لا تنكسر، بل تعيد تشكيل نفسها كل مرة، وتُعلّم الآخرين أن النهوض لا يكون إلا بالوعي، وأن الوطن لا يُبنى إلا بمن يؤمنون به فكرةً قبل أن يكون حدودًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.