استعداد لمنع استيراد الملابس الجاهزة وتوفيرها محليا بجودة افضل    الجنوب بين معاناة الناس الحياتية وتسابق أجندة المصالح الخارجية    خدمة لاسرائيل..وفد بريطاني رفيع في عدن لزعزعة أمن البحر الأحمر    متقاعدون معاقون في عدن: راتب 25000 ريال لا يعيل أسرة ولا يغطي أجرة المواصلات    الكشف عن بنود الخطة الأمريكية للتسوية في أوكرانيا    تريليون دولار بلا مقابل: كيف تحوّلت الرياض إلى ممول للاقتصاد الأمريكي؟    إسبانيا تواصل الصدارة في تصنيف الفيفا    العزي يطلّع على سير العمل في ملعب الظرافي تمهيدًا لافتتاحه    اختتام جمعية المنتجين ومركز سند دورة في تمكين المرأة اقتصاديًا    وزير الداخلية.. جابي ضرائب لا حامٍ للمواطن.. غرامة مالية متنقلة على ظهور الناس    خبير في الطقس: البرد سيبلغ ذروته خلال اليومين القادمين ودرجات الحرارة السطحية تنخفض إلى ما دون الصفر    الاتفاق بالحوطة يتغلب على البرق بتريم في البطولة التنشيطية الثانية للكرة الطائرة بوادي حضرموت    قراءة تحليلية لنص "عيد مشبع بالخيبة" ل"أحمد سيف حاشد"    المبعوث الأممي يناقش في مسقط جهود التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن    تعز.. مسلح يعتدي على قيادي تربوي وزوجته    (هي وهو) حين يتحرك النص بين لغتين ليستقر    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع شبكة تحويلات مالية وأربع منشآت صرافة    صحفي: السماح لأسرة غازي الأحول بزيارته    ناطق الإصلاح: وجود السعودية في هذا المستوى والحضور الدولي يضمن للمنطقة موقعًا فاعلًا    غداً... انطلاق بطولة غرب آسيا للجودو في عمّان بمشاركة يمنية    نزول ميداني للرقابة على الأسواق والمخازن التجارية في صنعاء    العراق يستفيد من نتائج القارات ويخوض مباراة واحدة في الملحق العالمي    مدينة الوفاء والسلام المنكوبة    تنفيذية انتقالي حضرموت تعقد اجتماعًا استثنائيًا وتقر تنظيم فعالية جماهيرية كبرى بمناسبة ذكرى ال30 من نوفمبر    العلامة مفتاح يشيد بالمشاريع الكبيرة لهيئة الزكاة    مسؤول بريطاني ل"الصحوة": نسعى لتعزيز الشراكة مع اليمن لمواجهة التهديدات    رئيس هيئة حقوق الإنسان يناقش مع رئيس مركز عين الإنسانية آليات الشراكة وتعزيز العمل الحقوقي    الأمين العام للانتقالي يلتقي ممثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة ويؤكد دعم المجلس لدور المرأة الجنوبية    الرئيس المشاط يهنئ سلطان عمان بذكرى العيد الوطني    تنافس قوي على رئاسة الإعلام الرياضي بعدن    رودريغو: نحن نملك هوية واضحة مع انشيلوتي    مكافحة الفساد تتسلم إقرارات عدد من أعضاء ومدراء هيئة رفع المظالم بمكتب رئاسة الجمهورية    المستحمرون الحضارم كما يراهم إعلام بن حبريش    انقطاع كهرباء لحج يتجاوز نصف شهر: غضب شعبي واتهام "حكومة الفنادق" بإيذاء الناس    رئيس سياسية الإصلاح: العلاقات اليمنية الصينية تاريخية ممتدة وأرست أساساً لشراكة اليوم    الهيئة العليا للأدوية تختتم الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التيقظ الدوائي    مهرجان "إدفا" ينطلق من أمستردام بثلاثية احتجاجية تلامس جراح العالم    يا حكومة الفنادق: إما اضبطوا الأسعار أو أعيدوا الصرف إلى 750    الذهب يتراجع مع صعود الدولار    مليشيا الحوثي تحتجز جثمان مواطن في إب لإجبار أسرته على دفع تكاليف تحقيقات مقتله    عملية نوعية في مركز القلب العسكري    خطوة تاريخية للأسطورة.. رونالدو في البيت الأبيض    ترامب يصنّف السعودية حليفاً رئيسياً من خارج الناتو خلال زيارة بن سلمان لواشنطن    مطالب جنوبية بتعليق العمل السياسي فورًا والعودة فرض قبضة أمنية كاملة    قراءة تحليلية لنص"البحث عن مكان أنام فيه" ل"أحمد سيف حاشد"    13 قتيلاً وعشرات الإصابات في غارة إسرائيلية على مخيم عين الحلوة جنوب لبنان    الكاتب والصحفي والناشط الحقوقي الاستاذ محمد صادق العديني    تفاصيل اجتماع رونالدو مع الرئيس ترامب    الإعلان عن الفائزين بجوائز فلسطين للكتاب لعام 2025    فريق أثري بولندي يكتشف موقع أثري جديد في الكويت    مركز أبحاث الدم يحذر من كارثة    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعز: فكرة وطن
نشر في الصحوة نت يوم 20 - 08 - 2025

في وطنٍ تتنازعه الجغرافيا وتنهكه الولاءات، تبرز تعز لا كمدينة، بل كفكرة. فكرة الدولة التي يحكمها القانون لا الأهواء، وفكرة الوحدة التي تنبع من الوعي لا من الإملاء. تعز لم تكن هامشًا في التاريخ، بل كانت في صلبه، تكتب فصوله بالعلم، وتدافع عنه بالصبر، وتعيد رسمه كلما حاولت الجغرافيا أن تبتلع المعنى.
وحدوية أبناء تعز ليست موقفًا سياسيًا عابرًا، بل قناعة راسخة تشكّلت عبر عقود من النضال والمعرفة. لم تكن الوحدة بالنسبة لهم شعارًا يُرفع، بل مشروعًا يُخطط له، ويُكتب بوعي، ويُدافع عنه في كل مفصل تاريخي. هم من كتبوا أولى صفحاته، ودافعوا عنه حين تراجع الآخرون، واعتبروه ضرورة تاريخية لا خيارًا سياسياً.
تعز لم تكن مركزًا للسلطة، لكنها كانت مركزًا للفكر، للثقافة، وللإرادة الحرة. من مدارسها خرجت بذور التعليم الحديث، ومن شوارعها انطلقت شرارات التغيير، ومن بيوتها خرج من حملوا همّ الوطن قبل أن يُطلب منهم ذلك. لم يخرج منها من تولّى الحكم، لكن خرج منها من علّم القادة، ومن كتب الدساتير، ومن واجه الاستبداد بالكلمة والموقف.
ورغم كل ذلك، دفعت تعز الثمن باهظًا. عُطّلت مطاراتها، جُمّدت موانئها، وأُغلقت طرقها، لا لأنها ضعيفة، بل لأنها قوية بما يكفي لتُقلق من لا يريد للوطن أن ينهض. ومع ذلك، لم تنكسر. خرجت كما تفعل دائمًا: أول من يصرخ، وآخر من يتعب. كانت نقطة الانطلاق، وساحة الحسم، وضمير الثورة.
ما يميز أبناء تعز ليس فقط وعيهم، بل أخلاقهم. في زمنٍ طغت فيه العنجهية، أظهروا تواضعًا نادرًا، وصبرًا على الجهل، ومسايرة للحماقات التي كان يمكن أن تُفجر البلاد. لم يردّوا على الإساءة بالإساءة، بل قابلوا التهميش بالحكمة، والتجاهل بالعمل، والانغلاق بالدعوة إلى الانفتاح. هم أهل الصبر لا أهل صخب، وأهل بناء لا أهل ضجيج.
تعز ليست مجرد مدينة، بل فكرة. ليست جغرافيا، بل وعي متجدد. خرج منها كل الأطياف، واحتضنت الجميع دون أن تفقد هويتها. فيها عاش من علّم الناس أن الطريق إلى الله يمر بالحب والمعرفة، وفيها لا تزال تُرفع صور من وقف معها يوم احتاجت، وفاءً لا نسيانًا.
هي المدينة التي تنهض كلما سقطت، وتعود للحياة وكأنها خُلقت من رماد الأمل. وفي وطنٍ أنهكته الصراعات، تظل تعز صوت العقل، ونداء الحكمة، وفسحة الرجاء.
من تعز، يجب أن تنطلق دعوة للصلح، لا للتنازع. فهي المدينة التي جمعت ولم تفرّق، واحتضنت الجميع دون تمييز. أهلها يؤمنون أن اليمن لا يُبنى إلا بالتسامح، ولا يُشفى إلا بالتكاتف.
لكن المصالحة الحقيقية لا تعني التنازل عن المبادئ، ولا يمكن أن تكون مع من يسعى لإعادة عقارب الزمن إلى ما قبل الثورة، أو من يرفض فكرة الدولة الحديثة. فتعز، التي دفعت ثمنًا غاليًا من أجل الحرية، لا تقبل أن تكون جسراً للعودة إلى الاستبداد، ولا أن تُستخدم كغطاء لتقويض حلم دولة النظام والقانون.
إنها دعوة للسلام، نعم، لكنها مشروطة بالعدالة، وبالاعتراف بحق اليمنيين في وطن يحكمه القانون، لا الولاءات. ومن تعز، يمكن أن يبدأ هذا الطريق، لأنها لا تزال تؤمن أن الوطن يستحق الأفضل، وأن المستقبل لا يُكتب إلا بالعقل، والكرامة، والإرادة الحرة.
تعز خرج منها القادة، لا لأنهم سعوا إلى السلطة، بل لأنهم حملوا مشروع الوطن في عقولهم وضمائرهم. هي المدينة التي لا تنكسر، بل تعيد تشكيل نفسها كل مرة، وتُعلّم الآخرين أن النهوض لا يكون إلا بالوعي، وأن الوطن لا يُبنى إلا بمن يؤمنون به فكرةً قبل أن يكون حدودًا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.