الافراج عن معتقلي الرأي هو انتصار للعقل والحكمة وللوطن    ثقافة الاستبداد الأكثر بؤسًا في اليمن    درجات الحرارة تنخفض إلى الصفر المئوي وما دونه في المرتفعات    عاجل: استشهاد أول أبطال القوات المسلحة الجنوبية في معركة تحرير وادي حضرموت    ماجد زايد... صديق بعمر الوفاء، وقلب بحجم البلاد    قصف صاروخي للعدو السعودي يستهدف قرى سكنية بمديرية رازح الحدودية    سقوط حضرموت بالفوضى    بدء تعزيزات مرتبات شهر أكتوبر 2025    محمد منصور: فتنة ديسمبر كانت مخططة    حضرموت: المصير الذي لا يُقسَّم (2)    ايقاف إجراءات الهجرة والتجنيس الى أمريكا من 19 دولة بينها اليمن    برشلونة يعاقب أتلتيكو في كامب نو    مباراة الأهداف التسعة.. مانشستر سيتي ينجو من ريمونتادا مجنونة أمام فولهام    قناة آي 24 نيوز: عدن .. أزمة خانقة وشلل اقتصادي وغياب تام للدولة    تقرير أوروبي: عمليات اليمن البحرية تعيد رسم ميزان القوة وتكشف هشاشة الردع الغربي    عاجل.. القوات الجنوبية تتعامل مع دبابة تابعة لاحتلال اليمني غرب وادي حضرموت (صور)    خالد بحاح يفضح الشرعية ويكشف تضحيات التحالف العربي مقابل فساد النخبة اليمنية    باتيس يهدد بإحراق الوادي ويؤكد أن بترول المسيلة ملك للشعب اليمني    حوادث السير تحصد حياة 70 شخصاً وتصيب 414 آخرين خلال شهر نوفمبر    لان الامارات صنّاع العطاء.. احتفلت شبوة بيومها الوطني    لقاء تنسيقي بمأرب يؤكد على أهمية مواجهة التحديات الإنسانية بالمحافظة    الجبواني والجفري يشهدان الحفل الفني الذي أقيم بمحافظة شبوة بمناسبة الذكرى ال54 لعيد الاتحاد الاماراتي    المغرب يفتتح مشواره في كأس العرب بالفوز على جزر القمر    ندوة ولقاء نسائي في زبيد بذكرى ميلاد الزهراء    تدشين امتحانات الفصل الأول في فرع الجامعة الوطنية بالحديدة    إعلان تشكيل لجنة تسيير لشراكة اليمن للأمن البحري بمشاركة دولية واسعة    معجزة غزة.. فيلم لبناني يحصد جائزة في برلين    وزارة الإدارة والتنمية المحلية تبدأ حملة تقييم ميداني لأداء المحافظات    مواطنون يشكون تضرر الموارد المائية لمناطقهم جراء الأنفاق الحوثية في إب    اتحاد الأدباء والكتّاب اليمنيين ينعى الأديب عبدالإله البعداني    صنعاء.. إيقاف التعامل مع منشأة وشركة صرافة    بدائل بسيطة لتخفيف السعال والتهاب الحلق في الشتاء    الذهب ينخفض مع جني الأرباح والنفط يرتفع بفعل الأخطار الجيوسياسية    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات    كلية المجتمع في ذمار تنظم فعالية بذكرى ميلاد الزهراء    كأس العرب.. فوز تاريخي لمنتخب فلسطين على قطر    برشلونة يقترب من ضم موهبة مصرية لتعزيز الهجوم    خبير آثار: معبد أثري بمأرب يتعرض للاهمال والنهب المنظم    صراع النفوذ السعودي الإماراتي يطفئ مدن حضرموت    هيئة الأوقاف في البيضاء تعيد تأهيل مقبرتي الخرقاء الشرقية والغربية    تنافس القوى الكبرى في البحر الأحمر في رسالة ماجستير للمقطري    حقول النفط في حضرموت: معاناة الأهالي مقابل ثراء فئة قليلة    جاهزية صحية قصوى في وادي حضرموت وسط مخاوف من تطورات وشيكة    الإمارات في عيدها 54.. اتحاد راسخ ورؤية تنموية رائدة    الهيئة النسائية في تعز تدشن فعاليات إحياء ذكرى ميلاد الزهراء    لملس و الحريزي يفتتحان مشروع إعادة تأهيل شارع معارض السيارات في الشيخ عثمان    تهريب مئات القطع الأثرية من اليمن خلال شهرين فقط    8 وفيات و12 إصابة بحمى ماربورغ في إثيوبيا    حضرموت.. بترومسيلة تعلن إيقاف إنتاج وتكرير النفط نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية    المغرب يستهل كأس العرب بمواجهة غامضة واختبار صعب للكويت والسعودية    لا تخطئوا.. إنها حضرموت    خط ملاحي دولي يستأنف نشاطه إلى ميناء الحديدة    الليغا ... ريال مدريد يستمر في السقوط    مرض الفشل الكلوي (30)    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    تقرير أممي: معدل وفيات الكوليرا في اليمن ثالث أعلى مستوى عالميًا    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد الظاهري.. رجل المبدأ
نشر في الصحوة نت يوم 18 - 10 - 2025

ببالغ الحزن والأسى، وبقلب يقطر وجعاً، تلقينا نبأ رحيل الدكتور محمد محسن الظاهري، أستاذ العلوم السياسية ورئيس نقابة هيئة التدريس بجامعة صنعاء.

بعد صراع طويل مع مرض السرطان، خاضه بصبر جميل ورضاً يليق بالمؤمن المحتسب.

رحل الرجل الذي لم يكن مجرد أكاديمي محاضر أو منظّر في قاعات الدرس، بل كان حالة فكرية ونضالية نادرة، تماهى فيها القول بالفعل، واتحد فيها الفكر بالموقف، والعلم بالكرامة، والسياسة بالشرف.

كان الدكتور الظاهري مدرسة قائمة بذاتها؛ مدرسة تؤمن بأن السياسة ليست حيلة ولا مكيدة ولا مصلحة عابرة، بل موقف وانتماء وشرف وتضحية. لقد علّم طلابه وزملاءه – قبل أن يعلّمهم الكتب – أن الفكر بلا التزام أخلاقي لا معنى له، وأن المثقف الذي لا ينحاز إلى الناس وإلى الحقيقة، لا يستحق أن يُنصت إليه التاريخ.

كان يعيش القيم التي يؤمن بها، بسيطاً في مظهره، عظيماً في جوهره، زاهداً في زخارف الدنيا ومباهجها. كم من المناصب والفرص والمغريات عرضت عليه، فرفضها جميعاً بصلابة من يملك نفسه، واعتزاز من يعرف قدره. فقد جمع بين الاعتداد بالنفس والتواضع الحقيقي، وهي معادلة لا يجيدها إلا القليل من الرجال الذين صاغوا ذواتهم على مبادئ لا تهتز.

عرفته عن قرب، فوجدت فيه مثالاً نادراً للرجل الذي يعيش للمبادئ لا للمصالح، وللقيم لا للأضواء. كان ممن تغيّبهم الأنظمة ولا يغيبون عن الضمائر، وممن يبتعدون عن الضجيج ليتركوا أثراً عميقاً في صمتهم. لم يكن يسعى إلى مكسب أو منصب أو شهرة.

أتذكره بعد أحداث عام 2015، يوم ضاقت به سبل العيش، لكنه ظل في صنعاء ثابتاً على مبادئه، مرفوع الرأس، لا يساوم ولا يلين. حاولت أن أرسل له مبلغاً من المال ليستعين به في تلك الظروف، لكنه رفض رفضاً قاطعاً أن يستلمه، رغم ما يجمعني به من صداقة ومحبة واحترام.

كان وحيداً في زمن ازدحم بالمدعين، يمشي في درب السياسة كما يمشي العارف في طريق الحقيقة؛ ثابت الخطى، مرفوع الهامة، لا تغريه المغانم ولا ترعبه العواقب. صعّر خده لكل غوايات السياسة ومكائدها، وأدار ظهره لحساباتها الضيقة ومنافعها الزائلة، مؤمناً أن الاستقلال في الرأي شرف، وأن الانحياز للضمير أسمى من الانتماء لأي سلطة أو تيار.

لم يكن يوماً تابعاً لأحد، ولا صدى لصوت غير صوته الداخلي الذي يهتدي بالبصيرة لا بالمصلحة. كان إذا قال، قال عن قناعة نابعة من أعماق التجربة والفكر، وإذا وقف، وقف على أرض صلبة من الإيمان بما يرى، لا بما يُراد له أن يرى.

عاش مسكوناً بحالة من غنى النفس وكرم الروح قل أن تجد لها نظيراً. لم يكن غناه مالاً ولا جاهاً، بل غنى القناعة وطمأنينة القلب ونقاء السريرة. كان يملك من الكبرياء ما يحول بينه وبين المساومة، ومن الزهد ما يجعله عزيزاً، ومن النقاء ما يجعله سامقاً فوق الصغائر كلها.

رحل الدكتور محمد محسن الظاهري جسداً، لكنه ترك خلفه ما هو أبقى من الجسد: ترك سيرة رجل عاش كما أراد الله للرجال أن يعيشوا؛ أحراراً، صادقين، شامخين. سيبقى في ذاكرة طلابه وزملائه وكل من عرفه ضميراً نبيلاً، وعلماً من أعلام الفكر الوطني النزيه.

سلام عليه يوم علّمنا أن الانتماء للوطن ليس شعاراً بل سلوكاً، ويوم آمن أن السياسة لا تكون شريفة إلا إذا حملت همّ الناس، ويوم رحل مرفوع الرأس كما عاش.

رحم الله الدكتور محمد الظاهري، وأسكنه فسيح جناته، وتقبله مع الأولياء والصالحين من عباده.
ولا نقول في هذا المصاب الجلل إلا ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون.

خالص العزاء لأولاده وأسرته الكريمة، ولكل طلابه وأصدقائه ومحبيه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.