حمل القاضي يحيى الماوري عضو المحكمة العليا ما أسماها الأنظمة الشمولية والقبيلة مسؤولية ما عانى منه القضاء في الفترة الماضية. وقال في ورقة عمل قدمها خلال منتدى الدكتور غالب القرشي الذي ناقش الأحد الماضي "آفاق العدالة القضائية في ظل الدولة المدنية"، قال: "لقد عانى القضاء خلال الفترة الماضية من آفتين رئيسيتين هما الأنظمة الشمولية والقبيلة المنازعة للدولة، وهما اللتين حاولتا التحكم بالعدالة القضائية". وأضاف: "الأنظمة الحاكمة هي من أهدرت العدالة القضائية وهيمنت على مقدرات البلاد، وعندما تتغول السلطة التنفيذية على مؤسسات الدولة فهي تغيب السلطة القضائية والقضاء وتخيف القاضي فلا يستطيع أن يصدع بكلمة الحق كما كان يفعل القضاة في صدر الإسلام". وتساءل القاضي الماوري قائلا: "هل كان لدينا ديمقراطية حقيقية وانتخابات حقيقية؟، مجيبا على تساؤلاته: لم يكن هناك ممارسة دستورية بل كان يتم إصدار القوانين والالتفاف عليها، وكانت التقاسمات السياسية تتم بعيداً عن القوانين والممارسة الدستورية". ودعا القاضي الماوري إلى تأسيس شرعية دستورية للنظام بشكل كامل وفضل أن يكون النظام برلمانياً، قائلا: "نحن الآن على أبواب التأسيس لمرحلة جديدة، يجب أن نؤسس لشرعية دستورية للنظام على أساس توزيع السلطات بين المؤسسات الدستورية حتى لا تكون كلها مركزة في يد شخص واحد هو رئيس الجمهورية، وتجزأ هذه السلطة بين النظام البرلماني والرئاسي، وتكون السلطة بيد رئيس الوزراء حتى نستطيع استدعائه ومحاسبته في البرلمان، ويجب أن تكون المحكمة الدستورية سلطتها على الجميع". كما دعا إلى فصل المنازعات القائمة بين المؤسسات الدستورية في الاختصاص والصلاحيات واشتباك القوانين بينها مثل ما حصل من منازعات الصلاحيات والاختصاص بين القضاء والبرلمان في قضية الشوافي والبرطي مثلاً. ودعا إلى فصل القضاء والتفتيش القضائي عن السلطة التنفيذية، وقال: "إذا كان رئيس الجمهورية أو وزير العدل هو من يعين القضاة فإن القضاء لن يكون مستقلاً، وسيكون القضاء مرهوناً بيد الرئيس". كما دعا إلى أن يكون التفتيش القضائي خاضعاً للسلطة القضائية وليس تابعاً للسلطة التنفيذية ويتبع وزارة العدل التي هي جزء من السلطة التنفيذية. وفي مداخلته أكد الدكتور غالب القرشي رئيس المنتدى على استقلالية القضاء بشكل تدريجي، وقال: "علينا أن نقبل بالدولة المدنية الحديثة كما قبلنا بالديمقراطية عام 1990، ولكن بمفاهيم إسلامية وما يصلح لواقعنا". من جانبه استعرض المحامي عبدالرحمن برمان إشكالية بناء الدولة الحديثة، وانتقد مؤسسة القضاء الحالية، وقال: "لم يكن القضاء مستقلاً، وفي الفترة الأخيرة للنظام السابق تم عسكرة القضاء بإدخال السلك القضائي من منتسبي المعسكرات وخاصة الحرس الجمهوري. وكذلك عدم وجود قضاء نزيه وعادل، والقضاة الحاليون هم موظفون إداريون ولا يمكن أن نطلق عليهم قضاة". وكانت هناك مداخلات أخرى للسفير أحمد البرق وللعقيد عسكر زعيل وآخرين من أكاديميين ومهتمين وصحفيين. وحضر الندوة العديد من الشخصيات والمتابعين والمهتمين.