هكذ يبدوا القمر في شواطئها الذهبية قمران .. حين احتلها الانجليز اطلق عليها الخواجة كمران .. 6 كيلو متر هي المسافة التي تفصل شواطئ ميناء الصليف عن شواطئ الجزيرة ، عبر قارب صيد او ما يسمى بالفيبر ستكون احتضنت شاطئين في ربع ساعة تقريبا . هنا حطت رحالها اليزبيث ملكة بريطانيا والملك فاروق ، الاولى قضت فيها بعض ايام من لحظات عمرها الجميل .. و6 ساعات للملك فاروق قضاها يتأمل عن ضياع العروبة التي اسلمت جوهرة بحرها للمحتل ولم يتمعر وجهه خجلا.. وهنا كان الحجاج العابرون الى المشاعر المقدسة يمرون عبرها حيث كانت تمثل كحجر صحي قبل ان يصلوا الى بيت الله الحرام ، زارها الرئيس الراحل الغشمي ووعد اهلها الفقراء 400 الف ريال كمساعدة من الدولة للأسر الفقيرة في الجزيرة صرف المبلغ للمقدم على عبد الله صالح وكان برفقته محمد محمد سعيد كرم وهو من ابناء جزيرة كمران واول مدير لمركز كمران ، ليمضي المدير السابق لكمران في ذكرياته الاولى لعمليات النهب للمال العام وفي وجهه اشلاء ابتسامة ، سلمه السكان الفقراء كشوفات الاسر الفقيرة استلمها المقدم ووزع منها ما وزع والبقية رحلت مع الكشوفات وما تبقى من فقراء الجزيرة ، ولم يعد المقدم علي عبد الله صالح حينها للجزيرة الا رئيسا ، ليمضي هذا المسن بالقول بالامكان ان تقابلوا علي عبد الله صالح وتسألوه قالها وفي حلقه حشرجة مريرة وربما يذكر هذه قصة البؤس هذه .. يروي السكان عن عدد من الزيارات للرئيس المخلوع للجزيرة ، لم يتمكن من القاء كلمة واحدة في سكانها حتى في زيارته الاخيرة حاول ان يلقي كلمة في الحضور بينما كان الناس يضجون بالشكوى من مدير المديرية ( مارش ) ليغادرهم يائسا من الحديث اليهم ، وليس خجلا من ذاكرة ما تبقى لفقراء الجزيرة من مستحقات الاسر الفقيرة ، ولكن من صرخات شكوى وضجيج السكان من فساد عرش في عهده وأحال الجزيرة الى كومة من خراب .. تاريخ يتشقق 2000 نسمة هم تعداد السكان ومثلث تجمع سكاني في مساحة جغرافية تقدر 106 كيلو متر هي قرى مكرم واليمن وكمران ، لاهميتها الاستراتيجية تناوب على احتلالها البرتغال والعثمانيين والانجليز باعتبارها أحد اهم الجزر اليمنية في البحر الاحمر كموقعا استراتيجيا وتنوعا حيويا وبيئيا وسياحي وحيوانيا واقتصاديا بينما استحالت هذه الجوهرة البحرية الى فحمة بيد فحام هكذا يقول ابناء كمران ساخرين .. ذرة البحر الاحمر من اقاصي تاريخ هذه الجزيرة يستدعي السكان من جراب الذاكرة سفر هائل من عطاء كمران الجزيرة الانسان الارض والبحر والثروات والثورة .. الجزيرة التي كانت تصدر الماء والثلج الى مدينة الحديدة ومديرياتها اصبحت بعد 4 عقود من الاهمال والنسيان اصبحت اكباد ظامئة تغرق في الحر والظلام ويعرش فيها الفقر والمرض اما المباني التاريخية والاثرية فهي تاريخ يتشقق كل شيئ فيه الى الخراب يصدمك حجم الدمار الذي لحق بهذه الجزيرة وكأنما زلزال اتى عليها ذات يوم ، القباب والمسجد الاثري والبنايات والقلاع والجسور والآبار وكل ماضي جميل استحال الى حطام ، بفعل الاهمال . ثروة دمرها النظام العائلي في الصليف قبل ان ابدأ الرحلة الى كمران كان علي التوقف برهة للتأمل في زرقة البحر من شاطئ الصليف احد اشهر موانئ البحر الاحمر واقدمها ، هنا كان يصدر الملح الى امريكا والدول الاسكندنافية حتى ثمانينيات القرن الفائت ، باعتباره كأرقى وانقى ملح بجودة و مواصفات عالمية ، لم يعد هذا الملح العالمي من ذكر سوى كلمات وجمل هداوا على اكبر فاجعة لحقت بثروة وطنية يقتات منها ابناء الصليف وكمران بعثرها النظام البائد واحالها الى ملح يتخثر بمراراته في حلوق وجراحات السكان الفقراء ولم يتبقى من هذه الذكرى هنا سوى اشلاء آلة شحن وحطام ناقلة ورافعات صدئه وسؤوال ذابح لابن الجزيرة عرفات عنين ، من هنا كان يصدر الملح الى دول العالم وفي عهد المخلوع توقفت شركة الملح في الصليف كأشهر ملح في العالم توقف نبض التصدير واصبحت مناجمه بيد مراكز نفوذ يباع تهريبا وينهب سرا وعلنا وعلى مسمع ومرأى نظام منحته الصليف رأس مال كبير مع شركاء الاستيراد والتصدير فقايضها بالموت والاهمال ليغدو اكثر من 400 موظف عاطلون عن العمل بعد ان تحولت الشركة الى خرابة مهجورة .. شواطئ الصليف لا تزال في بريق املها بانتظار ان تستيقظ ضمائر المسؤولين ، ليدركوا اهمية هذه الثروة التي استنزفت في عهود نظام الوطن والجغرافيا والانسان كان مجرد متاع وتسلية .. اكباد ظامئة سأبحر الآن باتجاه كمران تاركا قواربا صغيرة تنقل بعض البضائع الفقيرة الملح والثلج وبعض من الخضروات والمعلبات والكارثة التي لم اسمع بها الى في عهد المخلوع حتى المياه هنا اقصد مياه الشرب في اوعية بلاستيكية يتم نقله عبر القوارب في محاولة لانقاذ السكان من الموت ضمأ .. كنت اعتقد ان مشكلة مياه الشرب في الجزيرة المنكوبة ليس بتلك ما تنشره اللتقارير ويصرخ بسببه سكان الجزيرة الضامئة ، ها انا الآن امام الحقيقة مؤلمة تجد المأساة بادية في وجوه صفراء والاجساد النحيلة وصرخات السكان الشاحبة واطفال يشربون من مياه مالحة تختلط بالتراب وقسم بالله من وجوه عجزة وكبار سن بان هنالك من يشرب من ماء البحر منذ عشرات السنوات ، وهناك من يموت من الضمئ والمياه الملوثة ، فمن يقدر على شراء 20 لتر من الماء 250 ريال ، لذا لا تتعجبوا ان الكثير من الاسر غادرت الجزيرة وهجرتها بحثا عن الماء ، خرج السكان عن صمتهم خرجوا ليقولوا كفى موتا لهذه الجزيرة خرجوا الى مبنى المديرية واحصروا اعضاء المجلس المحلي ليسائلوهم بأي ذنب تموت هذه الاكباد الضامئة ؟ قال السكان ان امين عام المجلس المحلي بالمحافظة العقيد حسن الهيج وعدهم بالزيارة لحل المشكلة ومحاسبة المتسببين في ما آل اليه الوضع في الجزيرة من اعمال نهب منظم وتخريب متعمد للمشاريع منذ سنوات ، هاهم شباب الجزيرة يتنفسوا مع الثورة حريتهم ليكشفوا لي عن فضائح نظام سابق كان يقايض القتلة ومصاصي دماء السكان بالسكوت عن جرائم نهب مشاريع تصرف لها المليارات من ميزانية الدولة .. مشاريع للنهب واخرى للتصفيق مشروع مياه كلف الدولة 180 مليون لتحلية مياه الشرب نفذه احد افراد الحكم العائلي عبر مقاول يقال انه يعمل بنشريا في صنعاء هكذا قال السكان بالصوت والصورة فيما يسمى بمشروع كنداسة في الجزيرة ، دخلت الى الهنجر والمكان الذي يربض فيه آلة هذه المشروع الكبير المنهوب ، شعرت بفداحة المأساة أي جرم يرتكب بحق سكان الجزيرة من ينصف هؤلاء من سيحقق في ما آل اليه مشروع تحلية المياة في جزيرة ضامئة كانت قبل عقود من السنين تصدر الماء للمحافظة الساحلية ومديرياتها الساحلية ، يقول المواطنون ان المشروع الذي نفذ عبر فنيين ومتخصصين لبنانين لم يكن خاضع للمواصفات وانه كان ضمن صفقة فساد بين اطراف في النظام والمنفذين للمشروع ، حين سألنا رئيس لجنة الخدمات في المجلس المحلي في الجزيرة قال ان المجلس رفض يستلم هذا المشروع وانه من المفترض ان تستلمه مؤسسة المياه واستلمته وحتى الآن لا رد والامور انتهت الى ما تراه ، بينما المواطنون يؤكدون ان المجلس المحلي ومدير المديرية السابق استلموا المشروع رغم علمهم بانه صار مجرد خرابة ، واستمرارا في التلاعب بالمال العام والضحك على المواطنين ، تم ايصال العدادات لمنازل المواطنين ومدت المواسير في احدى المناسبات الانتحابية ولم تصل قطرة الى منازلهم الا بكذبة كبرى حيث قامت مراكز نفوذ بتعبئة خزانات المشروع بمياه من وايتات قريبه وافرغتها في المواسير فرح السكان لثمان ساعة فقط ليكتشفوا انها مجرد خدعة لاستلام بقايا تكاليف المشروع وافتتاح ولعب على اوجاع الناس واشواقهم ، حمالة المياه من الصليف الى كمران والتي صرفت لها ميزانية لاصلاحها صرفت الميزانية ولم تصل العبارة ورمضان على الابواب والسكان يبحثون عن مياه الشرب في جزيرة كمران ، ولم تأتي حتى اللحظة ولا تزال قابعة في الحديدة تحت الاصلاح كما يقول المسؤولون للمواطنين في الجزيرة ، اما الكهرباء فالمولدات توقفت عن العمل قبل ان تنهي عمرها الافتراضي واصبحت تباع قطع وتشليحا كما يقول السكان ولم يعد سوى مولد واحد والبقية كما رايتها عفى عليها الزمن وامتدت اليها ايادي الفساد والمفسدين ، وحين انتفض السكان وقاموا بمحاصرة قيادة المجلس المحلي وتم ايداعهم ادارة امن كمران قاموا بسحب احد مولدات مياه التحلية في محاولة لتهدئة المواطنين ، المواطنون اكدوا في احاديثهم المريرة بأن مراكز نفوذ كانت تستقوي ببعض افراد الحكم العائلي في الضغط على سكان الجزيرة لاختيار من يريدون في كل الانتخابات ، سلبوا منا حتى حريتنا هكذا يصرخ المواطن محمد محمد عمر .. بئر معطلة وقصر مشيد في احدى اتجاهات الجزيرة مشروع لشاليهات يعود لاحد افراد الحكم العائلي توقف المشروع الاستثماري في الجزيرة الضامئة والغارقة في الظلام ، بعد اندلاع الثورة الشبابية والشعبية ، أي نظام كان يحكمنا بهذا الاستخفاف ، واي نظام يقدر على تجاوز اشواق واو جاع سكان هذه الجزيرة ، نظام المخلوع يستثمر في الشاليهات لينزلوا فيها الاجانب وكبار المسؤولين واركان النظام ليستمتعوا باجواء الجيرة ومناظرها الخلابة تاركين سكانها نهبا للفساد والإهمال والظلام والضمأ ، بئر معطلة وقصر مشيد فيما المئات من السكان من يشربون من البحر ، والله شربنا من البحر ايها المخلوع كما وعدت هكذ يصرخ الشاب عبد الله الكمراني لكننا واثقون بمستقبل آخر يضمن لنا حياة كريمة ، السكان هنا يتذكرون كل شيء جميل ماضي يتذكرون حين كانت طائرات الانجليز تنقل مرضاهم الى عدن للعلاج بينما تعال انظر العيادات الصحية لدينا التي وهبنا اياها النظام السابق ، الناس يموتون من الوباء والحميات والتلوث مياه الشرب .. يصعب الزائر الى كمران ان يحيط بالجمال البكر للجزيرة التي احالها النظام السابق الى خراب كل شيئ يتهدم الاثار والمشاريع والقلاع والمساجد القديمة واحلام الناس .. الجيرة التي لا يوجد فيها مرسى بحري يقي قوارب الصيادين من التصدع بسبب الرياح ، لا يوجد امن بحري حافظ على ثرواة المواطن والوطن من الجرف العشوائي للشعب المرجانية والاسماك الناذرة بفعل الشركات الاجنبية التي دمرت كل شيئ في شواطئ البحر الاحمر طوال سنوات حكم المخلوع .. جزيرة كمران حضيت باهتمام عالمي لكنها تعاني الحرمان وتشكوا الفاسدين ويكابد سكانها الظلام والضمأ على امتداد عقود الحكم العائلي ، جزيرة كمران والتي تعد من اهم الجزر اليمنية في البحر الاحمر لاتزال غائبة ومغيبة عن الدولة كما يقول السكان فمشاريع المياة تستحيل الى خراب قبل ان تبدأ العمل .. قمران هو اسم الجزيرة واطلق عليها المحتلون الانجليز كمران ، هي اليوم بسكانها الذين يبلغون الفي نسمة ترزح تحت وطأة الظلام والضمأ فمن يسمع صرخات سكانها ؟ .