ومن العجائب والعجائب جمة أن يضحك اليمن القديم من الجديد! مع الاعتذار لبيت الشعر واليمن القديم، ذلك أن الشعب اليمني كان موعوداً بيمن جديد ومستقبل أفضل, حين قيل له يوماً وفي غمرة الدعايات الانتخابية وذروة الحماس الانتخابي: (إن الجرع انتهت وإلى الأبد)، كما قيل له أن يودع الكهرباء التقليدية ويستمتع بكهرباء الطاقة النووية. ولو كان الأمر اقتصر عند حد الوعد بيمن جديد ومستقبل أفضل، أو الوعد بإنهاء الجرع وإلى الأبد لهان الأمر، لكن القوم راحوا يكيلون التهم على اللقاء المشترك وأنه لا جرع إلا في رأس المشترك. لكن جرع حزب الحاكم لم تتوقف فرفعت أسعار القمح والدقيق والسكر والمحروقات بل وصلت إلى الزبادي والبصل والثوم والبيضة! وكان من الطبيعي أمام هذا الغلاء الجشع والمتواصل أن يسأل الناس السلطة؟ فأين اليمن الجديد إذن؟ كما أن من حق الناس أن يعبروا عن احتجاجهم السلمي عبر الصحف والاعتصامات والمسيرات وحتى الإضرابات وغيرها، بحثاً عن اليمن الجديد الخالي من الجرع والغلاء والفساد. مبررات السلطة التي ظلت تلوكها سنيناً طويلة لم تعد تقنع أحداً، بل لم تعد هي نفسها مقتنعة بها، فغيرت لهجتها وراحت تتحدى الصحفيين والإعلاميين والسياسيين أن يرخصوا الأسعار! وهذا من أعجب العجائب أن تقوم سلطة بالتخلي عن واجباتها ومسئولياتها وتتحدى أن يقوم بها غيرها! في جانب آخر من أداء سلطة اليمن الجديد يقف رئيس الحكومة يصرخ في وجه أساتذة الجامعة أن عليهم أن يقبلوا بوضعهم الذي هم فيه وأن يقبلوا يد الحكومة ظهراً لبطن وإلا فإنه سيجلب بدلاً عنهم أساتذة من بنجلاديش! لماذا يذهب رئيس الحكومة بعيداً، فهاهي ذي دولة الجعاشن الشقيقة قريبة وكدولة ذات سيادة يمكنها أن تمده بالبدائل المطلوبة. وقد يكون هناك بديلاً آخر وأقرب ويتفق مع نظرية يمن جديد بحيث تقوم السلطة بمنح لقب دكتور لكل من يهب أو يدب في فلكها الخاص فتلك أقل كلفة ومؤنة، وهي تجربة ناجحة حيث طبقتها في سلك التربية والتعليم حيث أبعدت القدرات والكفاءات واستبدلتهم بأميين وشبه أميين. بل هناك عجائب وتجارب أخرى، فقد رأينا مثلاً رتباً عالية عقيد مثلاً فما فوق قبل أن نسمع بهم وهم يحملون رتباً صغيرة ثم تدرجوا منها إلى الأعلى، وكذلك نجد وكلاء وزارات ومدراء عموم دون أن يرتقوا عبر السلم الوظيفي من بدايته! وإذا كان من حق الحكومة أن تستبدل أساتذة الجامعات بآخرين من بنجلاديش، فهل من حق الشعب أن يستبدل الحكومة بحكومة من قيرغيزيا!؟