تطوير شبكة الكهرباء مقدم عندنا على تطوير الجامعة العربية.. فخامة الرئيس هذا الظلام يحول دون رؤية أي أدوار مضيئة في الخارج. نحتاج إلى مبادرة إضاءة عالمية اتحاد إنارة عربي.. الخراب الذي نعيشه لا يسمح لنا بتصدير أي إصلاحات خارجية، والحياة في ظلكم علمتنا أن نتواضع حد الاختفاء. بالأمس انطفأت الكهرباء في حي الصيانة بالحصبة الساعة التاسعة والنصف مساءً ولم تعد إلا في مثل هذا التوقيت صباحاً. اعتدنا الانقطاع ولم نعتد اعتذاراً من أي جهة معنية لا من وزير الكهرباء ولا من المؤسسة التابعة ولا من رئاسة الوزراء ورئاسة الدولة.. اعتدنا الصبر واعتادت السلطة التجاهل.. ليست مشكلتنا أن السلطة عاجزة.. مشكلتنا العجز عن تغيير الحال برمته.. ليس على الناس الانتظار بين حالين.. ماذا نقول لأبنائنا الذين يؤدون امتحانات الثانوية العامة وأي مستقبل يمكن أن نعدهم به، أي مستقبل منير يأتي على ضوء شمعة. لنحاكم الظلام من أجلهم على الأقل كي نثبت لهم أن العلم نور.. دعونا نرفع باسمهم دعوى على وزارة الكهرباء باعتبارها المسئول الأول. هذه دعوة مني كأب لمنظمة (هود) بتحريك قضية على هذا المستوى.. دعونا نثبت مسئوليتنا كآباء جديرين بالاحترام. لا مدن في اليمن، هي قرى كبيرة تغرق في الفوضى والحرمان.. صورة الدولة تبدو جيداً من خلال وضع مدائننا المنهكة والمستنزفة حيث تبدو الحياة متوقفة لصالح الفساد المستشري، ولصالح كل ما يقوض مظاهر المجتمع المدني والحياة المدنية. على حطام المدن يرفع التخلف رايته.. ينشر ظله على كل الفضاءات خانقاً كل بواعث التمدن.. مصادراً مدنية الوعي والسلوك، مدنية الثقافة والممارسة. مدننا الكبيرة في اليمن مازالت هدفاً للتحطيم والتقويض.. مازالت ساحات مطالب أولية وميادين صراعات بدائية، مازالت تعيش هم الكهرباء، الماء، الصحة، النظافة، ضعف البنى التحتية والافتقار إلى مستوى يليق من الخدمة، وهي أوضاع تعكس نفسها على الفعالية السياسية، تؤدي إلى إعاقة التغيير وإعادة إنتاج الاستبداد والفساد، تؤدي إلى تأخر الوعي الحاضن للتحولات الكبيرة. ماذا يعني أن تصير عدنالمدينة العريقة بمجتمعها المدني إلى ساحة نهب أراضٍ وممتلكات، وساحة صراع أخذ طابع المصادرة لحيز الوجود المادي والمعنوي على السواء. ماذا يعني أن تؤول تعز إلى قرية، تكابد المهلكات، الأمر يتعدى الافتقار إلى شبكة الخدمات والأمان، عمدت السلطة إلى تفكيك بنى المجتمع المدني لصالح بناء شبكة علاقات زبائنية مع السلطة، ولصالح إعادة إنتاج مشيخ يكرس التبعية والطاعة والامتثال. في اليمن تغيب الدولة تبعا لغياب الحواضر، وما لم تتشبث المدن بمدنيتها وتقاوم سياسات التهميش والإقصاء، فستظل اليمن بلداً يحكمه التخلف. الأصل أن تكون المدينة شيئاً آخر، تمنحك شعور عارم بالكينونة وتزيد من قدرتك على الفعل والمبادرة، وينفتح أمامك فيها المجال لإثبات الوجود وتحقيق الشخصية. المدن في اليمن تحتاج إلى تمدين، تحتاج إلى إعادة إنعاش لروحها المدنية المحتضرة.