مامن شك ان السبيل الموصل الي النهوض والتحضر وتجاوز الملمات والكروب يمر عبر منظومة من القيم والحركيات السامية وتفعيلها في كافة مناحي الحياة وان تنفيذ هذه المهمة الحيوية يتطلب نوعية من الناس تتصف بقيمتين حركيتين ان تكون مخلِصة (بكسر اللام) ومخلِّصة( بتشديد اللام وكسرها) مُلهم هذا القول وصاحب موضوعه الاستاذ محمداليدومي في كتابه (لكي تستقيم الخطى )الذي اعيد قراءته الليلة للمرة الثالثة وهو يؤكد ان طريق الخلاص هو الاخلاص اولا وثانيا تخليص الناس بأن يكون الداعي ملجأ للارواح يدفعها للاعالي والذرى ولوشئنا ان نلخص فلسفة الاستاذ التي تُوجه منطلقاته في التربيه السلوكيه من خلال كتابه محل الوقفة العابرة لقلنا انها عبارتان اثنتان الاخلاص لله انقاذ الناس لقد تعودنا ان نقرأ مثل هذه العناوين عن استقامة الخطى وتربية النفس اولا واستقم كما امرت والايثار .. اونحو التساقط والنفعية والشرك والابتلاء والوسواس الخ لرجال زهدوا وانعزلوا في اماكن تنأى بهم بعيدا عن دنيا الناس ولكننا مع صاحب هذا الكتاب نعيش حالة مغايرة نحن امام سياسي كبير وفاعل جبار في الحياة الاجتماعية والمدافعة وفارس لايشق له غبار في الاستباق ونزول الساحات اقول هذا وفاء للصالحين المصلحين الذين يروننا قدرة القيم والمثل على التجسد والتمثل وللتأكيد على المزيد من هذه الروح التي لاتستنيم لترديدالمواعظ وتتبنى شعارات النصح والمضي على هدهدة مشاعر الارتياح والرضى عن الذات لايكفي المرء ان يعلن محالفته وحبه لاهل الايمان واصطناع شارتهم ليبرر تخففه من التبعات ازاء الامة والحضارة والتأريخ وازاء جهدالجاهدين ويتوهم انه ادى ماعليه في كتابه لكي تستقيم الخطى كان يفاعل اوضاعا ومعاينات وضغوطا ملموسه وكان يتصدى لمواجهات ميدانية اختراقاتها تنجم امام عينه وتحت عناوين وشعارات معلومة وبأيدي وحوارات اشخاص وجهات وقوى معروفة متحركة على ارض الميدان لكنه عزل عن فواعل الصراع تلك مقارباته التشخيصية اذ تعاطى معها في سياق فوق تأريخي من خلال مواجهة الفعل ليس برد فعل آلي من جنسه(ليعلم الدعاة درسا في المنهجية) ولكن بتفعيل يستوعب الشروط الموضوعية التي كانت مصدر ميلاد ذلك الفعل ويتجاوزها الي صعيد يتكفل بوضع بدائل لها يزيل عنها صفة السجالات او العدوانية ان جاز التعبير فالارتفاع عن المرحلية تتأتي للكاتب من خلال ذلك الترفع فهو لم يمارس خطابا ايديولوجيا وانما مارس خطابا تعبديا فالاول لابقاء له ومسيرة الزمن والمراحل المتعاقبة تحسمه على عكس الخطاب التعبدي فهو معطى روحي مفتوح على ثبات الفاعليه والتأثير مستقطب للقابليات بإستمرار ومحاور للانسان في كل زمان ومكان وليس ذلك بمستغرب فهو المعروف والمستحق بان نستعير وصفا سلف لامثاله بأنه مكين الوثبة حاد الرؤية رهيب الصمت إذا سكت خطب وإذانطق التهب وإنه ليشف كالزجاج إذا هو كتب.