نجحت الثورة الشبابية باليمن في استعادة وحدة اليمن بعد عشرين عاما من تكريس المخلوع على عبدالله صالح سياسة تمزيق الوطن وخلق بؤر صراع انفصالية كانت على وشك أن تؤدي إلى تشظي وتمزق في جنوب وشمال البلاد". وحققت الثورة الشبابية مكسباً كبيراً باستقطاب المجتمع الدولي للتعهد بالحفاظ على وحدة اليمن من خلال توصيات قراري مجلس الأمن والمبادرة الخليجية، غير أن المعوقات التي تهدد هذه الوحدة لا تزال تمثل أيضاً تحدي أمام إنجاز هذه التعهدات، ما لم تبادر القيادة اليمنية الحالية بسرعة ترميم ما خلفه نظام فساد صالح من شروخ عميقة في جدار الوطن على مدي ثلاثةعقود. ويشهد مشروع الانفصال الذي تنادي به تيارات متشددة في الحراك الجنوبي معارضة خارجية قوية, حيث تنص المبادرة الخليجية بأحد بنودها " أن يقف مؤتمر الحوار القادم أمام القضية الجنوبية بما يفضي لحل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وأمنه". وكان مجلس الأمن الدولي قد خيب آمال التيار المتشدد في الحراك الجنوبي والمطالب بالانفصال ووضع أحلام قياداته في الخارج في وجه العاصفة بعدما حدد بالاسم نائب الرئيس اليمني السابق علي سالم البيض باعتباره أحد معرقلي التسوية السياسية في اليمن، الأمر الذي أصبح يحتم علي هذا التيار مراجعة خياراته خلال المرحلة المقبلة". ومن المحتمل أن يؤدي عدم مراجعة هذه القيادات خياراتها المقبلة إلى تفاقم الانقسامات داخل هذه الحركة الانفصالية - المنقسمة أصلاً فيما بينها إلى فصائل متناحر - في ظل محدودية الخيارات المتاحة لديها بعد تضيق مجلس الأمن الدولي الخناق وتحذيره لها من زعزعة الاستقرار بل وتهديده بفرض عقوبات على من يعرقلون عملية الانتقال السياسي". ويري مراقبون أن من شأن بيان مجلس الأمن أن يضاعف من خيبة الأمل والشعور بالإحباط لدى أنصار هذا التيار المتشدد في الحراك خصوصاً بعدما أكد البيان وللمرة الثانية على دعم المجتمع الدولي لوحدة تراب اليمن وتأيد حل جميع القضايا الخلافية عبر مؤتمر الحوار الوطني المنصوص عليه في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية". وقال المحلل السياسي والباحث المتخصص بالقضية الجنوبية عبد الناصر المودع إن من شأن هذا البيان أن يضعف كثيراً من موقف البيض خلال المرحلة المقبلة ويجعل من التهديد بفرض عقوبات دولية عليه أمرا ممكنا كونه يعيش في خارج اليمن. ووصف المودع في حديث للصحوة نت تلويح بعض قيادات الحركة الانفصالية في الداخل بتبني خيار الكفاح المسلح لتحقيق مطلب الانفصال بالقوة بأنه حديث غير واقعي كونه لا يستند إلى إمكانيات حقيقية على الأرض ولا يمتلك أدوات أو فرصة للنجاح خاصة في المناطق الإستراتيجية". وأضاف المودع:"ربما هناك من يفكر بالقيام بأعمال عنف في المناطق النائية وتحديدا في مناطق المثلث ولكن لا اعتقد بعد هذا القرار أن البيض سيشجع مثل هذا الفعل كونها ستجرم بسهولة وستضعف من موقفة أكثر وأكثر. واستبعد الباحث إمكانية دخول فصيل البيض للمشاركة في مؤتمر الحوار وقال: "مواقف البيض تبدو عدمية وتياره يفتقد للنضج السياسي ولا اعتقد أنه سيشارك في مؤتمر الحوار القادم كونه قد احرق على نفسه جميع الأوراق التي كان يمكن أن يستخدمها للدخول في الحوار وللتفاوض مع الآخرين. وكان مجلس الأمن الدولي ذكر بالاسم في بيان رئاسي أصدره السبت الماضي بإجماع أعضائه ال15 الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، ونائبه الأسبق المقيم في المنفي منذ 19 عاماً والموجود حالياً في بيروت علي سالم البيض الذي شاركه في تحقيق الوحدة اليمنية عام 1990م، ووجه لهما تهما بعرقلة انتقال السلطة، مع عزمه على فرض عقوبات ضدهما. ودعا ناشطون وسياسيون جنوبيون من وصفوها بالقيادات الحقيقية للحراك الجنوبي الذين رافقوا مسيرته منذ بداية انطلاقه في العام 2007م إلى اجتماع عاجل لتدارس البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي الذي أشار بعقوبات مباشرة إلى علي سالم البيض. وأشار الناشط السياسي بعدن عبدالرقيب الهدياني إلى أن بيان مجلس الأمن حدد شخصين كمعرقلين للتسوية السياسية هما الرئيس صالح ونائبه الأسبق علي سالم البيض الأول مطلوب منه أن يغادر العمل السياسي واليمن معا والثاني هو أصلا خارج اليمن منذ 19 عاما ونشاطه السياسي صار محل رفض مجلس الأمن الدولي". ودعا في تصريح للصحوة نت الحراك الجنوبي بكل فصائله إلى مغادرة منهج البيض المعرقل للتسوية لتكون جزءا من الحل في المستقبل وليس جزءا من المشكلة بالإنشداد إلى ماضٍ لن يعود أبدا".