فرحة عارمة تجتاح جميع أفراد ألوية العمالقة    الحوثيون يتلقون صفعة قوية من موني جرام: اعتراف دولي جديد بشرعية عدن!    رسائل الرئيس الزبيدي وقرارات البنك المركزي    أبرز النقاط في المؤتمر الصحفي لمحافظ البنك المركزي عدن    خبير اقتصادي: ردة فعل مركزي صنعاء تجاه بنوك عدن استعراض زائف    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    مع اقتراب عيد الأضحى..حيوانات مفترسة تهاجم قطيع أغنام في محافظة إب وتفترس العشرات    هل تُسقِط السعودية قرار مركزي عدن أم هي الحرب قادمة؟    "الحوثيون يبيعون صحة الشعب اليمني... من يوقف هذه الجريمة؟!"    "من يملك السويفت كود يملك السيطرة": صحفي يمني يُفسر مفتاح الصراع المالي في اليمن    تحت انظار بن سلمان..الهلال يُتوج بطل كأس خادم الحرمين بعد انتصار دراماتيكي على النصر في ركلات الترجيح!    الهلال بطلا لكأس خادم الحرمين الشريفين    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    تعز تشهد مراسم العزاء للشهيد السناوي وشهادات تروي بطولته ورفاقه    مصادر دولية تفجر مفاجأة مدوية: مقتل عشرات الخبراء الإيرانيين في ضربة مباغتة باليمن    المبادرة الوطنية الفلسطينية ترحب باعتراف سلوفينيا بفلسطين مميز    شاب عشريني يغرق في ساحل الخوخة جنوبي الحديدة    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    عاجل: البنك المركزي الحوثي بصنعاء يعلن حظر التعامل مع هذه البنوك ردا على قرارات مركزي عدن    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 36 ألفا و284 منذ 7 أكتوبر    الحوثي يتسلح بصواريخ لها اعين تبحث عن هدفها لمسافة 2000 كيلومتر تصل البحر المتوسط    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    لكمات وشجار عنيف داخل طيران اليمنية.. وإنزال عدد من الركاب قبيل انطلاق الرحلة    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    حكم بالحبس على لاعب الأهلي المصري حسين الشحات    النائب العليمي يؤكد على دعم إجراءات البنك المركزي لمواجهة الصلف الحوثي وإنقاذ الاقتصاد    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الإخوان في اليمن يسابقون جهود السلام لاستكمال تأسيس دُويلتهم في مأرب    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    جماهير اولمبياكوس تشعل الأجواء في أثينا بعد الفوز بلقب دوري المؤتمر    مليشيا الحوثي تنهب منزل مواطن في صعدة وتُطلق النار عشوائيًا    قيادي في تنظيم داعش يبشر بقيام مكون جنوبي جديد ضد المجلس الانتقالي    بسبب قرارات بنك عدن ويضعان السيناريو القادم    تقرير حقوقي يرصد نحو 6500 انتهاك حوثي في محافظة إب خلال العام 2023    لجنة من وزارة الشباب والرياضة تزور نادي الصمود ب "الحبيلين"    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    رسميا.. فليك مدربا جديدا لبرشلونة خلفا للمقال تشافي    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    حكاية 3 فتيات يختطفهن الموت من أحضان سد في بني مطر    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    وزارة الأوقاف تدشن النظام الرقمي لبيانات الحجاج (يلملم)    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    اعرف تاريخك ايها اليمني!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    رسالة غامضة تكشف ماذا فعل الله مع الشيخ الزنداني بعد وفاته    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شبوة.. ساخطون يتأهبون للتغيير، وآخرون تحت الرماد
أبناء رضوم: في انتخابات 97م صرفت لنا الدولة أعمدة الكهرباء، وفي 2003م الأسلاك، وفي 2006م أوصلت الأسلاك بالأعمدة، وننتظر الانتخابات لننعم بالكهرباء
نشر في الصحوة نت يوم 12 - 08 - 2010

11,200 ريال تدفعها لتصل مطار عتق على متن طيران السعيدة في غضون ثلاثين دقيقة من صنعاء. أما عبر باصات النقل الجماعي فبإمكانك دفع 2200 ريال، وستصل بعد 8 ساعات. تحرك الباصات بشكل يومي بين صنعاء وشبوة يميزها عن السعيدة، التي تقوم أسبوعياً برحلتين عصر السبت وعصر الأربعاء، وهو الطيران الوحيد الذي أحيا مطار عتق بعد 7سنين من التوقف. وصلنا عتق عند غروب شمس السبت جواً.
عند التاسعة من صباح الأحد توجهنا من عتق عاصمة شبوة على متن سيارة حديثة، كان الجو حارا، والشمس ضاربة في كبد السماء، وعند أذان الظهر وصلنا بئر علي المنطقة التي قصدناها، وهي آخر مناطق شبوة في حدود المكلا. مبهوراً تقف من جمال تلك البقعة الأرضية وتواضع منازلها الممتدة على ضفاف البحر، ومن بساطة أهلها الطيبين جدا. رحب بنا عضو المجلس المحلي نبيل الواحدي في منزله الذي يفصله عن البحر مترين تقريبا، كان يعرف أننا في مهمة صحفية، قال لنا إن مشاكل عديدة تواجه المواطنين هناك، منها ما يعانيه الصيادون، وغياب الكهرباء الحكومية، والهاتف الثابت، والإسفلت. توجهنا بعد تناول وجبة الغداء إلى الساحل لملاقاة الصيادين ولسماع صوتهم من أفواههم، ونقله عبر الإعلام.
بلهجة ساحلية وصوت شاحب تحدث لنا الصياد سمير المعلم:» مشاكلنا كثيرة، الاصطياد العشوائي من قبل سفن صيد أجنبية لانعرف من تتبع، ولا عرفنا لمن نشتكي، كلمناهم في وزارة الثروة السمكية، واشتكينا لفرعهم في شبوة، لكن مافيش فائدة، ستين نوعاً من الأسماك انقرضت من أصل مائة وخمسين، انقرض سمك الخلخل، الهمر، الغلس، الفودة، الضرناك، الرغي، الطيمة، وبكاس، مافيش رادع للبواخر الغريبة التي تصطاد من ساحلنا، ثرواتنا المائية مفتوحة على الغارب».
وعندما سألناه عن هوية السفن التي تصطاد قال:» صينية، ومجهولة يدخلون شركاء مع تجار يمنيين»، وفيما إذا كان هناك رقابة من قبل خفر السواحل اليمنية قال:» يمسكوها ويسيبوها، والآن خفر السواحل جالس هناك مكانه ما يتحرك».
أما الصياد سالم عمشان فقال:» افتخر بهذا البحر الذي عاش منه أبي وأجدادي، خرجت مع والدي للصيد وأنا في الصف الخامس، كنا نصطاد باليوم أكثر من مائتين حبة شروي، والآن لا أصطاد حتى عشر حبات، ثلاثة أيام ما استطيع أرجع حق البترول، بسبب العبث في البحر، ساحلنا من جاء يلعب فيه من عنده مال أكثر يلعب أكثر».
وشكى عوض يسلم بعد أن شكر مجيئنا للنظر في حال الصيادين من أضرار شركة الغاز المسال القريبة منهم، وبصوت عالٍ نادى:» حرمتنا شركة الغاز من الاقتراب إلى الأماكن التي كنا نصطاد منها، عوضوا بعضنا لكن التعويض لايساوي مقابل الأسماك التي حرمونا منها شيء، منعنا من المرور حتى من جوار شركة الغاز».
ويتحدث عوض وعلامات الحزن تظهر على صوته ووجهه الأسمر:» إحنا صيادين ما عندنا لاقنابل ولا شيء ندور وراء رزقنا، عاد شي دولة تنقذنا، بحرنا هرطل برطل من جاء دخله، بغينا قانون، كل بلدان العالم فيها قانون إلا إحنا من جاء عمل اللي في رأسه، بترولنا وغازنا نطلعه للناس وما نستفيد شيئاً، حد يحرق وحد يستفيد».
سوق الأسماك والبالوعات
توجهنا إلى سوق السمك وجدنا الصيادين هناك يشكون اتساخ سوقهم المليء بالبالوعات والمخلفات، يقولون إن رئيس الوزراء د. مجور وعدهم بتوسعته وإصلاحه عندما كان وزيرا للثروة السمكية، وهذا مالم يتم.
يسلم حتروش وقف وطلب منا نقل كلامه هذا:» بالله عليك نسلم 8% ضرائب من مدخولنا ضريبة للدولة والدولة ما نستفيد منها شيئاً، المسئولون كل واحد يحامي على قرصه الخاص، نسلم ضرائب على هذا السوق، بالله هذا مكان يعيشون فيه ناس».
وبعد توديع الصيادين في سوقهم تجولنا وسط منطقة بئر علي، شوارع مليئة بالتراب موازية لنوافذ المنازل القصيرة، القمامة مركولة يمينا وشمالا، محلات تجارية متوسطة، أسواق وأزقة لاتدل على أنها منطقة ساحلية سياحية، لايوجد أطفال وشباب جوار المنازل المبنية من الطين والأحجار، فهم يقضون فراغهم في البحر عند القوارب الكثيرة الواقفة إلا من حركة الموج.
يقول عضو المجلس المحلي نبيل الواحدي:«عندما تأتي الأمطار تدخل السيول من شبابيك المنازل وأبوابها، طلبت من المقاول تسوية الطريق كما كانت بحيث لا تغرق المنازل من الأمطار، أجابني: هذا المخطط وأنا أمشي عليه».
لم ينس الواحدي ان يحكي لنا قصتهم مع الهاتف الثابت:» الكيبل يمر جوار منازلنا من شبوة إلى المكلا منذ خمس سنوات». ذهب بنا إلى جوار المولد الذي يغذي تلك الكيبلات وواصل حديثه:«قدمنا طلب في انتخابات 2003 و وعدونا وبعد فترة قدمنا طلبا آخر حصلنا على وعود، وإلى الآن مافي شيء نخجل أن نناشد.
لاتوجد كهرباء حكومية هناك، قبل أعوام اشترى السكان مولدا، يعمل حاليا ساعات قليلة في المساء وساعات في النهار، وفي أوقات الانطفاء تتوقف المراوح والمكيفات ويصبح الجو سيئا للغاية داخل المنازل، ليس بإمكان إلا الرجال الخروج للاستظلال جوار المنازل أو الانغماس في البحر.
حرص شباب بئر علي الذين التقيناهم أن يحدثونا عن معاناتهم من البطالة، وبحسرة تحدث الشاب صالح عوش:«شركة الغاز المسال رفضت توظيفنا نحن أبناء المنطقة، جاء من في الشركة يوم اكتشاف بئر الغاز، أخذوا ملفاتنا بالنهاية ما أعطونا شيئاً، في منح من الشركة والجهات يأخذها أبناء المتنفذين والوساطة، نناشد المعنيين توظيفنا.
أما الشاب محمد عبد الله فقال:«هناك ناس توظفت ماعندها مؤهلات ولا حتى إعدادي، نحنا أكثر المتضررين من مخلفات ودخان الشركة، وإزعاج السيارات إليها، والطائرات التي تصل إلى مطار الشركة، ومع ذلك محرومين من التوظيف.
قبل أن نغادر بئر علي طلب منا أبناء المنطقة زيارة بحيرة الشوران السياحية، كان الطريق إليها وعرا، قالوا لنا إنه تم اعتماد قرابة مليون ريال لتعبيدها وسفلتتها، المقاول اختفى وبقت الطريق هكذا.
ودعنا منطقة بئر علي عصرا عائدين، مررنا بصيادي «ساحل الكاسر»- نسبة إلى الحواجز المائية التي بنتها شركة بلحاف للغاز المسال بعد أن نقلتهم إلى هذا الساحل المضطرب بالموج، من مكانها حيث كان البحر هادئا والسمك متوفراً بعد اكتشاف وجود الغاز- الصيادين اشتكوا منعهم الاقتراب قرب الشركة حيث يتوفر السمك، وقالوا إن كواسر الموج التي بنيت لهم تسببت في تحطم قواربهم عند ارتطامها بالكاسر.
رئيس لجنة التعويضات ناصر فرج قال إن الشركة عوضت البعض ب200 ألف ريال وآخرين لم يتم تعويضهم، وطالب الجهة المسئولة سرعة تعويض الصيادين.
أما سعيد المهيم فيقول:«منزلي دخل ضمن إطار حي الشركة، وهي من ثمنت منزلي بمليون، وأطالبها بإعادة النظر في ذلك المبلغ الزهيد، وهناك أصحاب منازل أخرى تضرروا.
لحظات توديعنا الصيادين كان بعضهم داخل خيمهم المنتشرة على الساحل استعدادا للنوم والصحو مبكرا، وآخرون يعملون على صيانة القوارب التي تحطمت بسبب كاسر الموج الصلب، ومن كانوا يصطادون يصلون واحدا تلو الآخر تنتظرهم السيارات لنقل السمك إلى حيث يباع.
واصلنا سيرنا، وطلب منا عضو المجلس المحلي منصر القشعري زيارة عاصمة مديريته رضوم، حولنا سيرنا شمالا نحوها وعلى مسافات متباعدة أعمدة الكهرباء منصوبة تمتد عليها الأسلاك، قال لنا منصر إنه لم يتم إيصال الكهرباء حتى إلى رضوم وأن الأعمدة صرفت لهم في انتخابات 97م وأن الأسلاك الموزعة على طول الطريق جاءتهم في انتخابات 2003م وإلى الآن لم يتم إيصال الكهرباء، وطالب منصر القشعري المعنيين سرعة إيصال الكهرباء وسرعة تلبية المواطنين.
وصلنا مديرية رضوم عند غروب شمس الأحد، الجميع كانوا يلومون غياب الخدمات الصحية والمستلزمات داخل المستشفى، الذي قالوا إنه يفتح ثلاثة أيام في الأسبوع، أحد أبناء الحي صالح الشرف انتقد نسيان الدولة لهم، وعبث المقاول في تعبيد سوق المديرية. الناس هناك يواجهون صعوبة كبيرة في الحصول على مياه الشرب الذي يجلبونه من مسافات بعيدة باهظة التعب والثمن.
صالح الشرف أحد مواطني الرضو كان ساخطا على الوضع التعليمي هناك بحسرة تحدث لنا:»التعليم هنا صفر، بعض الصفوف ماتشتغل ما فيها مدرسون، مثل ثامن وتاسع.
مستشفى حكومي ينتظر فاعلي الخير
وفي وقت مبكر من صباح يوم الاثنين كنا في مديرية حبان وجدناها وديعة كأهلها، عبق الماضي والتاريخ الظاهر على منازلها الأثرية ومساجدها لازال أكثر من الحاضر المتمثل بالقات والمباني الجديدة بما فيها الحكومية الفارهة الفارغة، سكانها كذلك يغلب عليهم حب الماضي، وماقبل 94م. زرنا جمعية حبان الخيرية التي ترعى قرابة 70 يتيما 20 منهم يتمه الثأر.
قبل الظهيرة سألنا عن مستشفى حبان، زرناه فوجدناه حوشا كبيرا داخله مبنى شبه فارغ من الأدوية والأجهزة والمرضى والممرضين كذلك، قال لنا بلعيد سالم علي مدير المستشفى إنه يسعى لإصلاح وضع المستشفى الذي يحتاج إلى أثاث كثير:» وينقصه خدمات عديدة، أهمها تفعيل غرفة العمليات، وإرسال بعثة طبية، تواصلنا مع مدير مكتب الصحة الدكتور صالح حامد وعدنا بأشياء كثيرة، ولكن للأسف لم نشاهد شيئا.
نوفل سالم مدير الصحة في حبان الذي كان يستمع تحدث بأكثر جرأة وقال:» المرافق الصحية في حبان مبانٍ فقط، ودكاترة لا يقدمون شيئا، هذا المستشفى يداوم فيه أحيانا طبيب واحد، أو اثنين، دوام أربع ساعات، نحن نطلق عليه اسم مستشفى وهو بالحقيقة عيادة خارجية، ليس لدينا طبيبات في مستشفى حبان لاستقبال النساء الحوامل رغم أننا طالبنا توفير طبيبة، نطالب الدولة بتوفير إمكانيات، هذا مستشفى بنته الدولة منذ عشرين سنة، بدأ يندثر ولم يتم تفعيله كمستشفى.
يواصل نوفل حديثة بحماس:» فاعل خير أدي لنا كشافة طبية وهي الكشافة الوحيدة في المستشفى بحوالي سبعين ألف دولار، الجمعية قدمت بعض الأثاث ومعتمدين على أصحاب الخير، ونأمل أن يستمروا في دعمهم.
مالك صيدلية في الشارع العام قال إن موزعي الأدوية يكتبون على العلاج سعراً ويبيعونه لهم بسعر أغلى:» ظروف الناس المادية لا تسمح للناس بشراء العلاج».
أما الطبيب د. سالم العمري مدير الصحة السابق لمحافظة شبوة، فتحدث عن الوضع الصحي من محور آخر، وقال إنه تم رصد أكثر من 50 حالة مصابة بالسرطان بسبب مخلفات آبار النفط والغاز، وقال إن الدولة تدار بالفوضى، وانتقد غياب الصحة وتغييب الشخصيات الرافضة لسياسة النظام.
عقب ذلك سألنا عشرات المواطنين في حبان من مختلف الأعمار والأطياف عن سبب الانفلات الأمني وانتشار ظاهرة الثأر رد الأول: لأن الدولة راضية عن هذا الانفلات، وسيبقى الأمر على ماهو عليه طالما استمرت هذه السياسة.
ورد الثاني : سبب الانفلات الفساد والحل نغير السلطة الفاسدة لأنها كلها سرق. ورد الثالث: الحكومة ما تشتيش أمن رغم انه بإمكانها إيجاد الأمن خلال 24 ساعة. ورد الرابع: من بعد حرب 94م بدأ الانفلات الأمني والفوضى، كان عندنا أمن حقيقي عشرة عسكر فقط ويضبطوا المنطقة كاملة. ورد الخامس: لان الدولة غائبة على المواطنين أن يتساعدوا بين أنفسهم لإنهاء المشاكل، وهكذا.
إن زرت قرية الوجا التابعة لحبان ستلفت انتباهك قرابة 1500 نخلة أصبحت يابسة بسبب انقطاع عشرين عينا من المياه التي كانت تغذيها على مدار العام وتسقى الخضروات والفواكه والحيوانات والبشر.
عيون الماء انقطعت بعد أن جاءت الدولة وحفرت لهم بئرا تسبب بخرق الطبقة الصماء التي كانت تحفظ الماء من أن يغور، وأصبحت المنطقة طاردة للسكان بعد أن تحولت تلك المزارع الخضراء أرضا قاحلة. «الآن مشروع المياه متعثر» هكذا قال عضو المجلس المحلي صالح المحضار الذي يطالب الدولة بسرعة انجاز المشروع لتلبية احتياجات المواطنين في حبان، وتعويض المتضررين، وعدتهم الجهات الرسمية أكثر من مرة بإخراج الماء لكن الماء لازال ينتظر تلك الوعود.

مستشفى عتق.. العتيق
صباح الثلاثاء حضرنا عرسا جماعيا ل 220 عريسا وعروس أحيتها فرقة القادسية، أتحفتنا فرقة الأمل بمسرحية ساخرة ناقشت سيطرة الزوجة على زوجها، والعكس، كانت من بطولة الفنانين الساخري سالم ثعلب وأحمد عتش، بينت شغف شباب شبوة بمتابعة الدوري الإسباني والسعودي وكأس العالم وبعد صلاة الظهر طلب منا عضو المجلس المحلي عادل الخليفي زيارة مستشفى عتق المركزي أكبر مستشفيات شبوة، وكانت حكايته مؤلمة، ولا شيء فيه يدل على أن هناك دولة أو مكتبا للصحة، ولا كأن الأمر يعني المحافظ ووكلاء المحافظة، هذا المستشفى الذي قيل لنا إن الكويت بنته وأثثته بأحدث الأجهزة الطبية، والتزمت بدفع رواتب موظفيه حتى احتلال العراق لها عام 90م، وجدناه أشبه بمدرسة مهجورة، بعد ولوجنا أروقة المستشفى وجدناه متسخا بما فيه الكفاية، حتى الحمامات والمغاسل لا يوجد فيها ماء لغسل اليدين، فمرافقو المرضى يشترون الماء من البقالات. كذلك الأسرة شبه تالفة.
عدد المرضى هناك لا يتجاوز عدد الأصابع، ليس لخلو محافظة شبوة من المرضى، فهي محافظة تنتشر فيها كافة الأوبئة، لكن لأن بقاء المريض في منزله أشفع له من هذا المستشفى الذي لا يصلح حتى عيادة في قرية نائية. الكثير هناك يتجه إلى العيادات الخاصة الشبيهة جدا بوضع المستشفى.
سألنا حسين العري حارس المستشفى الذي سمح لنا بالدخول عن ماهي مطالبه فرد:» الوضع في هذا المستشفى سيء للغاية بسبب إهمال المحافظة له، لهم سنتان وهم يوعدونا ببعثات طبية لكن مافيش فايدة، رغم أن محافظة شبوة تصدر غازاً وبترولاً لكن أبناءها لا يستفيدون، لايوجد كادر طبي، ولا عاملين مؤهلين، غرف غير صالحة بحاجة ترميم، أسرّة الرقود لها من السبعينيات».
وفي اليوم الثاني تناقلت مواقع إخبارية يمنية توقيف الحارس حسين بحجة سماحه لنا بالدخول إلى المستشفى للتصوير وأخذ مطالبات الناس هناك.
- وقبل حضور العرس الجماعي كنا زرنا احدى المدارس الأهلية حيث التقينا شاعر المليون الطفل بن طالب، وفي المساء كنا في ساحة ملعب التضامن حيث أقيم السمر الذي أحيته فرقة أطياف مأرب، استغربت عند مغادرة عدد من الأطفال السمر لكنهم أكدوا لي أن مباراة الريال والمانشستر ستبدأ، وقبل يوم كنت استغربت عندما شرح لي طفل لم يتجاوز ال10 قوة الهلال السعودي وبدأ يسمي لي أسماء اللاعبين ال11 والاحتياط وذكاء المدرب يحفظ حتى أسماء لاعبي النصر الذي يتمنى له الخسارة في كل مبارة.

الفضائية جعلتني اشتاق لليمن
كثير هي المظالم والشكاوى التي عرفناها وكل مظلوم هناك له قصته مع الدولة منهم ضباط ومدنيون قوعدوا عن العمل. أحرص الحريصين على نشر قضيته هو رجل يدعى محمد عبده قشوان هذا الرجل أتى إلى اليمن بعد 14 عاما من الغربة في السعودية وقبل وصوله إلى مدينته بيحان اعترضته عصابة نهبت سيارته – هيلكس موديل 2006 وما معه من أموال وتركته في الصحراء، يقول قشوان وفي يده حزمة كبيرة من التوجيهات والأوامر والمناشدات:» كنت أشاهد الفضائية اليمنية في الغربة واشتقت لليمن والآن كما ترى أفنيت كل ما معي وأنا أجري للبحث عن استعادة حقي السيارة التي هناك في الدولة من يعرف أين هي، هذه العصابة طلبت مني 30 ألف سعودي مقابل إعادة حقي «. يلفت نظرك عند اطلاعك على أوراق قشوان التوجيهات والتوقيعات التي عليها..منها توجيه من وزير الخارجية إلى النائب العام وآخر من الداخلية إلى أمن مأرب، ومن وزارة المغتربين إلى الداخلية، ومن النائب العام إلى نيابة مأرب، ومن نيابة مأرب إلى أمن مأرب، مئات، من الوعود والتوجيهات تدخل صاحبها موسوعة جينس للأرقام القياسية، كان آخرها إلى من يهمه الأمر، لكنه وجد أن أمره لايهم أحداً.
ومن الانتخابات إلى الانتخابات
تهميش المهمشين
«الأخيار» هو إسم القرية التي زرناها عصر الأربعاء.عشش كثيرة مبنية من علب معدن غطاها الصدأ، وقماش مهترئ جلبه المهمشين من القمامة لإحكام جدران العشش وأسقفها لمنع الرياح من الدخول والشمس كذلك.
قرابة خمسين طفلا تجمعوا أمام الكاميرا لالتقاط صورة لهم، وما يصعب عليك تقبله وأنت تشاهد تلك الوجوه السمراء، عندما تعلم أن هذه البراءة تعرف أن الكهرباء لم تصل إليها لأن بشرتهم سوداء، ولأنهم مهمشين، وستغضب أكثر عندما تعرف أن هذه العشش- المتقاربة التي تقطنها 500 أسرة بين عجوز وطفل وشاب- يهددها نافذين بالاجتثاث طمعا بالأرض رغم أن المهمشين عليها منذ عشرات السنين، وموعودون بتمليكهم تلك الأرض.
يقول عاقل حارة الأخيار: «من واحد وتسعين وإحنا نعامل على الكهرباء ولا حصلناها، نسير للكهرباء يقول واحد من الموظفين ما نجيب لكم إلا لما تجيبوا لي أرضية من اللي عندكم، من يغيثنا يا أخي إحنا بشر مش احنا غنم، أدينا توجيهات من عبده ربه منصور، ومن المحافظ، ومن الأمين العام، باعوم واللي بعده أدينا توجيهات من الحكومة كلها، أدوا لنا كمبات كهرباء قبل الانتخابات وخلاص، حبيبي احنا مهضومين ولا لنا أي حقوق.
أما فرج سعد فيتحدث :«احنا أكثر من 500أسرة من المهمشين ما خلونا نبني منازل، لما يجيء المطر الناس تدعي للمطر واحنا نقول يا رب ما نشتي مطر لأنه يدخل إلى بيوتنا، وكل يوم يجيء واحد يقول إن الأرض اللي ساكنين فيها حقه، نناشد المجلس المحلي والمحافظة ورئيس الجمهورية، ان يشوفوا معاناتنا واحتياجاتنا.
ويضيف فرج سعد:«نعاني من البطالة ما فيش شغل، وبالنسبة للكهرباء البيس دفعنا لهم أكثر من ربع مليون سلمناها لهم شيك،جابه لنا باعوم أيام الانتخابات لما كان أمين عام لكنهم مصرين ما يدوا لنا كهرباء إلا لما نجيب لهم الأرض».
وللباحثين عن شربة الماء
قبل وصولنا إلى خزان المياه الذي يطل من تبة... عتق وجدنا في الطريق مشروعا ضخما قيل لنا إنه ملعب كرة قدم تعثر إنجازه. وهناك عند الخزان قدرنا أن الماء الذي يخر بكثرة من تشققات جدران الخزان الكبير يكفي حارة بأكملها، وعند صعودنا إلى أعلاه تفاجأنا حين رأينا فتحته الرئيسية مفتوحة للغبار والحشرات وما إلى ذلك رغم أن ماءه للشرب.
سكان شرق عتق الذين يعانون انعدام الماء يشكون منذ مطلع التسعينيات.،يقول سالم علي محيسنان في الثمانينيات كانت المناطق مشبوكة من الأعروش، بعد 94 سوت الدولة مضخة في عتق ولا ندري أين هي، الماء انقطع عنا تماما وإلى الآن نعاني، في الانتخابات السابقة مدوا لنا الأنبوب على حساب الهولنديين بقرابة 6 مليون ريال لكن ما في فائدة.
وعندما سألناه ما المطلوب رد :» إما أن يعطونا من المشروع الهولندي أو من مشروع شبيكة، المواطنين يبحثون عن شربة ماء ما لقوها».
أما محسن سالمين اكتفى بالقول: لا يوجد دولة في شبوة ولا يوجد من يدير المياه.
ملاك الأراضي: الوعود زادت, إلى هنا كفاية
مشكلة الأراضي هي الأكثر تعقيدا في مدينة عتق، وملاكها يدعون الدولة إلى عدم المماطلة.»اشترينا الأراضي بملايين الريالات من صندوق تحسين محافظة شبوة منذ 15 سنة وبعضها أملاك خاصة، ومن يومها استلمت الدولة الفلوس، والملاك منعوا من البناء على أراضيهم بحجة إنها داخلة حرم المطار». هكذا وبهدوء تحدث سالم عوض سنان رئيس الغرفة التجارية في شبوة عن الظلم الذي تعرض له ملاك الأراضي. يواصل سالم بلسان الراغب في حل القضية لتجنب المشاكل التي قد يندفع لها الملاك المتحمسون ويقول:» جت أكثر من لجنة وأكدت أنه لا يوجد أي ضرر من بناء هذه الأراضي الواقعة على مدخل مدينة عتق، منعنا من البناء واستثمارها كونها على شارع رئيسي لكن دون جدوى، الملاك كما تشاهدون اضطروا لتأجيرها ورش سمكرة ومحلات خردوات، ومعامل بردين، شوهت مدخل المدينة، نرجو من القيادة المسؤولة حل هذه المشكلة التي مر عليها وقت طويل، جلسنا مع المحافظ الأخ الدكتور علي الأحمدي وعدنا خيرا والحل قريب إن شاء الله، وقبله المقدشي وعدنا وغادر قبل أن يوفي بوعده، أما صبر المواطنين إلى هنا وكفاية.
ومن خلال مناقشتنا للقضية مع أكثر من متضرر اتضح لنا أن العديد من ملاك الأراضي في مدينة عتق يرون أن تشكيل اللجان يأتي من باب ذر الرماد على العيون ومن أجل تمييع قضيتهم، رغم وجود آخرين مازالون متفائلين بالوصول إلى حل.
ربيع بسارة -يبدو أنه عمره في مرحلة الستين- كان أشد المتحدثين سخطا من نهب الأراضي في شبوة وبصوت قوي قال:» الأراضي اللي جنب المطار والذي أمام المحوى وقدام الشرطة جاءوا نهبوها باسم القانون الذي مش موجود، وقالوا لنا نعطيكم تعويض طلع فالصوا، طلعوا التعويض واتسارقوها بينهم البين- يقصد النافذين من أبناء المحافظة- واحده سموها باسم مجور، والثانية باسم مدير المصلحة، يا ابني اسم قانون مش موجود اسم دولة ما عاد شي الدولة فقدناها أيام الحزب، عاملنا كل واحد يحولك للآخر.
عضو المجلس المحلي في مديرية عتق عبدالله محمد علي واضحا قال:» نأمل أن تتحرك الجهات المسئولة لحل مشكلة الأراضي بإنصاف كل المظلومين وبسرعة، الفترة طالت والملاك سئموا من المتابعة ولم يجدوا مصداقية من قبل الجهات المعنية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.