ليست الذكرى الثالثة والخمسون لثورة السادس والعشرين من سبتمبر مجرد ذكرى عابرة في عمر أمتنا اليمنية العظيمة، وإنما هي إحياء للروح اليمنية الخالدة، التي أسقطت في مثل هذا اليوم العظيم من 1962 الرجعية والسلالية والمذهبية والمناطقية، وفيها انتصر شعبنا لهويته اليمنية، والتي حاول أدعياء "الحق، والوصاية" استبدالها بهوية طائفية سلالية مناطقية. فكل نضالات شعبنا عبر تاريخه تجسدت في الثورة السبتمبرية الأم، والتي كانت محطة انطلاق لشعبنا نحو آفاقه الرحبة، وعودة للأمة اليمنية بين أمم العالم حاملة دور أسلافها السباقين إلى كل خير وإنسانية وتسامح. ولأنها الثورة الأم، فلم يمض سوى عام واحد وانطلق الشعب نحو تحرير أجزاء من جنوبه كانت واقعه تحت سيطرة الإستعمار الأجنبي، وبمحصلة واحدة كانت 26 سبتمبر و 14 أكتوبر هما المولود التوأم لنضال اليمنيين طيلة عقود، وأفضت هاتان الثورتان إلى تخليص شعبنا من قوى الرجعية والإستعمار الجاثمتين على صدره. فمسيرة النضال اليمنية الواحدة هي التي جعلت غالب راجح لبوزة الردفاني يطارد المخلوع البدر في حجة وبالتحديد في جبال وشحة في 1962، وهي أيضاً من جعلت عبود الشرعبي في 1963 يطارد الإستعمار في محميات عدن ولحج والضالع. إننا اليوم نقف إجلالاً أمام تضحيات شعبنا في سبيل إحياء هويته وبناء دولته على أرضه، كامتداد لتاريخه وحضارته الممتدة لآلاف السنين، ونؤكد على أحقية هذا الشعب في رفض الانقلاب على روح ثورته بعملية فاشلة أرهقت دولته وأسقطت عاصمته العام الماضي في ضربة مرتدة للسلالة الطائفية المذهبية المناطقية التي مازالت تقتل شعبنا من شماله إلى جنوبه. لن تستطيع قوى الظلام الانقلابية ومن يقف إقليمياً معها هز قيم شعبنا، ولا إيمانه بسبتمبر العظيم، ولا أن تطفئ روح نضاله وشعلة ثورته الخالدة، هذه القوى الظلامية التي كانت تتخفى خلف شعارات سبتمبر وطالما حاولت تشويهه تارة، وتزييف الحقائق تارة أخرى، كانت تعمل في الخفاء على الانتقام من روح سبتمبر، إلى أن وصلت إلى إعلان الانقلاب في( سبتمبر) من العام الماضي كمحاولة لتمرير الانقلاب الذي رفضه شعبنا، وها هو شعبنا مستمر في مقاومته، وسينتصر شعبنا لا محالة. إن روح سبتمبر العظيم التي تسري في جسد شعبنا اليمني اليوم تجعلنا فخورين برموز الثورة اليمنية العظيمة :النعمان والزبيري وعبد المغني والسلال، وكل الأبطال الذين لا يتسع المجال لذكرهم، وفخورين بكل تضحيات الشعب اليمني لإنجاح ثورته. وإننا في هذه المناسبة لنؤكد للجميع أن الأبطال الذين يجودون اليوم بدمائهم رخيصة في مواجهة مشروع الحكم العنصري، الذي يحاول اليوم في القرن الحادي والعشرين الاستئثار بالحكم كحق إلهي حصري، إنما هم امتداد لروح سبتمبر العظيمة، بل هم يمثلون روح اليمن وهويته التي لا تستكين. وإنكم أيها الأبطال المرابطون في كل جبل ووادي على تراب يمننا الحبيب قد صرتم أمام استحقاقات الانتصار الذي بات قاب قوسين، وأنتم طلائعه، ولن ينسى شعبنا نضالاتكم وتضحياتكم. وفي هذه الأثناء نثمن وقوف الأشقاء في دول التحالف التي تساند شعبنا على استعادة دولته، وهذه المساندة للشعب والمقاومة والحكومة الشرعية جاءت بطلب رسمي من قيادتنا السياسية، وتحققت عندما استشعرت المنطقة كلها خطر التدخل الطائفي الإيراني الذي أراد فرض نفسه سكيناً في خاصرة العرب. سبتمبرنا العظيم.. نحن في الإصلاح متمسكون بأهدافك، سائرون على خطاك، إلى أن يصل شعبنا إلى غاياته العظمى، وقيمه الفضلى، وكل عام وشعبنا اليمني حر في جمهوريته التي اختطها بدمه. كلمة المحرر السياسي لموقع الإصلاح نت