مشهد مضطرب يسوده إقبال ضعيف، لم يخل من العنف واتهامات التزوير في جولة الإعادة بالانتخابات المصرية، وخيم عليه حكم المحكمة الإدارية العليا بأن البرلمان 'سيشوبه البطلان'، بسبب امتناع اللجنة العليا للانتخابات عن تنفيذ أحكام المحاكم الإدارية (أول درجة) وتعتبر هذه المحكمة أعلى هيئة للقضاء الإداري في مصر، كما أن حكمها نهائي غير قابل للطعن. وقالت المحكمة الإدارية العليا أن عدم تنفيذ اللجنة العليا للانتخابات 'للأحكام الصادرة بإلغاء الانتخابات رغم صدورها قبل التاريخ المحدد للانتخابات' في عدة دوائر يعني ان كل ما يترتب على انتخابات هذه الدوائر ليس قانونيا و'يكون مجلس الشعب عندئذ مشوبا بشبهة البطلان'. وقالت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية أمس أن الرئيس حسني مبارك ربما يحل البرلمان الأسبوع المقبل، تفاديا لشبهة عدم البطلان في الانتخابات الرئاسية المقررة في أكتوبر المقبل. إلا أن مراقبين استبعدوا هذا الاحتمال لما سيخلقه من 'عدم استقرار' من وجهة نظر النظام، الذي سيكتفي بمحاولة ضم اكبر عدد من مرشحي المعارضة في الإعادة لتحسين صورة البرلمان. وتولى نجل الرئيس المصري بنفسه أمس الإشراف على عمليات التصويت بعد أن حضر شخصيا إلى غرفة عمليات الحزب الوطني الحاكم، بالقاهرة، وهو ما لم يحدث في الجولة الأولى. وبينما ساد الهدوء في بعض الدوائر، فقد شهدت أخرى مواجهات مسلحة استخدمت فيها أسلحة نارية وبيضاء حسب مصادر متطابقة، بين مرشحي الحزب الحاكم، او بينهم وبين مرشحين مستقلين، وظهرت أسلحة نارية وبيضاء فيها، كما حدث في محافظات الدقهلية وقنا واسيوط والقاهرة. ودخل سبعة من مرشحي حزب 'الوفد' جولة الاعادة رغم اعلان الحزب الانسحاب، بينهم رامي لكح في دائرة شبرا ذات الاغلبية القبطية. ودخل مجدي عاشور النائب عن 'الاخوان' الانتخابات في جولة الاعادة في مخالفة لقرار الجماعة بالانسحاب الا انه نفى ادعاءات حكومية بأنه 'تعرض للخطف على ايدي التنظيم السري للجماعة لمنعه من دخول الانتخابات'. ولم يعبأ حزب التجمع باحتجاجات واستقالات عدد كبير من اعضائه، وشارك في انتخابات الاعادة، بعد ان منعت قوات الامن عددا من قيادييه من الوصول الى مقر الحزب للاعتصام فيه، والمطالبة باقالة رئيسه الدكتور رفعت السعيد. واقدم مرشح من 'الحزب الوطني' على الانسحاب من الانتخابات في محافظة الدقهلية متهما الحزب بالتزوير لمرشح حزب التجمع. واعتبر مراقبون ان الحزب الوطني الذي ضمن الفوز بنسبة تربو على خمسة وتسعين في المئة قد يواجه ازمة شرعية سياسية وقانونية، قد تضفي حالة من الشكوك على شرعية ما سيصدر عنه من قوانين، بالاضافة الى الاستحقاق الرئاسي، وهو الحدث الاهم في الحياة السياسية المصرية. وكان الرئيس المصري قام بحل البرلمان في العام 1987 ودعا الى انتخابات جديدة، بعد حكم قضائي بعدم شرعيته، تفاديا للتشكيك في مدى قانونية الاستفتاء الرئاسي الذي اجري في العام نفسه. الا ان اختلاف المعطيات السياسية والقانونية في 2010 يكرس الغموض الذي يكتنف بالفعل عملية نقل السلطة المرتقبة في مصر. وحسب خبراء قانونيين فان النظام قد يلجأ الى اعادة الانتخابات في عدد محدود من الدوائر تفاديا لتهمة رفض تنفيذ حكم القضاء ببطلان النتائج، الا ان هذا لن يمنع صدور احكام قضائية في المستقبل ببطلان كل ما سيصدر عن البرلمان بما في ذلك انتخاب الرئيس المقبل للجمهورية مهما كان اسمه.