أكد اقتصاديون بأن اليمن قادمة على كارثة مالية وأزمة اقتصادية مخيفة من خلال قراءة للأرقام التي تقدمها الحكومة للمؤتمرات الدولية، مطالبين باصطفاف وطني وتوافق سياسي للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد. وقال الخبير الاقتصادي "علي الوافي" إن الجميع يعلم أننا قادمون على أزمة اقتصادية وكارثة مالية، مشيرا إلى وجود جملة من التحديات المتداخلة التي تتطلب استراتيجيات متكاملة لمواجهتها، فقيمة الريال تشهد تدهوراً كبيرا خصوصا إذا زاد حكم الفساد واستمرار التضارب على الموارد، مؤكدا بأن تعدد حلقات الفشل السياسية والأمنية والاقتصادية سيقود إلى فشل الدولة. وقال الوافي في محاضره له بمنتدى الأحمر الثقافي إن معدل النمو الاقتصادي والوطني المقدر ب4% لا يساعد على تحسين معيشة الأغلبية من المواطنين في ظل سوء التوزيع للمنافع، وأن استمرار تراجع كمية النفط المنتج عاما بعد عام ينعكس ذلك سلباً على الحياة المعيشية للمواطن، لاسيما وأن الصادرات النفطية تشكل أكثر من 90% من الصادرات الوطنية كما تشكل إيراداتها أكثر من 70% من الإيرادات العامة للدولة وبالتحديد خلال الفترة ما بين 2003-2009م. وأكد بأن التقارير الدولية تشير إلى أن اليمن سوف يصبح مستورداً إضافياً للنفط بحلول العام 2015م في ظل التوقعات لمستقبل الإنتاج النفطي في اليمن. وأوضح الخبير الإقتصادي الوافي بأن هناك جملة من التحديات الاقتصادية التي تواجهها اليمن منها ما يتعلق بالبنية التحتية كالكهرباء والمياه والطرق والموانئ والمؤسسات التعليمية والصحية، وتحديات التنمية البشرية: وهي تحديات متداخلة وتتطلب إستراتيجية متكاملة وتحديات إعمار صعدة والتعويضات، وتحديات سكانية. وتوقع الوافي سيناريوهات مستقبلية تنتظر اليمن منها السيناريو الأسوأ، وهذا السيناريو يتوقع في ظل تزايد التحديات المختلفة ومتزايدة وموارد متناقصة وقد يصل عجز الموازنة فيه إلى أكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي خلال ثلاث سنوات قادمة، وزيادة الضغوط التضخمية على الريال وقد نشهد تدهوراً كبيراً في سعر الصرف للريال، وستعتمد الحكومة حينها على حجم الدعم الخارجي وزيادة لحجم الفساد ولاسيما في ظل غياب الإصلاحات الاقتصادية والسياسية وستدهور حياة الأغلبية الساحقة من المواطنين تدهور كبيراً. وأشار الوافي إلى أن الاحتياطيات من النقد الأجنبي لن يكفي لتغطية قيمة الواردات الغذائية وسيتراجع معدلات الاستثمار العام والخاص وتتزايد معدلات الفقر والبطالة. ومن السيناريوهات المستقبلية التي توقعها الوافي لليمن السيناريو الأخضر ويتوقع حدوثه في ظل التوافق السياسي المؤدي إلى إصلاحات شاملة والرغبة في التغيير لكن هذا لا يعني أن التحدي الاقتصادي سينتهي بل انه سيظل قائما في ظل تضاؤل التحديات السياسية والأمنية – حد تعبيره. مؤكداً "بأنه يمكن تجاوز عنق الأزمة الاقتصادية من خلال إعادة هيكلة الإنفاق العام وتحديد الأولويات وزيادة حجم الإيرادات غير النفطية وبالذات الإيرادات الضريبية والجمركية، ووضع خطة متكاملة لمعالجة موضوع دعم المشتقات النفطية خلال ثلاث سنوات، وتوسيع شبكة الضمان الاجتماعي لتشمل 50% من السكان، وإصلاح نظام الخدمة المدنية وإعادة هيكلة الأجور والمرتبات وبما يؤدي إلى تحسين الأداء في الوظيفة العامة، وتحسين البنية الاستثمارية من خلال تحقيق شراكة اقتصادية فاعلة من اليمن والخليج وزيادة الاستكشافات النفطية وتنمية القطاعات الواعدة غير النفطية لاسيما- المعادة، والثروة السمكية واستغلال الموقع الجغرافي لليمن والتغلب على مشكلة الطاقة الكهربائية والحد من مشكلة المياه". مضيفا" إن ذلك سيؤدي إلى زيادة حجم المساعدات الخارجية واستقطاب المشاريع الاستثمارية وانجاز عدد من المشروعات الإستراتيجية". وطالب الوافي الجميع وفي المقدمة النخبة الحاكمة العمل بكل الوسائل لتقوية الوضع الهش والمحافظة عليه من الانهيار من خلال التوافق على منظومة الإصلاحات الوطنية الشاملة. من جهته قال وزير المالية الأسبق الدكتور سيف العسلي: إن هناك قوة تقوم بالسطو على المال عام دون رقيب، وان الموازنة العامة للدولة لا تخصص لمن يستحق. مشيرا إلى أن البلاد تعاني عدد من الأزمات والاختناقات وعدد من المشاكل، وأن ما تنقله السلطة في هذا الجانب غير صحيح، مؤكدا بأنه إذا تم إصلاح إيرادات قطاع النفط فإنه سيتم رفع نسبة الإيرادات إلى الخزينة العامة بنسبة 40% . وأشار إلى أن وزارة النفط تعبث بثروات وموارد البلاد ولا أحد يحرك ساكنا، وان الاتفاقيات التي أبرمتها مع شركة هنت كانت ظالمة وخسرت خزينة الدولة مئات ملايين من الدولارات، وصفقة الغاز كانت أيضاً ظالمة حيث قامت شركة توتال الفرنسية المشروع ب12 ألف دولار وقامت بإنشاء شركة وهمية أنشأت المشروع بالغرض ونحن نسدد اليوم ذلك القرض. وفيما طالب العسلي بإصلاح التعليم وأبعاد مؤسساته عن المماحكات الحزبية، أشار إلى أن طلابه في الجامعة لا يستطيعون القراءة والكتابة، داعيا الجميع إلى إشاعات الأمن. واعتبر العسلي قضية الأمن قضية لا تقبل التجزئة ولا يمكن أن يصلح القضاء إلا إذا صلح الأمن. وأكد عضو مجلس النواب عبدالله المقطري في مداخلته بأن أهم التحديات التي تواجه اليمن تحديات إرادة وإدارة "فإذا وجدت إرادة حقيقية لدى السلطة للإصلاح لصلحت الأمور وإذا وجدت الإدارة المتمكنة المتخصصة ذات الكفاءة لما وصلنا إلى الوضع السيئ الذي نعيشه". وقال: للأسف الشديد إن هناك بعض الوزارات محسوباتها من القروض والمساعدات صفر. وأضاف: لقد وجدنا من خلال التقارير المقدمة من الحكومة إلى البرلمان بأن هناك دين على الحكومة لجهة خارجية قدرها 9مليون دولار أرباح قروض لم تستفد الحكومة منها حتى الآن، وهناك ما يقارب 161مليون دولار من إيرادات النفط تذهب إلى حساب وزارة النفط في البنك المركزي ولا يتم رصدها في الموازنة لا في الإيرادات ولا في الأنفاق، وأن حصة الدولة من النفط في موازنة 2011م 52مليون برميل بسعر 55دولار للبرميل، بنقص عن ما ذكر في موازنة العام الماضي. من جهته قال الخبير الاقتصادي الدولي "عبدالعزيز الترب" إن الإدارة في بلادنا منعدمة ولن تستطيع أن تصلح الوضع إذا لم تعترف بالأخطاء. وأكد الترب بأن سوء الإدارة التي تعاني منها اليمن حرمت اليمن الاستفادة واستيعاب 6مليار دولار، مطالبا أطياف العمل السياسي اللجوء إلى الحوار، ناصحا الحزب الحاكم في السياق ذاته التضحية بقياداته الفاسدة من أجل اليمن وأمنه. هذا وكان الشيخ صادق الأحمر قال في مداخلته إن السلطة والدولة لها اليد الأولى فيما وصلت إليه البلاد من مآسي. وأضاف قائلا: لدينا ثروة سمكية لم تهتم بها الدولة ويتم تهريبها إلى الخارج، مشددا على ضرورة الاهتمام بالتعليم الفني لكي تستوعب الأيادي العاملة في دول الخليج.