توقع الخبير الاقتصادي علي الوافي أن يشهد الاقتصاد اليمني هبوطاً حاداً في الإيرادات العامة، وهو ما سيشكل خللا ًكبيراً في كل الميادين العامة. وأكد أن جملة الحقائق تقول إن اليمن مقبلة على أزمة اقتصادية خانقة، مشيرا ًإلى أن اليمن تمتعت خلال الأعوام الماضية بإيرادات نفطية عالية، كان النفط يشكل فيها 75 بالمائة. وقال الوافي خلال محاضرة له بمنتدى الأحمر أمس الاثنين: "التوقعات تشير إلى أن الميزانية ستفقد 50 بالمائة من إيرادات النفط، وهو ما ينبئ بزيادة عجز الموازنة وحدوث انهيار مالي، وأن تكون اليمن دولة مفلسة بحلول 2015".
وأشار إلى أن أي حلول أخرى بعيدة عن النفط بحاجة إلى وقت، مؤكداً أن التوقعات تقول إن اليمن لن تستطيع على مدى ستة أشهر خلال الثلاث السنوات القادمة من تغطية النفقات الغذائية.
ولفت الوافي إلى أن 45 بالمائة من السكان تحت سن الخامسة عشرة، وهؤلاء بحاجة إلى تعليم وصحة وتوظيف وزواج، فضلاً عن أن اليمنيين يتوزعون على 130 ألف تجمع سكاني، ما يجعل كلفة المشروعات أكبر بكثير مما لو كانوا في تجمعات أكبر.
وأوضح أن ما يطرح من حلول بديلة لشحة المياه في اليمن ومنها التحلية، هي ممكنة بالنسبة للمناطق غير الجبلية، أما في الجبال فإن نقلها مكلف. وأكد أن نقص المياه سيؤثر على الإنسان وعلى الزراعة والصناعة وعلى الحياة بشكل عام. وقال: إن خطورة نضوب المياه تتزايد في ظل تزايد زراعة القات الذي يستهلك كميات كبيرة من المياه الجوفية.
وتحدث الخبير الاقتصادي علي الوافي عن تحديات أخرى قال إنها تواجه الاقتصاد اليمني، ومنها عدم تحقيق أي تقدم مطلوب فيما يخص تحديات الألفية. وقال: لكي تدخل اليمن الألفية فإنه مطلوب تنفيذ خطة خلال خمس سنوات بكلفة 50 مليون دولار، لكن العجز في هذه الخطة يصل إلى 39 مليار دولار أي أن 75 بالمائة من تكاليف الخطة غير موجودة.
وأضاف: حتى وإن افترضنا وجودها فالحكومة غير قادرة على استيعاب هذا المبلغ، فهي إلى الآن لم تستطيع استيعاب مبالغ المانحين التي تصل إلى 6 مليارات، مؤكدا أن ما تم استيعابه فقط 850 مليون دولار من المنح المقدمة لليمن أي 20 بالمائة فقط. وأشار إلى وجود تحديات في الجانب المؤسسي والبنية التحتية والكهرباء، بالإضافة إلى تحدي إعمار صعدة.
وقال الوافي ان استمرار المؤتمر الشعبي العام في التحضير للانتخابات بشكل منفرد، يمثل تحدياً سياسياً سيؤثر على الاقتصاد لأنه بحاجة إلى موارد كثيرة. وأضاف: إذا لم يكن هناك حسن نوايا ونظرة لمصلحة الوطن، وإذا زادت خطورة التحديات الباقية التي تواجه اليمن فإننا نمضي باتجاه السيناريو الكارثي.
وتابع: "في ظل غياب التوافق السياسي ستزداد الأزمة الاقتصادية ويزايد حجم التحديات، وأن مستوى عجز الموازنات سيزداد خصوصا وأن الموازنات الأخيرة انكماشية، في حين أن اليمن بحاجة إلى موازنة كبيرة ترقى إلى الحد الأدنى من التحديات". وأشار إلى أن العجز في 2009 كان 9.1 بالمائة وإذا استمرت الدولة في سياسة الموازنات الانكماشية فإن العجز سيرتفع إلى 15-20 بالمائة. واستطرد: أن يكون العجز بهذا المستوى فإن ذلك يعني أن اليمن ستكون مفلسة.
وتوقع الوافي في ظل استمرار السياسات الحالية أن يتدهور سعر العملة الوطنية الريال بشكل يفوق أي توقع، أما إذا استمر الفساد على ما هو وزاد التنافس على الموارد بين الفاسدين فإن ذلك سيدفع إلى مزيد من المشاكل وستكون النتيجة هو تدهور كبير في معيشة المواطنين.
وفاجأ الوافي خلال محاضرته الحاضرين عندما دعا إلى إعادة النظر في الدعم المخصص للمشتقات النفطية، في إشارة إلى رفعه، لكنه شدد على ضرورة أن يكون هناك سند شعبي لاتخاذ هذه الخطوة. ودعا إلى العمل على من شأنه زيادة الإيرادات غير النفطية وعلى رأسها الإيرادات الضريبية، مشيرا أن 30 بالمائة من ميزانيات الدول المتقدمة هي من الضرائب.
العسلي: السلطة والمعارضة تنتهكان المال العام وفي تعقيب الدكتور سيف العسلي وزير المالية السابق على ما أورده الوافي، أكد العسلي أن الوضع ليس بهذا القدر من التشاؤم الذي تحدث عنه الوافي. داعيا إلى إدراك أن الله موجود، وأنه سبحانه وتعالى قال لنا في كتابه «وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُون».
لكن العسلي الذي أكد أنه لا يمثل أحداً في الحزب الحاكم أو المعارضة وأنه طرف ثالث، قال إنه ينظر للمشكلة من جانب آخر، داعياً الحزب الحاكم والمعارضة إلى التحاور عليها وليس على الانتخابات.
وأضاف: "يجب أن يتفق الناس على ثلاثة أشياء هي حماية النفس والمال والعرض، وأن تتوافق الأحزاب على هذه الأشياء، وليس على الانتخابات لأن الانتخابات لن تحل مشكلة مالم يتم الاتفاق على أن دم المني مقدس وأن المال العام مقدس والعرض مقدس".
واتهم العسلي الحزب الحاكم والمعارضة على وجه السواء بانتهاك المال العام، وقال: إن الجميع يقاتلون من أجل مصالحهم ولم يتفقوا على مصالح الناس. وواصل: الموازنة لا تخصص لم يستحقها، والتجار لا يدفعون الضرائب، ولا يوجد تعريف للمال العام أو المالي الخاص. وأكد أنه في حال التوافق على الثلاثة الأسس فإن المشكلة ستكون قد حلت.
وأشار العسلي أشار إلى اتفاقية الغاز باعتبارها انتهاكا للمال العام، ووصف الاتفاقية بأنها ظالمة لكن ليس بسبب الأسعار المتدنية، وإنما لأن الشركة توتال اشترت المشروع ب 12 ألف دولار.
واتهم العسلي 10 شركات عالمية تعمل داخل اليمن باستغلال البلاد، وقال: إن هناك شركات تحت السار تعمل لحساب أناس معينين. وهاجم العسلي وزارة النفط، ودعا إلى إلغائها، وقال: لا توجد إدارة في وزارة النفط ولا في غيرها تحرص على المال العام. وقال: على الرغم من قلة النفط لم تستفيد منه اليمن أي شيء وإذا وجد نفط إلى جانب النفط الحالي فلن تستفيد منه البلاد.
الدكتور الأصبحي: مشكلتنا الاقتصادية تكمن في الإدارة من جانبه، أكد الدكتور أحمد الأصبحي، القيادي في المؤتمر الشعبي العام، أن المشكلة الاقتصادية قضية مجتمعية في المقام الأول تهم الجميع في السلطة والمعارضة. وقال: إن المجتمعات التي زرع فيها تعليم يحافظ على هويتها تستطيع أن تبني شيئا كبيرا فاليابان ضربت بقنبلتين لكنها عادت بقوة مرتكزة على هويتها. وأضاف: أختلف مع الدكتور العسلي فالعيب ليس في الدين وإنما في فهم هذا الدين، لأن الدين بنا أمة، وعندما نتحدث عن اقتصاد يجب أن ننظر إلى قيم هذا الاقتصاد أولا.
وفيما يتعلق بالموارد أكد الدكتور الأصبحي أن اليمن لديها موارد تكفيها لمجابهة التحديات الاقتصادية، إلا أنه أكد أن غياب الإدارة الحقيقة تظل عائقا في مواجهة التحديات.
وأضاف: هناك فساد وهناك محسوبية، وأقول إن كثيرين ممن عطلوا مصالح الناس لاعلاقة لهم بالحزب الحاكم ولا السلطة وهم مجرد موظفين في معظم الأحيان.
وأكد أن البلاد تعاني من غياب العدل والمساواة وتكافؤ الفرص، مشيرا إلى أن لدى اليمن موارد كبيرة، إلا أن هناك شركات عابثة تعبث بثروات الوطن في هذا الجانب. واستدل على غياب المواطنة المتساوية بارتفاع أسعار السمك في عدن التي تقع على البحر فيما أسعاره في العاصمة أرخص.
النائب المقطري: 161 مليون دولار من إيرادات النفط تورد لحساب خاص في البنك المركزي أما النائب عبدالله المقطري فقد أكد أن مشكلة اليمن تكمن في أن هناك إدارة سيئة لا تستخدم الاستثمار الاستخدام الأمثل. واستغرب أن يأتي البيان الختامي للدولة للعام 2009 وأن هناك وزارات لم تسحب من القروض التي صادق عليها مجلس النواب ريالا واحدا لأنها عجزت عن تصريف هذه القروض.
وأضاف: من الغريب أيضا أن الاعتماد الإضافي الذي قدم إلى مجلس النواب مؤخرا شمل 9 ملايين دولار هي فوائد على المساعدات التي قدمتها بعض الدول المانحة، حيث اشترطت بعض الدول على اليمن فوائد على مساعداتها في حال عدم تصريفها.
وكشف المقطري في حديثه عن وجود مبلغ 161 مليون دولار في البنك المركزي من إيرادات النفط يذهب إلى حساب خاص باسم وزارة النقط، وهذا المبلغ تدفعه الشركات النفطية مقابل الأنبوب، مؤكدا أن هذا المبلغ لا يظهر في الموازنة العامة للدول تماما.
وأكد المقطري أن موارد النفط تذهب إلى الفساد والحسابات الخاصة. وأضاف: الدولة تتحدث عن تراجع معدل نمو القطاعات غير النفطية، إلى جانب تراجع النفط، وهذا يعني أن البلاد مقبلة على كارثة. واستطرد: كان المتوقع أن الخطة الخمسية تخفف الفقر إلى 19 بالمائة بنهاية 2010 لكنه اليوم وصل إلى 49 بالمائة .
الشيخ صادق الأحمر: التغيير الشامل لابد منه أما الشيخ صادق بن عبدالله بن حسين الأحمر رئيس المنتدى فقد أكد خلال الندوة على ضرورة التغيير الشامل، قائلا: الأرقام مخيفة ومفجعة ونأمل من الله أن يتمكن المواطن من سد رمقه وأقول إن التغيير الشامل لابد منه وليسمع من سمع".
وأكد أن السلطة لها يد فيما وصلت إليه البلاد، مشيرا إلى أن هناك مليارات لا أحد يعلم مصيرها في حين أن القروض وصلت إلى أكثر من ترليون و450 مليار.