دعا الخبير الاقتصادي الدكتور/ علي الوافي إلى احتشاد وطني وتوافق سياسي يعمل على إنقاذ البلاد من الأوضاع المتدهورة وعلى تقوية الوضع الهش وذلك لتحاشي الوصول إلى حالة الفشل -حسب تعبيره- كما دعا إلى وقف تهريب المشتقات النفطية المدعومة وخاصة الديزل وإلى زيادة مخصصات شبكة الأمان الاجتماعي . الوافي الذي وجه دعوته لكافة القوى والنخب وفي مقدمتها النخبة الحاكمة .. أوضح في تصريح ل"أخبار اليوم" أنه على أساس الاحتشاد الوطني والتوافق السياسي يتم الاتفاق على برنامج إصلاحات وطنية شاملة تبحث في كل القضايا، بما في ذلك معالجة قضية الدعم من جهة وموضوع شبكة الأمان الاجتماعي من جهة أخرى، مشيراً إلى أن هذه واحدة من عشرات القضايا التي ينبغي أن تشملها منظومة الإصلاحات الوطنية المفترض التوافق عليها . وتوقع الوافي في ظل استمرار السياسات الحالية أن يتدهور سعر العملة الوطنية بشكل يفوق أي توقع، لافتاً إلى أنه في حال استمرار الفساد على ما هو عليه وازدياد التنافس على الموارد بين الفاسدين، فإن ذلك سيدفع إلى مزيد من المشاكل وتدهور كبير في معيشة المواطنين . وقال: أن التوقعات بتدهور الريال اليمني والتي أوردها في سياق محاضرته بمنتدى الأحمر الاثنين، جاءت من خلال المعطيات ، والأرقام والوثائق التي قدمتها الحكومة لمؤتمرات المانحين، سواء في الرياض أو في لندن أو في غيرها من المؤتمرات، وكذا من خلال التقارير التي تتوقع نضوب النفط . وأشار الخبير الاقتصادي في ذات السياق إلى أن الحكومة اليمنية طلبت من مؤتمر لندن دعم الموازنة دعماً سنوياً مباشراً ب "2.6" مليار دولار وأنه في حال ثبتت توقعات نضوب النقط ولم تحصل اليمن على موارد جديدة، فإن الميزانية خلال "3" سنوات ستكون قد فقدت نصف الإيرادات في حال عدم وجود مصادر أخرى بديلة، الأمر الذي سيؤدي إلى اختلال كبير في الموازين الاقتصادية الداخلية والخارجية . وتابع: إن الموازنة العامة تتعرض لاختلال كبير وهذا بحسب ما تذكره أيضاً الوثائق الرسمية المقدمة لمؤتمرات المانحين، مبدياً أسفه لعدم إعلان هذا بصورة واضحة في خطابات المسؤولين الموجهة للمواطنين . وأفاد أنه في حال كانت الحكومة تخدع الناس بهذه الأرقام، فهذا أمر آخر، منوهاً إلى أنه وبحسب ما تورده الأرقام والتقارير الرسمية والخارجية فإن اليمن ستواجه أزمة اقتصادية خلال السنوات القادمة، إذ ستكون أكثر تفاقماً وخطورة في ظل تزايد التحديات السياسية والأمنية، التي في ظل تضائلها –حسب الوافي- فإن الأزمة ستكون أقل درجة في خطورتها ويمكن للتوافق السياسي والإصلاحات الشاملة أن تساعد على تجاوز هذه الأزمة، مضيفاً أن ذلك لا يعني حلها بصورة تلقائية ، بل سوف الأرضية الأساسية لمواجهة الأزمة والتخفيف من آثارها وتجاوزها . وأشار لدى تصريحه للصحيفة إلى أن بحث الدعم يأتي في إطار إعادة هيكلة الإنفاق العام وتحديد أولويات الإنفاق في ظل إصلاحات شاملة يتفق عليها . هذا وكان الخبير الاقتصادي علي الوافي قد تحدث في محاضرته عن تحديات أخرى قال إنها تواجه الاقتصاد اليمني، ومنها عدم تحقيق أي تقدم مطلوب فيما يخص تحديات الألفية. لافتاً إلى أنه: لكي تدخل اليمن الألفية، فإنه مطلوب تنفيذ خطة خلال خمس سنوات بكلفة "50" مليون دولار، لكن العجز في هذه الخطة يصل إلى "39" مليار دولار أي أن "75" بالمائة من تكاليف الخطة الغير موجودة. وأضاف: حتى وإن افترضنا وجودها، فالحكومة غير قادرة على استيعاب هذا المبلغ، فهي إلى الآن لم تستطع استيعاب مبالغ المانحين التي تصل إلى "6" مليارات، مؤكداً أن ما تم استيعابه فقط "850" مليون دولار من المنح المقدمة لليمن، أي "20" بالمائة فقط، مرجعاً ذلك إلى وجود تحديات في الجانب المؤسسي والبنية التحتية والكهرباء، بالإضافة إلى تحدي إعمار صعدة. واستطرد: إن مستوى عجز الموازنات سيزداد خصوصاً وأن الموازنات الأخيرة انكماشية، في حين أن اليمن بحاجة إلى موازنة كبيرة ترقى إلى الحد الأدنى من التحديات"، مشيراً إلى أن العجز في 2009 كان "9.1" بالمائة وإذا استمرت الدولة في سياسة الموازنات الانكماشية فإن العجز سيرتفع إلى "15-20" بالمائة. وأردف: أن يكون العجز بهذا المستوى، فإن ذلك يعني أن اليمن ستكون مفلسة، لافتاً إلى أن أي حلول أخرى بعيدة عن النفط بحاجة إلى وقت، مؤكداً أن التوقعات تقول إن اليمن لن تستطيع على مدى ستة أشهر خلال الثلاث السنوات القادمة تغطية النفقات الغذائية. ولفت الوافي إلى أن "45" بالمائة من السكان تحت سن الخامسة عشرة بحاجة إلى تعليم وصحة وتوظيف وزواج، فضلاً عن أن اليمنيين يتوزعون على "130" ألف تجمع سكاني، ما يجعل كلفة المشروعات أكبر بكثير مما لو كانوا في تجمعات أكبر. وأوضح أن ما يطرح من حلول بديلة لشحة المياه في اليمن ومنها التحلية، هي ممكنة بالنسبة للمناطق غير الجبلية، أما في الجبال فإن نقلها مكلف. وأكد أن نقص المياه سيؤثر على الإنسان وعلى الزراعة والصناعة وعلى الحياة بشكل عام، وقال: إن خطورة نضوب المياه تتزايد في ظل تزايد زراعة القات الذي يستهلك كميات كبيرة من المياه الجوفية. البرفيسور/ سيف العسلي والذي عقب على ما أورده الوافي، أكد أن الوضع ليس بهذا القدر من التشاؤم الذي تحدث عنه الوافي، وقال إنه ينظر للمشكلة من جانب آخر، داعياً الحزب الحاكم والمعارضة إلى التحاور عليها وليس على الانتخابات. وأضاف: "يجب أن يتفق الناس على ثلاثة أشياء، هي حماية النفس والمال والعرض، وأن تتوافق الأحزاب على هذه الأشياء، وليس على الانتخابات، لأن الانتخابات لن تحل مشكلة ما لم يتم الاتفاق على أن دم اليمني مقدس وأن المال العام مقدس والعرض مقدس". واتهم العسلي الحزب الحاكم والمعارضة على وجه سواء بانتهاك المال العام، وقال: "إن الجميع يقاتلون من أجل مصالحهم ولم يتفقوا على مصالح الناس" . وتابع: الموازنة لا تخصص لمن يستحقها، والتجار لا يدفعون الضرائب، ولا يوجد تعريف للمال العام أو المال الخاص، مؤكداً أنه في حال التوافق على الثلاثة الأسس، فإن المشكلة ستكون قد حلت. وأشار العسلي إلى اتفاقية الغاز باعتبارها انتهاكا للمال العام، واصفاً إياها ب"الظالمة" لكن ليس بسبب الأسعار المتدنية، وإنما لأن شركة "توتال الفرنسية" اشترت المشروع ب "12" ألف دولار. واتهم العسلي "10" شركات عالمية تعمل داخل اليمن باستغلال البلاد، وقال: إن هناك شركات تحت الستار تعمل لحساب أناس معينين، وهاجم العسلي وزارة النفط، ودعا إلى إلغائها، وقال: لا توجد إدارة في وزارة النفط ولا في غيرها تحرص على المال العام. وأضاف: على الرغم من قلة النفط لم تستفد منه اليمن أي شيء وإذا وجد نفط إلى جانب النفط الحالي، فلن تستفيد منه البلاد .