يعاني الاقتصاد الوطني مشاكل جمة على أكثر من جانب.وتعد تلك المشاكل التي يرزح تحت وطأتها منذ سنوات بمثابة إختلالات بنيوية عميقة.وفي استقراء عاجل لأبرز المؤشرات الاقتصادية في مفاصل الاقتصاد المنهك,سنجد إن مظاهر ذلك الخلل يتمثل في أكثر من شكل,حيث يبلغ عجز الميزان التجاري في العام الجاري بحسب توقعات الحكومة في البيان المالي أن يكون عند مستوى(4.1%) من الناتج المحلي الإجمالي,ومثله ميزان المدفوعات,نفس العجز(4.1%).ما يعني أن يسهم في تحريك أسعار السلع المستوردة,وبالتالي تفاقم العجز في الحساب التجاري,في ظل عدم وجود ما يشير إلى إمكانية حدوث تحسن في أداء قطاع الصادرات غير النفطية,عوضا عن تدني حجم الاستثمارات الخارجية. كما تراجعت الاحتياطيات الخارجية للقطاع المصرفي والتي تراجعت خلال العام الماضي إلى(6.8)مليار دولار. فيما تراجع قيمة الاستثمارات الخاصة الخارجية رغم تواضعها من(243.600)مليار ريال في العام الماضي إلى(216.600)مليار ريال,وبمعدل نمو سالب قدرة(11%) خلال العام الحالي. ولا تبدو الموازنة العامة للدولة بأحسن حالا هي الأخرى,إذ أن الملاحظ هو زيادة الاختلالات المزمنة في الموازنة بين الإنفاق الجاري والإنفاق الاستثماري حيث لا يزال الإنفاق الجاري يشكل ثلاثة أرباع استخدامات الموازنة,كما أن نسبة الإنفاق الاستثماري قد ارتفع إلى(26%) من إجمالي استخدامات مشاريع الموازنة العامة2010. وهو الحال الذي ينطبق على العجز النقدي الكلي والعجز النقدي الصافي في مشروع موازنة2010,الذي يصل إلى (524)مليار ريال,وبنسبة(8.2%),(7.7%) على التوالي من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لنفس العام,وهو الأمر الذي يعتبر مرتفعا ويتجاوز الحدود الآمنة التي استهدفتها خطة التنمية الثالثة وبرنامج الإصلاح الاقتصادي في السيطرة على عجز الموازنة العامة,وبحيث لا يتجاوز(3%) من الناتج المحلي الإجمالي,ويزيد العجز النقدي الصافي المتوقع خلال العام الجاري والبالغ(7.7%) من الناتج المحلي الإجمالي,بما يقارب النصف عن متوسط النمو في السنوات الأربع الماضية.