قال الدكتور سيف العسلي : إن تنقية مناخ الاستثمار في اليمن لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال إعادة النظر بالمنظومة القانونية و الممارسات و الإجراءات و القواعد المرتبطة بها. وعند اعادة النظر بذلك فلابد أن يكون من خلال التوازن بين المصلحة العامة و المصالح الخاصة. وأضاف: في ندوة ضمان الاستثمارات ضد المخاطر السياسية لمنتدى الاستثمار بالتعاون مع الغرفة الصناعية والتجارية صباح اليوم أنه لا يمكن ان يتحقق ذلك إلا إذا تم فصل الحكومة عن التجارة و الاستثمار. فمن يشغل منصبا حكوميا يجب عليه ان يتخلى عن ممارسة الاستثمار الخاص. و من يمارس الاستثمار الخاص فان عليه ان لا يسعى للتأثير على المسئولين الحكوميين بطريقة فردية. وأوضح وزير المالية الأسبق :ان ذلك يعني ان الحكومة ككل يجب ان تتعامل مع القطاع الخاص و ان القطاع الخاص ككل يجب ان يتعامل مع الحكومة. في هذه الحالة فان يمكن ان يكون هناك توازن بين الحكومة و القطاع الخاص. وفيما يخص حوافز الأراضي قال العسلي : إنه من الواضح ان هذا الحافز يخضع للتلاعب و الفساد. صحيح انه تم إعطاء مساحات واسعة من أراضي الدولة مجانا لعدد كبير من الناس تحت حجة الاستثمار. لكن من الواضح أن صرف هذه الأراضي بتوجيهات عليا خاصة. و من ثم فان الذين حصلوا على تلك التوجيهات هم المتنفذون الذين لا علاقة لهم بالاستثمار. و قد قام هؤلاء ببيعها للمستثمرين بسعر السوق. و من ثم فان الذي حصل على الحافز ليس المستثمر و انما المتنفذ. و لا شك ان ذلك قد مثل حافزا للفساد و ليس حافزا للاستثمار. وتابع في ورقته :إن من يحصل على الأراضي عن طريق هيئة الاستثمار او مصلحة الاراضي فانه لا يحصل عليها الا بعد ان يكون قد دفع ثمنها او أكثر رشاوي و تكاليف المعاملات المطلولة. وأشار: إلى أن من هذه العوائق السلطة المطلقة لمصلحة الضرائب و الجمارك و البلدية و وزارة الصناعة و التي تستخدم سلطته تعسفيا بهدف ابتزاز المستثمرين تحت شتى الذرائع و المبررات. و نتيجة لذلك فان هذه الجهات لا تستخدم القانون لحماية المستثمرين و حماية المستهلكين و المجتمع انما لمصلحتها. و لذلك فقد نظر إلى هذه الجهات و إلى ما تقوم به من أفعال على انه جزء من اعاقة الاستثمار و ليس حل لما يواجهه من عقبات. و استطرد العسلي قائلا:من هذه العقبات صعوبة الحصول على تراخيص بهدف حماية بعض المتنفذين. و الدليل على ذلك ان من يرغب في الحصول على تراخيص في بعض الأنشطة المحتكرة فان عليه ان يشارك المتنفذين مجانا مقابل قيامهم باستخراج التراخيص المطلوبة. وأوضح : أن من العقبات التي تقف أمام الاستثمارات ضعف البنية التحتية. فما تقوم به الحكومة من استثمار في البنية التحتية لا يتم توجهه إلى المجالات المشجعة للاستثمار بل على العكس إلى تلك المجالات التي تعرقله. فالطرق التي تقام لا تأخذ بعين الاعتبار تشجع الاستثمار فتمر في مناطق لا يوجد فيها موارد اولية. فعلى الرغم من اهمية الكهرباء للاستثمار فان الحكومة قد تقاعست في الاستثمار في هذا القطاع. و على الرغم من أهمية التدريب فان اولويات الحكومة تكمن في توسيع التعليم العالي الذي يخدم عملية الاستثمار. و نظر لأهمية قطاع السياحة في الاستثمار في اليمن فان الحكومة لا تعطي الاستقرار الأمني الأهمية المناسبة. وأكد: انه من الممكن أن تسعى الحكومة إلى تقديم حوافز للاستثمار و لكن بعد ان تكون قد عملت كل ما في وسعها لإزالة العقبات التي تقف امامه. فمن غير الممكن ان يتم معالجة عقبات الاستثمار من خلال حوافز الاستثمار كما تحاول أن تعمل الحكومة في الوقت الحاضر. وحول النتيجة المنطقية لمثل هذه الممارسات يؤكد العسلي أن ذلك هو تلويث الاستثمار. فالتفاعل غير السليم بين العقبات و الحوافز يؤدي فقط الى تلويث مناخ الاستثمار. و الحالة اليمنية خير شاهد و دليل على ذلك. واختتم العسلي ورقته قائلا :نتيجة لتفشى الفساد في اليمن فقد تفاعلت كل من معوقات الاستثمار مع حوافزه لتعمل على تلويث مناخ الاستثمار بشكل كبير. و لقد ترتب على هذا التلوث عدم وضوح الرؤيا لدى كل من الحكومة و القطاع الخاص. فلا الحكومة افاقت و عملت على تصحيح المسار و لا القطاع الخاص كذلك. فالحكومة تبرر فشلها من خلال القاء اللوم على القطاع الخاص الذي لم يستجب لمحفزات الاستثمار التي تقدمها الحكومة.