الحوثيون يعرضون مشاهد لإسقاط طائرة أمريكية في أجواء محافظة مأرب (فيديو)    مليشيا الحوثي تنظم رحلات لطلاب المراكز الصيفية إلى مواقع عسكرية    بيان هام من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات من صنعاء فماذا قالت فيه ؟    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي الشمالي.. كم يبلغ راتبه في إنتر ميامي؟؟    تستضيفها باريس غداً بمشاركة 28 لاعباً ولاعبة من 15 دولة نجوم العالم يعلنون التحدي في أبوظبي إكستريم "4"    وفاة طفلين ووالدتهما بتهدم منزل شعبي في إحدى قرى محافظة ذمار    رئيس الاتحاد العام للكونغ فو يؤكد ... واجب الشركات والمؤسسات الوطنية ضروري لدعم الشباب والرياضة    بعد أيام فقط من غرق أربع فتيات .. وفاة طفل غرقا بأحد الآبار اليدوية في مفرق حبيش بمحافظة إب    أمطار رعدية على عدد من المحافظات اليمنية.. وتحذيرات من الصواعق    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن بقوة السلاح.. ومواطنون يتصدون لحملة سطو مماثلة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العسلي :المشاركة القسرية من قبل المتنفذين اهم معوقات الاستثمار
نشر في الوطن يوم 03 - 03 - 2011

د سيف العسلي - من عجيب المفارقات بين الدول المتقدمة و الدول المتخلفة كاليمن ان الاستثمار في النوع الاول يلوث الهواء في حين ان الفساد في النوع الثاني من الدول يلوث مناخ الاستثمار.
المقصود بالفساد هنا معناه العام اي حرمان من يستحق ما يستحق و اعطاء من لا يستحق ما لا يستحق. و فيما يخص تأثير الفساد على الاستثمار فانه بصفة عامة يكمن في ان تعطى حوافز الاستثمار لمن لا يستحقها و ان يحرم من يستحقها منها.
حوافز الاستثمار بشكل عام هي تلك الميزات التي تقدمها الحكومة لمؤسسات القطاع الخاص من مزايا مالية او غير مالية بدون مقابل الا القيام بالاستثمار.
من المؤكد ان مناخ الاستثمار في اليمن قد تلوث لان ما تقدمه الحكومة من حوافز للاستثمار في اليمن غير كافي و لا مهدف و ما يتم الحصول عليه من حوافز لا يكون مقابل القيام بالاستثمار و انما مقابل اشيئ اخرى.
و من اجل تنقية مناخ الاستثمار في اليمن فانه لا بد من ان تقوم الحكومة بإيقاف هذه الممارسات و ابدالها بنقائضها. فبدون ذلك فان الحديث عن تشجيع الاستثمارات المحلية و الخارجية ما هو الا ضحك على الذقون و خداع للنفس.
هذه الورقة ستناقش باختصار اهمية الاستثمار في اليمن و مصادر تلوث مناخه و الوسائل المكنة لتنقيته و ذلك على النحو التالي.
اهمية الاستثمار و حوافزه في اليمن
الاستثمار ما هو في الحقيقة توجيه بعض موارد المجتمع بشكل عام و بعض امواله بشكل خاص الى تلك المجالات التي يتوقع ان تحقق ربحا في المستقبل. اي انه الالتزام بتوفير النقود او راس المال للقيام بأنشطة غير استهلاكية في الوقت الحاضر و لكنها يمكن ان تكون استهلاكية في المستقبل.
اذن الاستثمار ظاهرة مستقبلية لان القيام به يحتاج الى وقت و الحصول على نتائجه كذلك يحتاج الى وقت. و كذلك فان الاستثمار تتم من خلال استخدام موارد نادرة اي انه على حساب الاستفادة منها في الوقت الحاضر. ان ذلك يعني ان القيام باي انشطة استثمارية لها تكلفة. و لذلك فانه من غير المعقول او المجدي القيام باي انشطة استثمارية بدون الاخذ بعين الاعتبار حجم هذه التكلفة و كيفية استعادتها.
و من اجل ان يكون الاستثمار ممكنا فانه لا بد و ان يكون له عائدا متوقعا يكفي لتغطية تكاليفه و ربحا عليه. و بما ان ذلك لا يمكن حسابه بالدقة المطلوبة فان الاستثمار يعني القبول بتحمل مخاطر تتمثل في عدم القدرة على تغطية تكاليف الاستثمار و ربحه و ربما في حالات معينة عدم القدرة على استعادة الموارد التي استخدمها فيه او بعضها.
و على الرغم من هذه المخاطر و التي لا يمكن القضاء عليها فانه لا بد من تحملها و القيام بالاستثمار. فبدون الاستثمار فانه لا يمكن توقع تحسن مستوى المعيشة في المستقبل اي انه من اجل زيادة معدل النمو الاقتصادي و ما يرتبط من زيادة الدخل و بالتالي زيادة الاستهلاك و تحسن الخدمات الاساسية مثل التعليم و الصحة و المياه و الكهرباء و غيرها من السلع و الخدمات الضرورية لحياة الناس.
في ظل الانظمة الاقتصادية الحرة او في ظل فلسفة اقتصاد السوق فان القطاع الخاص هو الذي ينبغي ان يقوم بمعظم الانشطة الاستثمارية. و المقصود بالأنشطة الاستثمارية هنا توفير المال الكافي للاستثمار اي القيام بعملية الادخار و الذي يقوم به الافراد في المجتمع. و كذلك تحويل هذه الاموال الى استثمارات اي الى مباني و الات و مواد اولية و طاقة مادية و بشرية و الذي تقوم بها المؤسسات الاقتصادية.
المؤسسات الاقتصادية هي المنظمات التي تسعى الى انتاج سلع و خدمات بهدف بيعها الى من يرغب بشرائها مقابل تحقيق فائض يغطي تكاليف الانتاج و الاستثمار و يحقق ربحا لملاكها. تاريخيا هذه المنظمات او المؤسسات قد اخذت شكل الاسرة ثم المؤسسة او الشركة الفردية او الجماعية المحدودة او العامة.
و في العصر الحديث تم الاضافة الى هذه المؤسسات مؤسسات اخرى ذات طبيعة خاصة و هي ما يطلق عليها المؤسسات المالية و التي بدأت بالمؤسسات البنكية ثم انضمت اليها مؤسسات اخرى مثل مؤسسات التمويل و الاسواق المالية و كل ما يرتبط بها من مؤسسات.
و نتيجة لذلك فانه في الوقت الحاضر يتم التميز بين الاستثمار الحقيقي و الاستثمار المضاربي. فالاستثمار الحقيقي يشير الى استخدام المال في بناء معامل مصانع و اللات و معدات و غير ذلك من الاصول الحقيقية. اما الاستثمار النقدي او المضاربي فيشير الى تبادل قيمة الاصول المالية للأصول الحقيقية.
و كذلك فانه يمكن تقسيم الاستثمار الى استثمار بشري مثل التعليم و التدريب و البحث و التطوير و الاستثمار المادي مثل المباني و الات. و يمكن تقسم الاستثمار وفقا لاعتبارات اخرى مثل الاستثمار الثابت و هو الحد الادنى من الاصول الثابتة و الاستثمار المتغير و هو الحد الادنى من الموارد الضرورية لتشغيل الاصول الثابتة.
و من اجل تحديد الاستثمار المفيد من الاستثمار غير المفيد فانه لا بد و ان يترتب على النوع الاول خلق قيمة اي ايجاد شيء جديد له منفعة و النوع الثاني هو الذي لا يضيف الى رصيد المجتمع من السلع و الخدمات شيئا.
و نظر لتعقد عملية الاستثمار نظرا للمخاطر التي تكتنفها و لندر مصادر التمويل و لتنافس الدول المختلفة على الاستثمار فقد اوجب ذلك كله على الحكومات التي ترغب في تنمية اقتصادياتها بشكل سريع و ثابت ان تقوم ما اطلق عليه تحسين مناخ الاستثمار فيها.
و ينبغي هنا ان نشير ان هناك فرقا بين وظائف الدولة الاقتصادية و المتمثلة في الحفاظ على حقوق الملكية و حمايتها و حماية المستهلك و توفير البنية التحتية و ادارة الاقتصاد بطرقة كفؤة عن طريق السياسة المالية و النقدية و غير ذلك من الوظائف و بين وظيفة تحسين مناخ الاستثمار.
تحسين مناخ الاستثمار يشير فقط الى تلك الاجراءات الاستثنائية و التي تهدف الى تشجيع الاستثمار من خلال تخفيض تكاليفه و زيادة العائد عليه و تحمل بعض مخاطرها.
الادوات التي تستخدمها العديد من الدول تتنوع بحسب طبيعة الظروف الاقتصادية فيها و فلسفتها الاقتصادية. و لكن بشكل عام فان معظم الدول تلجا الى الادوات التالية لتحسين مناخ الاستثمار فيها. اي الضرائب بشكل عام و الرسوم الجمركية و ضربيه الدخل و ضربيه الارباح و المناطق الحرة ودعم الاستثمار قروض ميسرة و اعطاء ضمانات متنوعة و تقدمي الاراضي و القيام بالتدريب و تطوير البنية التحتية و تسهيل و تحسين الاطر التنظيمية و تقديم الاستشارات والاستجابة لمشاكل المستثمرين و مساعدتهم على حلها و توفير الامن الشامل للاستثمار تشجيع الادخار.
على الرغم من اهمية الاستثمار لليمن فلا زال اقتصاده متخلف اذ انه ينمو بمعدلات متواضعة و يعاني من العديد من الاختلالات مثل ارتفاع معدل البطالة و التضخم و اعتماده على قطاعي النفط و الخدمات و غير ذلك من المؤشرات الغير مرغوب بها.
و في نفس الوقت فان الاقتصاد اليمني يتمتع بموارد طبيعة معقولة و التي تتمثل في الموقع و المناخ و الثورة البشرية و بعض المعادن المهمة. و لا شك ان الاستخدام الفعال لهذه الموارد سيعمل على تحسين اوضاع الاقتصاد اليمن بشكل كبير.
لا شك ان المشكلة الاساسية لعدم تحقق ذلك تكمن في عدم قيام الحكومة اليمنية بما يجب عليها ان تقوم به بهدف تحسين مناخ الاستثمار بهدف تشجيع الاستثمار المحلي و الخارجي. و فعلى الرغم من المؤشرات الكثير على توفر التمويل الضروري للتحديث الاقتصاد اليمني من مصادر داخلية و خارجية فان الاستثمار في اليمن لا زال محدودا و الذي لا يتجاوز 10%. ناهيك ان جزءا كبيرا من هذه الاستثمار لا تذهب الى القطاعات الاستراتيجية الواعدة و التي تتنافس على المجالات قصيرة الاجل مثل التجارة و المضاربة و لا تقدم على الاستثمارات طويلة الاجل و كبيرة العائد مثل الكهرباء و النفط و الغاز و السياحة و صناعة الملابس و التحف و الاحجار و غيرها من المجالات.
ان ذلك يشير الى اهمية الاستثمار و اهمية توفير المناخ المناسب له. صحيح ان الحكومة تدعي انها تولي الاستثمار اهمية قصوى و انها قد بذلت قصارى جهدها لتحسين مناخ الاستثمار في اليمن. و لكن الحقيقة غير ذلك.
صحيح ان اليمن قد اعتمدت قانون للاستثمار و قد انشات هيئة لتشجيع الاستثمار و عقد العديد من المؤتمرات بهدف تشجيع الاستثمار و ما فتئ رئيس الجمهورية يناشد المستثمرين المحلين و الخارجين للاستثمار في اليمن و ابدا استعداه لدعمهم لكن لم يستجب احد لذلك.
فوفقا لهذه الوثائق و الادبيات فانه من المفترض ان الحكومة تقدم للمستثمرين اعفاءات ضريبة و جمركية و اراضي و تسهيلات اخرى. لكن على ارض الواقع فان ما يتم تقديمه ليس كافيا. فهذه الحوافز محدودة و غير موجهة و غير كافية. بالاضافة الى ذلك فان تقديمها يخضع للمزاجية و الوساطة و المحسوبية و اشكال الفساد الاخرى.
اعراض تلوث مناخ الاستثمار في اليمن
ان من يحلل حوافز الاستثمار في اليمن سواء على مستوى القوانين و الشعارات و الخطابات او على مستوى ما يجري تطبقه في الواقع يدل على ان هناك خللين اساسين هما عدم سوء تطبيقها و عدم كفايتها.
فوفقا لقانون الاستثمار فانه من المفترض ان يتم اعفاء كل مدخلات الانتاج من الرسوم الجمركية. و نظرا لعدم تحديد مدخلات الانتاج هذه فقد استغلت للحصول على الاعفاء بغض النظر فيما اذا كانت هذه المدخلات مقتصرة على مشاريع الاستثمار ام انها لها استخدامات استهلاكية اخرى. و في الغالب فان ما جزاء كبيرا مما يتم اعفائه من مدخلات هي في حقيقة الامر تذهب لتلبية الاستهلاك اكثر منها لتلبية الاستثمار. و بدلا من ان تعمل هذه الاعفاءات على تشجيع الاستثمار فإنها قد عملت فعلا على تشجيع الاستهلاك و ذلك على حساب الاستثمار.
و كذلك فان قانون الاستثمار قد اعطاء المشاريع الاستثمارية اعفاء من كل انوع الضرائب لمدة لا تقل عن سبع سنوات قابلة للتنفيذ. فلم يكن من المناسب اعفاء كل المشاريع الاستثمارية من كل انواع الضرائب و كذلك لم يكن من المناسب ان تكون المدة بهذا الطول. و قد ترتب على عدم الوضوح التحديد ان استغلت هذه الاعفاء لغير الاغراض التي حددت لها.
و يتضح ذلك من خلال ملاحظة ان ضريبة الدخل و الدخل و الارباح و المهن مرتفعة جدا فعلى سبيل المثال فان ضريبة اربح الشركات كانت تصل الى حوالي 30%. و قد ترتب على ذلك اعطاء حوافز للتحايل على ذلك من خلال التهرب من الضرائب و استخدام قانون الاستثمار كطريق من طرق التهرب.
و على الرغم من ذلك فان تعديل قانون الاستثمار و قانون الضرائب لم يأخذ هذه التلوثات بعين الاعتبار. فقط تم خفض ضريبة الأرباح من 35% إلى 20% وإلى 15% بالنسبة للمشاريع الاستثمارية، وخفض ضريبة المهن غير التجارية وغير الصناعية من 35% إلى 20%، وخفض ضريبة المرتبات والأجور وما في حكمها من 20% إلى 15%، وخفض الضريبة على التصرّفات والمبيعات العقارية إلى 1% بدلاً من 3%، وتستوفى الضريبة على الريع العقاري للأشخاص الطبيعيين بواقع إيجار شهر واحد في السنة، بالإضافة إلى رفع حد الإعفاء السنوي من 36 ألف إلى 120 ألف ريال.
و كذلك فقد تم تحديد استفاء الضريبة على الدخل الخاضع لضريبة الأرباح التجارية والصناعية بمعدّل 15% للمنشآت والمشاريع الاستثمارية التي لا يقل رأس المال المستثمر فيها عن ثلاثة ملايين دولار ولا يقل عدد العمالة المستخدمة فعلاً عن مائة عامل للمنشآت والمشاريع المتضمّنة مشاريع البنية الأساسية للطاقة والطاقة الكهربائية ومياه الشرب والصرف الصحي والطرقات والنقل البري والبحري والجوي والتنمية الصحية والمستشفيات وإنتاج برامج وأنظمة الحاسبات الآلية والفندقة والمدن السياحية وأماكن الترفيه للأطفال والتنمية الصناعية والزراعية الإنتاجية.
من الواضح ان هذه التعديلات قد خفضت الحوافز الضريبية و الجمركية للاستثمار و ذلك من خلال فرض ضرائب عليها بعد ان كانت معفية. لكنها في نفس الوقت فإنها لم تعمل على ايجاد ضوابط واضحة تحكم منح هذه الاعفاءات. و بالتالي فان عملية التلاعب في هذه الحوافز ستظل كما كانت.
و لذلك فانه يمكن ان هذه التعديلات سيكون لها تأثيرات هامشية على النشاطات الاستثمارية. و يتضح ذلك من حقيقة ان مصلحة الضرائب و مصلحة الجمارك لا تطبق القوانين كما هي و انما تتحايل عليها بحجة ان المكلفين لا يمسكون حسابات منتظمة و لا يقدمون اقرارات صحيحة. و من الواضح ان هذه الحجة باطلة و انما يكمن السبب الحقيقي في تحايل كل من المصلحتين و المكلفين على القانون.
و نتيجة لذلك فان كل مكلف يعامل بطريق مختلفة عن التعامل مع المكلفين الاخرين. و لهذا فانه في الوقع يوجد قوانين متعددة بعدد المكلفين. و لا شك ان ذلك يمثل تولثا خطيرا لمناخ الاستثمار. فالمستثمر لا يستطيع ان يتوقع بالحوافز الضريبة و الجمركية التي سيحصل عليها لان تحديد ذلك لا يعتمد على القانون و انما على الطريقة التي ينجح فيها بالتحايل عليه. و من المهم ايضا ان عملية التحايل على القانون تعتمد على الوجاهة و الوساطة و التاثير السياسي و غير ذلك من العوامل التي لا يمكن تحديدها مستقبلا و بالتالي كذلك فانه لا يمكن المحافظة عليها في المستقبل.
و فيما يتعلق بمدى كفاءة هذه الحوافز فانه يمكن القول بانها لم تكن كافية على الاطلاق. فمن ناحية فان العديد من الدراسات قد اثبت ان فعالية الحوافز الضريبة و الجمركية محدودة نتيجة لسهولة التحايل عليها فان هذه الدراسات قد اثبت فعالية حوافز اخرى.
اما فيما يخص حوافز الاراضي فانه من الواضح ان هذا الحافز يخضع للتلاعب و الفساد. صحيح انه تم اعطاء مساحات واسعة من اراضي الدولة مجانا لعدد كبير من الناس تحت حجة الاستثمار. لكن من الواضح ان صرف هذه الاراضي بتوجيهات عليا خاصة. و من ثم فان الذين حصلوا على تلك التوجيهات هم المتنفذون الذين لا علاقة لهم بالاستثمار. و قد قام هؤلاء ببيعها للمستثمرين بسعر السوق. و من ثم فان الذي حصل على الحافز ليس المستثمر و انما المتنفذ. و لا شك ان ذلك قد مثل حافزا للفساد و ليس حافزا للاستثمار.
هذا من جهة و من جهة اخرى فان من يحصل على الاراضي عن طريق هيئة الاستثمار او مصلحة الاراضي فانه لا يحصل عليها الا بعد ان يكون قد دفع ثمنها او اكثر رشاوي و تكاليف المعاملات المطلولة. و اذا كان بإمكانه ان يحصل على ذلك عن طريق الشراء و بسعرة و كرامة فان ما اعتبر حافزا للاستثمار قد تحول مثبطا له.
و على هذا الاساس فانه يمكن القول بان مناخ الاستثمار في اليمن هو مناخ ملوث بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. و الغريب في الامر ان هذا التلوث هو نتيجة للتطبيق الخاطئ لما اعتبر محفزا للاستثمار.
وسائل تنقية تلوث الاستثمار في اليمن
من الواضح انه لو كانت الحكومة جادة و صادقة في تشجيع الاستثمار لعملت اولا على ازالة عوائق الاستثمار. لا شك ان ازالة عوائق الاستثمار يعد من صميم الوظيفة الاقتصادية للدولة و ان تأثير ذلك على الاستثمار اهم بكثير من اعطاء اي حوافز له.
فالاستثمار في اليمن يواجه عوائق كبيرة و عميقة. و لعل من اهم هذه العوائق عدم توفير الحماية القانونية و غيرها للملكية الخاصة. و الدليل على ذلك السطو الفاضح و الواضح على الاراضي و الحقوق الفكرية و المشاركة القسرية في المشاريع الاستثمارية من قبل المتنفذين.
و من هذه العوائق السلطة المطلقة لمصلحة الضرائب و الجمارك و البلدية و وزارة الصناعة و التي تستخدم سلطته تعسفيا بهدف ابتزاز المستثمرين تحت شتى الذرائع و المبررات. و نتيجة لذلك فان هذه الجهات لا تستخدم القانون لحماية المستثمرين و حماية المستهلكين و المجتمع انما لمصلحتها. و لذلك فقد نظر الى هذه الجهات و الى ما تقوم به من افعال على انه جزء من اعاقة الاستثمار و ليس حل لما يواجهه من عقبات.
و من هذه العقبات صعوبة الحصول على تراخيص بهدف حماية بعض المتنفذين. و الدليل على ذلك ان من يرغب في الحصول على تراخيص في بعض الانشطة المحتكرة فان عليه ان يشارك المتنفذين مجانا مقابل قيامهم باستخراج التراخيص المطلوبة.
و من هذه العقبات عدم استقرار العملة. فكما هو معروف فان العلاقة بين استقرار العلمة الوطنية و زيادة الاستثمار كبيرة جدا. فبمان ان الاستثمار يتعلق بالمستقبل فان حساب الربح و الخسارة لا يكون دقيقا الا اذا كانت العملة الوطنية مستقرة.
و من هذه العقبات ضعف البنية التحتية. فما تقوم به الحكومة من استثمار في البنية التحتية لا يتم توجهه الى المجالات المشجعة للاستثمار بل على العكس الى تلك المجالات التي تعرقله. فالطرق التي تقام لا تأخذ بعين الاعتبار تشجع الاستثمار فتمر في مناطق لا يوجد فيها موارد اولية.
فعلى الرغم من اهمية الكهرباء للاستثمار فان الحكومة قد تقاعست في الاستثمار في هذا القطاع. و على الرغم من اهمية التدريب فان اولويات الحكومة تكمن في توسيع التعليم العالي الذي يخدم عملية الاستثمار. و نظر لأهمية قطاع السياحة في الاستثمار في اليمن فان الحكومة لا تعطي الاستقرار الامني الاهمية المناسبة.
من الممكن ان تسعى الحكومة الى تقديم حوافز للاستثمار و لكن بعد ان تكون قد عملت كل ما في وسعها لإزالة العقبات التي تقف امامه. فمن غير الممكن ان يتم معالجة عقبات الاستثمار من خلال حوافز الاستثمار كما تحاول ان تعمل الحكومة في الوقت الحاضر.
فالنتيجة المنطقية لمثل هذه الممارسات هو تلويث الاستثمار. فالتفاعل غير السليم بين العقبات و الحوافز يؤدي فقط الى تلويث مناخ الاستثمار. و الحالة اليمنية خير شاهد و دليل على ذلك.
و في هذه الحالة اذا ما ارادت الحكومة تقديم الحوافز المناسبة و الفعالة للاستثمار فان عليها ان تعوض عن خفض معدّلات الضريبة بتبني حوافز اخرى يمكن الاعتماد عليها في تشجيع الاستثمار وجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية. فمن هذه الحوافز تقديم الدعم المباشر للاستثمار. و يتم ذلك من خلال تقديم دعم مباشر للاستثمارات الرائدة سواء على مستوى النشاط او المكان او التكنولوجيا. و يحدد هذا الدعم بمقدار التكاليف الثابتة التي تتحملها هذه الاستثمارات الرائدة و التي يمكن ان تستفيد منها الاستثمار المقلدة.
فنظرا لتأثير الوفورات فان المستثمرين ينتظرون من يسبقهم في الاستثمار و يتحمل هذه التكاليف ثم يلحقون به. و لا شك ان ذلك يقضي على المنطق الاقتصادي القائل ان المستثمر الاول يجب ان يحقق ربحا غير عادي ممن سيلحقون به. و من اجل تنقية هذا التلوث فان على الحكومة ان تتحمل هذه التكاليف مرة واحدة و بطريقة واضحة لا يمكن التحايل عليها.
الخاتمة
نتيجة لتفشى الفساد في اليمن فقد تفاعلت كل من معوقات الاستثمار مع حوافزه لتعمل على تلويث مناخ الاستثمار بشكل كبير. و لقد ترتب على هذا التلوث عدم وضوح الرؤيا لدى كل من الحكومة و القطاع الخاص. فلا الحكومة افاقت و عملت على تصحيح المسار و لا القطاع الخاص افاق و طالب الحكومة بعمل ذلك.
فالحكومة تبرر فشلها من خلال القاء اللوم على القطاع الخاص الذي لم يستجب لمحفزات الاستثمار التي تقدمها الحكومة. و القطاع الخاص استمراء لأنه يعتقد انه يستطيع ان يتأقلم مع فشل الحكومة من خلال ممارسة الفساد. انه يعتقد ان تطبيق القوانين على ما هي عليه سيعمل على زيادة الاعباء على القطاع الخاص.
ان تنقية مناخ الاستثمار لا يمكن ان يتحقق الا من خلال اعادة النظر بالمنظومة القانونية و الممارسات و الإجراءات و القواعد المرتبطة بها. و عند اعادة النظر بذلك فلابد ان يكون من خلال التوازن بين المصلحة العامة و المصالح الخاصة.
و لا يمكن ان يتحقق ذلك الا اذا تم فصل الحكومة عن التجارة و الاستثمار. فمن يشغل منصبا حكوميا يجب عليه ان يتخلى عن ممارسة الاستثمار الخاص. و من يمارس الاستثمار الخاص فان عليه ان لا يسعى للتأثير على المسئولين الحكوميين بطريقة فردية.
ان ذلك يعني ان الحكومة ككل يجب ات تتعامل مع القطاع الخاص و ان القطاع الخاص ككل يجب ان يتعامل مع الحكومة. في هذه الحالة فان يمكن ان يكون هناك توازن بين الحكومة و القطاع الخاص.
توازن لا يمنع من التواصل و لكنه يمكن من الاستغلال. في هذه الحالة سينتج عن هذا التواصل التعاون بينهما في ازالة عوائق الاستثمار و توفير الحوافز المناسبة له. في هذه الحالة فقط سيمكن تنقية تلوث مناخ الاستثمار في اليمن.
ضمان الاستثمار في ندوة ضمان الاستثمار في ظل المخاطر السياسية التي نظمت امس بالغرفة التجارية بأمانة العاصمة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.