يرى المتخصصون في مجال الطيران المدني - والنقل الجوي على وجه الخصوص - ضرورة وجود منظومة اقتصادية متكاملة للنهوض بقطاع النقل الجوي في أي دولة، وذلك من خلال موائمة التشريعات مع الاجراءات المؤدية لنمو الطيران المدني بمختلف مجالاته وتشعباته. ومن خلال دراسة تجارب الدول الرائدة والعملاقة في الطيران المدني عربياً واقليمياً وعالمياً نستنتج أن النجاح الذي وصلت اليه ما هو إلا محصلة لجهد كبير وخطط استراتيجية ومدروسة وتنفيذاً دقيقاً واهتماماً خاصا وبإخلاص واصرار عظيم أولته تلك الدول وقيادتها في سبيل النهوض بقطاع النقل الجوي، مع الإيمان العميق بأهمية اعتبار الطيران المدني رافداً مهماً وأساسياً لبناء اقتصاد وطني من خلال منظومة متكاملة يتم تنفيذها وبدقة عالية ابتداءً من رأس الدولة انتهاءً بالعاملين في قطاع الطيران المدني. بدايةً .. لا بد من وجود رؤية واضحة وطموحة من الجهات ذات الاختصاص للدولة باعتبار قطاع الطيران المدني رافدا استراتيجيا للاقتصاد الوطني – كما أوضحنا آنفاً – والعمل على تذليل كافة الصعوبات والعراقيل أمامه للنهوض به ، حتى يضطلع بدوره بما يعكس ايجاباً على قطاع الطيران المدني خصوصاً والاقتصاد الوطني عموماً. ولعل ذلك يأتي من خلال تشريعات تمهد الطريق أمام القائمين على القطاع الحيوي، كتطبيق سياسة نقل جوي أكثر مرونة وانفتاحاً وتطوراً ومواكبة لمتغيرات العالم ومقتضياته، بعيداً عن الأساليب القديمة والتقليدية والقوانين واللوائح ( التقييدية ) التي عفى عليها الزمن، الى جانب فتح آفاقا جديدة للاستثمار في مجال الطيران المدني على المستوى المحلي والاقليمي والدولي وفي شتى المجالات، وتقديم التسهيلات التشريعية والإجرائية لهم، وهذا لا يعني فتح الباب على مصراعيه دون رقيب أو حسيب، ولكن إتاحة المجال وفق شروط يتم ضبطها وتنظيمها في سوق العمل وفق جودة عالمية ،وضمن تنافس شريف مثل ما تقوم به الدول الرائدة في هذا المجال .. والاستفادة من تجاربهم وخبراتهم لتحقيق النجاح المطلوب . وكما نشاهد حالياً رعاية واهتمام خاص توليها الدول للنهوض بالطيران المدني كمنظومة متكاملة تسند بعضها البعض ،بداية من إنشاء شركات طيران وطنية عملاقة، وصولاً لبناء مطارات رحبه وراقية وذات جودة عالمية تستوعب حركة النقل الجوي الهائلة لأساطيل طائرات تلك الشركات وشركات اخرى، من ثم العمل على الارتقاء بالمطارات كلها تعد نقطة مفصلية تمهيداً لانطلاقها لعدة نقاط اقليمية ودولية، وبذلك من خلال تحويل المطار الى نقطة استقطاب وجذب عن طريق تشغيل شركة الطيران الوطنية والدولية وتشغيل المطارات بكل ما تحتويه من طاقه استيعابية للنهوض بالاقتصاد الوطني، والذي بدورة سينعكس ايجابا على كافة الجوانب الاخرى من خلال خلق فرص عمل جديدة وتنشيط السياحة والاستثمار والصناعة والتجارة.. وهذا ما يجعل من الطيران المدني منظومة اقتصادية وتجارية واستثمارية تدر أرباح سخية ومتنامية بقدر نمو حركة نشاط النقل الجوي في مطارات الجمهورية . ولأجل تحقيق ذلك كان من المهم البحث عن نقاط القوة التي يتوجب الانطلاق منها لتحقيق هذه الرؤى الطموحة وتحويلها الى حقيقة ملموسة ، والعمل على تهيئتها والترويج لها كالموقع الاستراتيجي لتك المتميز والكثافة السكانية والامن والاستقرار والمناخ الاستثماري الملائم .. والتي تعد كلها من عوامل النجاح أو الفشل كونها مترابطة ومتشابكة مع بعضها البعض وفق منظومة اقتصادية واحدة . وبالنسبة لبلادنا فهي تمتلك العديد من نقاط القوة هذه والتي ستسهم بكل تأكيد الى الارتقاء بالطيران المدني اذا ما تم استغلالها وتوظيفها بشكل جيد وفعال. فكما سعت الجهات المعنية في مجال النقل الجوي بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة الى القضاء على نقاط الضعف التي كانت تصيب منظومتنا بالتعاون مع الجهات الامنية، والتي تمثلت في العديد من الاجراءات كالقيام بتزويد المطارات بأجهزة فحص وتفتيش حديثة، وعقد ورش العمل والدورات تدريبية الداخلية والخارجية لتدريب القائمين على المطارات، وتعريفهم بالطرق والوسائل التي قد يتم اخفاء او تهريب الممنوعات من مواد متفجرة و غيرها وكيفية التعامل معها في حالة اكتشافها ..فانه بات من المهم البحث عن نقاط القوة وتعزيزها. سيظل الجانب الاقتصادي حجر الزاوية في تطوير اداء والارتقاء بمستوى الطيران المدني وتحديث البنية التحتية للمطارات .. والبداية من تولي الجهات ذات العلاقة اهتماما اكبر بهذا الجانب، والقيام بوضع الخطط الاستراتيجية المستقبلية ل، والعمل على تنفيذها للارتقاء بشكل بمجال الطيران المدني وجعله مصدرا لا يستهان به وعاملا اساسيا في النهوض بالاقتصاد الوطني .