الحمد لله الذي منحنا حبه وهذه أجمل ما في الحياة هي أن تحب الله ويحبك ثم يربيك ويعلمك ما لم تكن تعلم فمن يستحق الحب غير الله ؟ فهوالذي يسدي علينا نعمه وفضله ومنه وكرمه وإحسانه وستره ورزقه وعافيته في كل لحظة ونفس ، وكل حب في هذا الوجود يجب أن يرتبط لله وفي الله ليكون حبا خالصا فكم هي مشاعر الحب لله سبحانه ومن أجله ، فعماد حبه الإخلاص له بما ارتضاه لنا من علم وعمل ، فهل من نعمة أفضل من هذه ؟!! لا والله العظيم ، إنها أعظم نعمة ، فلله الحمد مهما اقتربنا منه فإنه يحبنا ولو تقربنا إليه الليل مع النهار فهو لن يملّ منّا إن التجأنا إليه بصدق بل سيعطينا أضعافا مضاعفة من جوده ومنّه وكرمه وإحسانه ورزقه ، كما أنه ليس بحاجة إلينا ليأخذ منا بل يعطينا أكثر ، فهو يعاملنا بما هو أهله وليس بما نحن أهله . حب الله هو أعظم حب فليس قبله حب أو بعده حب ، به تعالج أمراض القلوب ، وبه أيضاً ينقذ المجتمع مما يعج به من ويلات مهلكة ، فحب الله ليس له نهاية فهو حب مستمر في الدنيا والآخرة وأما الحب الذي لا يربطك بالله ومن أجل الله فهو حب مزيف وإن تعاضد عليه أصحابه أو تعلقوا به ، فيجب أن نحب لله وفي الله ومن أجل الله ونقتدي بعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الرابطة الأخوية التي جمعت بين المهاجرين والأنصار فقد قامت على مشاعر الحب والمودة والنصرة والحماية والمواساة وبهذه المحبة استطاع المهاجرون أن يندمجوا في المجتمع المدني وفتح الله بسبب هذه المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار أبواب الخير الكثير فأفضل ما في هذه المؤاخاة أنها لم تُقم وزناً للاعتبارات القبلية أو الفوارق الطبقية ، حيث جمعت بين القوي والضعيف ، والغني والفقير ، والأبيض والأسود ، والحرّ والعبد ، وبذلك استطاعت هذه الأخوّة أن تنتصر على العصبيّة للقبيلة أو الجنس أو الأرض ، لتحلّ محلّها الرابطة الإيمانيّة ، وليست أخوة التهميش والإلغاء وبهذا نستطيع أن نلمس الفارق الشاسع في وقتنا الحاضر ممن يدّعي الألفة والوحدة وهو لا يقيم لها وزنا ويدعي الإسلام وهو لا يطبق منه أدنى أبجدياته فيتكلم عن الأخوّة وهو ينسفها نسفا ويتكلم عن الإسلام وعدالته وحريته وهو لا يألوا جهدا في السلب والنهب والبسط على الحقوق والحريات وكم نسمع من يتحدث على المنابر وفي المنتديات وعلى القنوات كثيرا عن دين الله وهو لا يقيم له وزنا فكم رأينا من هذه المخلوقات البشرية المعقّدة سواءا كانوا أفرادا أو منضوين تحت أحزاب تدخل المنتحلين إليها إلى سراديب مظلمة فتحركهم أيادي خفية مشبوهة ، ثم توصلهم إلى سراديب مغلقة فتحركهم وتملي عليهم بأوامر خفية سرّية تصب في مصالحها الذاتية والأنانية الغير أخلاقية فيربون الشباب على مصطلح [ أمير وذنب ] فالأمير يأمر والذنب ينفّذ ، فكم من شبابنا من لا يعّرف مثل هذا ، فهذه أحزاب وجماعات يربطونها بالأخوة الإسلامية زورا وبهتانا فعلى الواقع العملي كم منهم من وصل إلى سدة الوزارة فكان نهّابا ، غشاشا ، أنانياَ ، لا يعرف من الإسلام إلا حزبه وجماعته فشعاره العملي ( الغاية تبرر الوسيلة ) فهذا لا يعتبر من الوحدة ولا من الأخوة الإيمانية وإنما من الأخوة الشيطانية نعوذ بالله من الخذلان . نسأل الله أن يرزقنا المحبة الإيمانية والوحدة الصادقة بين كافة المسلمين كما أقرها الإسلام وليس وحدة النصب والفيد والغدر والخيانة والتي نشتكي إلى الله منها وممن أدخلنا في سراديبها المظلمة ونسأله سبحانه بأن يصلح حالنا إلى أحسن حال وإن شاء الله في القريب العاجل ومن مبشراتها قوله سبحانه وتعالى : (حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين ) صدق الله البر الرحيم العظيم .