قامت التسوية السياسية على طرفين رئيسيين - المؤتمر وحلفائه والمشترك وشركائه - وتم تجاهل بقية القوى في الساحة السياسية .. ثم أرتكز الحوار الوطني على أهم قضيتين رئيستين - القضية الجنوبية ، وقضية صعدة - وبما ان طرفا التسوية السياسية تجاهلوا كليا طرفا القضيتين الرئيسيتين أثناء مجريات الحوار الوطني ، وكأن هناك إصرارا متعمد على تهميش وتغييب دور وأهمية إشراكهم في تسوية سياسية يتساوى عندها جميع المكون المعترف بفاعليتها في الأزمة السياسية في اليمن ، ولكن ما حدث من تمايز تم ارتكابه بحق أطراف نظر إليها على أن درها لن يكون سوى هامشي ، ودن تأثير في عملية التسوية . كان على هذه القوى أن تتقبل هذا التهميش والإقصاء حينها وبما يتيح لها من ممكنات التأثير داخل المشهد السياسي ، ويجعلها ذات حضور يمكنها من البنى عليه مستقبلا ، وكموقف متصد لإصرار تغييبها المتعمد والغير واعي من اللاعبين الرئيسيين كإستحالة - تشكيل حكومة شراكة وطنية تضم كل أطراف الحوار الوطني- التعامل معهم ضمن القوى الرئيسية في البلد ، ولذا فقد أستفادة من حرية حركتها- كاطراف غير رسمية - لإبتكار أدوات مغايرة وبعيدة تماما عن متطلبات دورها في التسوية السياسية . استمرت المساعي لإقناع القوى النافذة للقبول بالأمر ولكن دون جدوى ، والمضحك فعلا ومع اشتداد حمى التجاذبات السياسية داخل الحوار ، أدركت بعض القوى النافذة الرئيسية خطورة غيابها عن الشارع وفاعلية أدواتها التقليدية ، فراحت تقود صراعات هنا وهناك ولسان حالها يقول : لن أترك هذه القوى ايضا يتنامى حضورها في الميدان الشعبي ، وهو ما خلق تذمر واسع تجاه هذه الاطراف الرسمية وحكومتهم ومبادرتهم وتسويتهم السياسية بشكل عام . وفي خضم التراكمات والالتزامات تجاه العديد من القضايا ومنها الجانب الإقتصادي ، انصرفت الاهتمامات إلى المواضيع الطارئة - رفع الدعم عن المشتقات النفطية - وتداعياتها، وهو ما أبقى الأطراف الرسمية هي المعني بتحمل تبعات أي تداعيات قد تطرأ كنتيجة لذلك ،في حين أبقا مساحة جيده للأطراف -الغير رسمية -مستفيدة بذلك من مشاركتها في الحوار ..قدمت من خلال أدوارا سياسية وتكتيكية ملفتا في المشهد السياسي ،مع تنامي قوتها وحضورها الميداني على الأرض، وعدم التزامها كمكونات غير معنيه بالقرارات الدولية الملزمة للأطراف وتبعات أي خروج على ذلك ،وعلى رأس هذه القوى جماعة انصار الله ،والحراك الجنوبي . كل هذه المألات السياسية ونتائج الغباء أو الإستغباء السياسي الذي مارسه قيادات حزبي الإصلاح والمؤتمر ودوائر صناعة القرار السياسي المؤسسي الحزبي فيهما ،والغير مدركة لتبعات إصرارهم واستماتتهم على تجاهل الجميع وتعاطي مؤسسة الرئاسة واللاعبين الإقليميين والدوليين مع صراعاتهم وعرقلاتهم المتعددة لتقدم العملية السياسية ، وتجاهل دور المكونات والأطراف السياسية الأخرى في الساحة ، وغياب الآلية الفاعلة لإشراك المجتمعات المحلية في رسم خارطة مستقبل البلد ، هو ما يضعنا اليوم أمام استحقاقات لم يملأ فراغاتها الحوار الوطني الشامل .