الجزء الأول من المشهد الرابع الساحة التي يطل عليها القصر الملكي، أحتشد عليها خليط من الرجال، النساء، الأطفال، وهم يبكون ويندبون، ويحيط بهم جند الفرس . الحشد : وآسفاه..هم قتلوك إذن، فها هو اليوم السابع ونحن هنا ننتظر طلتك علينا، ولم تطل، ها هو اليوم السابع ونحن هنا ننتظر إن تخرج إلينا وتخبرنا عن وعد كنت قطعته على نفسك: أن تحررنا من المحتل، أن تحررنا من الاستبداد..وا مصيبتاه إن كانوا قتلوك، فهل قتلوك ؟ فمن قتلك وقتل الحلم ؟ الحارث : (يخرج من القصر..يقف على الشرفة التي تفصلها عن الساحة بضع درجات) أنتم هنا منذ أسبوع تنتظرون، من تنتظرون سيف؟..يا أهل اليمن، يقرأكم الملك وهرز، ملك اليمن، وعامل كسرى على اليمن-السلام- ويبلغكم بأن سيف قد قُتل غيلة وغدراً . الحشد : (يبكون) قُتل غيلة وغدراً، فمن قتله؟ ومن أنت؟ الحارث : أنا الحارث من آل ذي جدن . الحشد : (متعجبين) من آل ذي جدن..أخوال الملك سيف الحارث : نعم أنا كذلك . الحشد : أنت كذلك، وتقول بأن الملك سيف قد قُتل غيلة وغدراً، وأنت كذلك، فمن أغتاله ومن غدر به ؟ الحارث : هم هكذا الملوك يُقتلون غيلة وغدراً . المقه : (تخرج من بين الحشد، وتقف في وسط الساحة) غيلة وغدراً نعم، وإلا فكيف قتلوه يا خال الملك سيف بن ذي يزن؟..كان لك أن ترد كذلك وقد أقامك وهرز نائباً له على إحدى القبل اليمنية..فهل تجيب على السؤال ؟ الحارث : (منفعلاً) أجبت على السؤال، فهل تكفون عن السؤال؟ المقه : (مشيرة إلى الحارث) هل هو استبداد المحتل، أم استبداد المقيم ماداموا مثل هذا، يبيعون بولاية أو بحفنة من دراهم، ومادمتم (مشيرة إلى الحشد) . الحشد : مادمنا . المقه : نعم، وإلا فهل تأخذون بثأر سيف ؟ الحشد : مِن مَن ؟ المقه : منهم . الحشد : من هم ؟ المقه : هم حواليكم، هم خلفكم، هم أمامكم..المحتلون المستبدون، والمستبدون المقيمون . الحشد : لا نقدر عليهم..حولهم الجند المدججون بالسلاح أم أنك لا تشاهدين؟ المقه : أشاهد، لكنكم تقدرون إذا أردتم . الحشد : نحن نريد، ولكننا لا نقدر . المقه : أنتم لا تقدرون، لأنكم لا تملكون الإرادة..إرادة الشجعان..فهل تذكرون ؟ الحشد : لا نذكر..لا نذكر . المقه : وأنتم تهتفون: بالروح بالدم نفديك يا سيف . الحشد : نفديه حياً، فكيف نفديه ميتاً؟ المقه : تأخذون بثأره . الحشد : وسيوفهم مشهورة علينا !!! المقه : أنتم تهتفون فقط، أنتم تنافقون..كيف كان لكم أن تفدوه حياً، ولا تأخذون بثأره ميتاً ؟ الحشد : إلا سيف . المقه : فهيا..تأخذون بثأره . الحشد : قلنا، وسيوفهم المسلطة علينا . المقه : تخافون من الموت..تخافون من السيف . الحشد : فكيف لا نخاف ؟ المقه : فكيف لا يستبد بكم ديمانوس، وكيف لا يدمر ارياط من كل شي الثلث، وكيف لا يستبد الأحباش، وكيف لا يقتلون سيفاً، وكيف لا يستبد المحتل الجديد ؟ عامر : (يخرج من بين الحشد، ويقف على بعد خطوات من المقه)..ومن الذي أستقدم المحتل الجديد، يا المقه يا زوجة سيف، ويا من تستشرفين المستقبل؟ المقه : (ساخرة) عامر بن يزيد بن كبشة..يا من تدعي بحقك في الملك لأنك ابن الثائر، فهل تأخذ بثأر سيف، فتكون ابن الثائر، وتكون جديراً بالمُلك ؟ عامر : ذلك ما أنا مقدم عليه، فهل تجيبين على السؤال؟ لميس : (تخرج من بين الحشد، وتقف إلى جوار المقه) مقدم على ماذا يا عامر ؟ عامر : (دهشاً) لميس، ما الذي أتى بك ؟ لميس : يجتمع الناس هنا من أجل أخي، ولا تريدني أن أكون هنا، فعلى ما أنت مقدم عليه ؟ عامر : كما قالت، أم أنك لم تسمعي المقه ؟ لميس : من أجل الثأر، أم من أجل الملك ؟ ديمانوس : (الثالث)..يخرج من بين الحشد ويقف على بعد خطوات من عامر ) إذا كان يريد الثأر فذلك شأنه، أما الملك فهو شأني . المقه : اختلف الاثنان أمام الملك سيف، ويريدان الآن، ولا نريد أن يتكرر مشهد لم يحسم، ولن يحسم، إلا إذا أراد الشعب، فأين الشعب ؟ الحشد : نحن الشعب . المقه : (ساخرة) أنتم شعب من ماذا؟.. حسناً..فهل تحسمون..تقطعون ؟ الحشد : نقطع ماذا ؟ المقه : ديمانوس، أم عامر..شرعية التوريث ، أم شرعية الثورة . الحشد : (متعجبين) شرعية الثورة !! المقه : شرعية الثورة..جملة قالها عامر في مجلس الملك سيف، جملة سبقت أوانها مئات السنين، أرادها أن تكون له إرثاً من بعد أبيه، وكأنه أراد أن يحتال على التوريث بالثورة، وهما بعد مئات السنين وجهان لدرهم واحد..الاستبداد . عامر : لا تريد المقه من هذا الهراء إلا الهروب من الإجابة على سؤالي، وأما أنا فلست محتالاً، فذلك حقي، وحتى أنقذ الشعب من استبداد المحتل، واستبداد المقيم . ديمانوس : (منفعلاً) من تعني بالمقيم ؟ عامر : ومن غيرك يا حفيد المستبد ؟ يتبع