ها نحن نحصل أخيراً على مسودة دستور ، تضاف إلى سابق ثرواتنا من المسودات.. مسودة دولة ، ومسودة رئيس ، ومسودة حكومة وجيش.. وبات على أحدنا أن يحيا بشغف ، تفاصيل المسودة اليمنية ، بوصفه مسودة مواطن صالح ، يتمتع بمزايا الحضور في مسودة وطن.. قد تمنحك الحياة صيغة وجود مخاتل معطوب ، فأنت لست أكثر من (مسودة) إنسان ، تحظى بكامل حقوق المسودة ، في مراحلها الانتقالية المختلفة ، من الطفولة المؤقتة والرجولة المفترضة إلى الشيخوخة المحتملة ، ولا تفارقك لعنة مسودة الوجود هذه ، إلا عندما يحضر عزرائيل لزيارتك ذات ليلة ، رفقة إرهابي مفخخ ، كان يوماً مسودة متدين بلا قلب أو عينين.. يوماً ما سأبني بيتاً على وطن بحضور دولة.. يافعاً ، هكذا يقول أحدنا ، وبعد أن يبلغ من العمر عتيا ، يكتشف بمرارة عاقر تعانق الرصيف، أن البيت لم يكن أكثر من مسودة ، تماماً كالحلم والرصيف والوطن والدولة..! لم يقل شكسبير ، أي شعب سيعطيك إن أنت أعطيته مسودة مسرح وطني ، هي ، بلا خشبة ، كل ما نمتلك ، ولم يعلم نيوتن ، أن لكل فعل ، في بلادي ، مسودة رد فعل ، وأن الجاذبية الأرضية ما زالت هنا مسودة قانون ، تماماً كقانون مكافحة الإرهاب ، وزواج القاصرات.. يبدو أننا ، كما يقول باولو كويلو ، فُتنا باللوحات والكلمات ونسينا لغة العالم ، وفي عالم كهذا يدمن الهزلية بجدية ، لا شيء ينتهي إلى صيغته النهائية.. كل شيء هنا مسودة ، كالثورة والجمهورية والوحدة ، وتبقى المسودة مسودة..! [email protected]