عندما تدعو الأحزاب والمكونات والأطراف السياسية والاجتماعية في اليمن إلى التوقيع على مبادرة ما أو اتفاق أو أي وثيقة تجدهم أسرع من البرق في التوقيع لكنك حينما تبحث عن التنفيذ على ما تم الاتفاق والتوقيع عليه تجدهم أبطأ من السلحفاة فكل طرف يحاول أن يتنصل مما وقع عليه ويبحث عن مخارج ومداخل للهروب من الالتزامات بأي ذريعة. بالطبع لو عدنا إلى الوراء قليلاً فقط لوجدنا أن الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق التي تم التوقيع عليها من قبل الأحزاب والمكونات والأطراف أكثر من المشاكل نفسها ولو أنه تم التقيد بما تم التوقيع عليه لكنا انتهينا من حل مشاكل اليمن واتجهنا لحل مشاكل العرب وربما العالم كله لكننا نوقع ثم نهرب لتزداد مشاكلنا وقضايانا تعقيداً لكننا ما نلبث أن نعود إلى التوقيع على اتفاق جديد أو معاهدة أخرى وهكذا. بالطبع آخر ما تم التوقيع عليه الاتفاق الذي تم في منزل الرئيس هادي بين الرئيس ومستشاريه الذين يمثلون المكونات والأطراف السياسية وقبله كان اتفاق السلم والشراكة الوطنية الذي تم التوقيع عليه وباركه المجتمع المحلي والإقليمي والدولي وكان هناك بارقة أمل في أن يكون هذا الاتفاق هو آخر الاتفاقات التي يتم التوقيع عليها لإخراج اليمن من أزماتها المتلاحقة لكن الأمل تلاشى وعادت ريما لعادتها القديمة في التنصل والهروب من الالتزام بما تم التوقيع وتنفيذه فتم الالتفاف على الاتفاق وانتقاء بعض البنود لتنفيذها رغم أنها كانت مزمنة ومحددة لكن أحزابنا لديها الخبرة الكافية في هذا الجانب فاستطاعت أن تفر وتفلت حتى وصلت الأمور إلى ما هي عليه الآن. ربما يتم خلال اليومين القادمين التوقيع على اتفاق جديد ينص على تنفيذ الاتفاقات السابقة وستجد أن الجميع يهرعون للتوقيع لكنك لن تجد معظمهم في وقت التنفيذ وهكذا فما أسرع السياسيين في التوقيع وما أبطأهم عند التنفيذ وهذه هي الكارثة. لقد مل الناس وسئموا من كثرة الاتفاقات التي وقعت من قبل المكونات والأطراف ولم تجد طريقها إلى النور والتطبيق وأصبح المواطن لا يكترث بها لأنه يعرف مقدماً أنها مجرد حبر على ورق وحتى السياسيين أنفسهم يوقعون عليها وهم يعرفون مسبقاً أنه ستظل كذلك لأن لديهم الخبرة الكافية في عدم تطبيقها وتنفيذها والقفز عليها بل أن بعضهم لديه من القدرة على شرح مبررات عدم التنفيذ وبمهنية عالية تجعل الناس يتعاطفون معه بدلاً من محاسبته. فهل سيكون هذا الاتفاق الذي سيتم التوقيع عليه هو آخر الاتفاقات أم أنه سيدخل ضمن قائمة الاتفاقات السابقة التي دخلت الأدراج قبل أن تجد طريقها إلى النور ونبدأ حينها رحلة البحث عن اتفاق جديد نوقع عليه ولا نستطيع تنفيذه. اليمن اليوم