لم يكن الأمر صعباً ،ذلك أن لحظة صدق وانحياز جاد ، كفيل بتحقيق الهدف والإقتراب من هموم الناس وأوجاعهم ، وبما يعيد للشارع الثقة في المكونات والأحزاب السياسية. أُطلق المختطفون من سجون جماعة الحوثي ، إثر الدور والموقف الذي لطالما انتظرناه من أحزاب المشترك ، والذين أثبتوا بحق أنهم أكثر قدرة في تحمل مسؤولياتهم إزاء الجميع دون إستثناء. لعل بيان المشترك كان المفتتح اللائق ، برسم ملامح مرحلة جديدة ، لن يكون الهم المجتمعي سوى الإطار الذي يتحرك من خلاله وفي حدوده الجميع ، ما يقود إلى ترميم ما تهشم من جسور العلاقة الشائكة بين المشترك والمجتمع برمته ، والتي كان أداء المشترك سبباً رئيساً في نشوء مثل هذه العلاقة . وقف المشترك اليوم إلى جانب المظلوم ، وكان صادقاً في تمثيله لهمومنا جميعاً. لقد قام المشترك بما يتوجب عليه إزاء المختطفين ، وأعاد لنا الأمل أن ثمة منْ يمكن الإتكاء عليه ، أثناء دفاعنا المستميت عن أحلامنا في دولة المواطنة والعدالة المتساوية. كنا نظن ونحن نقاوم الميليشيات المسلحة ، أن الزمن والوجع -الذي طال الجميع- استطاع - بهدوء - محو الخسارات التي لحقتْ بنا جميعاً، من فبراير 2011م وحتى يناير2015م ، غير أننا خُدعنا في هذا الظن - إذ أن ( بعض الظن إثم ) - لنجد أنفسنا في مواجهة آلة العنف الحوثية . كان بودنا أن نجد المؤتمر الشعبي العام حاضراً في مربع الدفاع عنّا - دون استثناء - حاملاً على عاتقه هذه المسؤولية العظيمة ، غير أن المؤتمر يشبه أحدهم حينما ظل يلح على أمه أن تزوجه بفتاة ما، وبعد عناء طويل وافقت الأم قائلة للجميع : مدري وفي يوم العرس وعند وصول العروسة ، دخلت عليه الأم قائلة : يا جني قم اقبض العروسة... أمسك صاحبنا ببطنه وقال لأمه وبصوت متوجع : إقبضي بدلي انتي.. لا وجود للمؤتمر الشعبي العام ولا تواجد لأي موقف إزاء كل ما يحدث في إب والبلد من انتهاكات وعبث ، قد يضع المؤتمر الشعبي العام كمتواطئٍ بشكلٍ أو بآخر مع ما يحدث من اعتقالات ومداهمات وقتل لجموع المناهضين والمتظاهرين ضد ميليشيات الحوثي . كنا قد وقعنا تحت ثقل الشعور المضني بإرتكابنا الخطأ الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه اليوم...... خطأ الثورة على نظام صالح ، وكادت أصواتنا أن ترتفع - جراء ممارسات الحوثيين - مانحةً الرئيس السابق صالح ما يمكِّنه من اختتام حياته ، ويمحْو ذكرى(33 )عام ، لم يكن فيها صالح سوى المعطل الحقيقي لبناء البلد ودولة المؤسسات المأمولة. لم نكن لنفكر تحت وطأة ذلك الشعور بأي شيء ، ولم تدع لنا ممارسات الحوثيين ما نفكر فيه ، ولا ما الذي سنفعله تجاه الأرامل وأهالي الشهداء وأطفالهم ، والذين كما يبدو لا ينتظرون منا فعل أي شيء ، باستثناء انتظارهم الواهن لمواساة عابرة ، ربما قد تكون كافية لمنحهم ما يفخرون به أمام التأريخ وسنوات العمر الذاوية. في خطابه الأخير راح صالح يبحث عن كوارث وأزمات جديدة ، قد تبقيه على قيد الحياة ، وتشعره بالحضور في الحياة ولو كعاهةٍ ، استطاعتْ أن تنتزع من مواجع الناس وآلامهم لحظة ثناء رخيصة ، ويبدو أن صالح ماضٍ في طريق انتزاعها ، والقضاء على ما ظلَّ من بلدٍ ، لم يعد يصلح ل( سوى النسيان أو للذاكرة). ربما نجح صالح في إدراك ثأره من خصومه عبر الحوثيين ، والذين - بحسب خطاب الحوثي واعتذاراته الأخيرة للمؤتمر - لا يتجاوز دورهم ، دور عامل بالأجرة، ليس عليه سوى انتظار( صالح) ليمنحه باليمنى ، ما هو متأكد من أخْذه منه باليد اليسرى ، إعتماداً على قدرة صالح العالية في المخاتلة وخرق الإتفاقات، بيد أننا ومن رافق صالح لحظة الظفر بثأره ، وتحقيق إنتصاره المزعوم ، سنسأله لا محالة قائلين : ها قد انتصرتْ .... لكن هذا الإنتصار الواهم لن يقف في وجهنا ، فهل تدرك أننا أكثر قدرةً - اليوم - على انتشال البلد وإعادته للحياة ، وبما يليق بكل التضحيات التي أنجزناها حتى اليوم...؟؟؟