أصبح مفهوم المجتمع المدني من المفاهيم التي تتردد كثيرا في الخطاب العالمي المعاصر ،وذلك بسبب تعاظم فاعليته واتساع مساحة أدوارة على المستويات المحلية والقومية والعالمية على السواء ، وأيضا بسبب دورة التحريري الذي ظل يتعاظم تاريخيا حتى أصبح يشغل المساحة الواسعة التي يشغلها على ساحة النظام العالمي الآن ، ولا يختلف اثنان في أن بناء البيت الواحد يقوم به وعليه أصحابه جميعا ،وبناء البيت الكبير (الوطن ) مسئولية جميع فئاته ، وعلى رأسها الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني بكل أشكاله ، فالموارد الحكومية مهما بلغت ضخامتها ،فنها يلاشك في حاجه إلى المساندة والدعم من الجهات الأخرى ، كما يدرك العالم أجمع بشكل متزايد مدى أهمية المجتمع المدني كعامل تنموي حيوي يستكمل دور الحكومة ، وفي بعض الأحيان يساعد الحكومة والبرلمان على الحفاظ على أعلى مستويات المحاسبة التي تتطلبها المجتمعات التشاركية والديمقراطية ، كما أن دور المنظمات غير الحكومية في الدولة هو التفاوض مع الحكومة من أجل الديمقراطية وليس للاستقلال عن الحكومة والصراع معها فالمنظمات غير الحكومية ليست بديلا للحكومة وإنما مكملا لها كونها تعمل على نشر الوعي العام بمسائل تهم المجتمع المدني مثل مكافحة الفقر وتحسين البيئة وقضايا المرة وحرية التعبير والمشاركة المجتمعية والتوعية السياسية وتبنى نموذج التنمية مما يستجيب للحاجات الإنسانية ؛ ويعطى المواطن قدرا من المشاركة في إدارة الشئون السياسية والاقتصادية وذلك للوصول عن طريق المنظمات غير الحكومية إلى صنع وتنفيذ السياسات التنموية التي تحقق الصالح العام ، وعلى سبيل المثال، نجد بأن عدد المؤسسات التطوعية وغير الربحية في المجتمع الكندي يبلغ (175000) مؤسسة تقدم العديد من الخدمات العامة في المجتمع الكندي، والتي تتضمن خدمات على مستوى الأحياء السكنية، الفنون، الترويح عن النفس، الديانة، الخدمات الاجتماعية، التعليم، والصحة. وتقدر مصاريف القطاع التطوعي في كندا بواقع (90) بليون دولاراً سنوياً وبموجودات قيمتها (109) بليون دولاراً. وتشكل ما نسبته 12% من الناتج المحلي الإجمالي لكندا، وتشغِّل (1.3) مليون فرداً ويستفيدُ من خدماتِ (7.5) مليون متطوع. لذا فإن فعالية الحِكمانية لذلك القطاع واضحةً ومؤثرةً في المصلحةِ الوطنيةِ للمجتمع الكندي ،ولعلَّ طرحِ مثال المجتمع الكندي يبين مدى أهميةِ قطاع مؤسسات المجتمع المدنية في تحقيق التنمية وإدامتها كدولةٍ متقدمةٍ تتسم باستخدام الحِكمانية الجيدة، وإنها من الرواد في اتخاذها كمنهج إداري على مستوى المجتمع بكافة قطاعاته المختلفة فهل هناك رؤية للدول العربية لاعطاء الدور الحقيقي للمجتمع المدني وكسر الحواجز والاشواك التي تضعها الكثير من الدول تجاه حكومة الظل إن كانت هناك فعلا ديمقراطية حقيقية تعطى الحقوق والحريات للمجتمع لا ان تقوم بالاستبداد والقمع لدور المجتمع المدني في تصحيح بوصلة الحكومة وتوجيهها نحو خدمة المجتمع الي جانب القطاع الخاص ، ولذلك لا يزال دور المجتمع المدني ضعيف مقارنه بالمجتمع المدني في بعض دول العالم التي حققت نجاحا باهرا في جوانبها المختلفة تنمويا وسياسيا واقتصاديا ... باحث متخصص ادارة شئون الدولة والمجتمع [email protected]