أي تسمية يمكن أن نطلقها على الأوضاع السائدة في البلاد ؟ وأي تعريف يتناسب وهذي الحرب العبثية التي يقودها المقامرون بمستقبل الناس ونسيجهم الاجتماعي ؟. لا نرى أي خسارة لأمريكا فيما يجري ، ولا موت لإسرائيل فيما نشاهد ونسمع من اقتتال يذهب ضحيته مئات الأبرياء، ناهيك عن تهديم المساكن والبنى التحتية . كما وأن المعارك لا تدور رحاها بين " أنصار إيران" و " أنصار الشريعة " ، كما حاول الحوثيين تسويقه عقب جريمتي بدر والحشوش ، بل ضد اناس مسالمين ، جل مشكلتهم ظلم الجغرافيا و" هبالة " علي سالم البيض. إذ ما وقفنا على ما يحدث في بعض البلدان العربية ، وتحديداً في العراق وسوريا ولبنان ، واسقطنا أوضاعها على الحالة اليمنية التي يتزعمها الحوثيين في اليمن ، سنجد أنفسنا قطعاً أمام حقيقة أن تفجير المسجدين ، هو فعل إيراني بامتياز، يهدف إلى جر البلاد نحو صراع مذهبي شامل ، بالنظر إلى أن إيران لا تستطيع النفاذ للمجتمعات العربية، سوى من خلال هكذا مداخل متمثلة بالحروب الأهلية والطائفية، وهو ما يفسر السرعة في إعلان الحرب على المحافظات الجنوبية والشرقية ، وفي المقدمة عدن ، إلى جانب ما يرتبط بمحاولات إذلال هذه الجغرافيا ، وتطويعها ضمن مسار تأريخي ، نظنه بدء التمرد على ذهنية الغلبة التاريخية وأخذ منحى مختلف ، تتشكل عند نهايته خارطة جديدة يمكنها أن تقود البلاد نحو آفاق وطنية وإنسانية ، وتشكل مدماكاً ليمن قادر على احتضان طموحاتنا وأمالنا الجمعية، بعد ضياع مئات السنين مصحوبتا بالفشل العام ، كنتيجة طبيعية لدوافع الاستقواء السلالي والمناطقي المدعومان بإمكانيات الدول اليمنية المتعاقبة ، والعيش على عرق وجيب الاخر . إن أنسب شعار يمكن للحوثيين ترديده ، في ضؤ ما يرتكبونه بحق البلاد والعباد هو: البقاء لإيران ... الموت لعدن ... الموت للجند.... الموت لسباء... اللعنة على حضرموت ...النصر لشيعتنا . إجمالاً ، هل سألت نفسك القارئ الكريم ، وفي ظل ما نعيشه من أوضاع خطرة والقادم أخطر : لماذا يخوض الحوثيون وجيش المخلوع الحرب على المحافظات الجنوبية وغيرها ؟، ماهي الفائدة منها والقيمة الوطنية لها ؟ وهل يمكننا الحديث بعد كل ما يحل بهم من قتل وتدمير عن الوحدة اليمنية مثلاً ؟ وهم الذين سلموا دولة أملاً في تحقيق مصلحة وطنية أكبر وأشمل للشمال والجنوب ، وقبله القيمة الوطنية ، ولم يقابلوا من الطرف الآخر بغير الدوس عليها في العام 94م ، وهاهم يكرروا جرمهم بطريقة أبشع وخبث لا يضاهى. وفي الوقت الذي نحيي فيه صمود وبطولات جبهات الضالع ومأرب ، وقبلها جبهة " عيال ياتو " في عدن ، بل والتشرف بتقبيل أقدامهم وسواعدهم ، ها هي الحرب تشمل محافظة تعز ، وبذات القسوة التي عليها في الجبهات الأخرى ، رابطة مصير ومستقبل هذه المحافظات ببعضها. لا جديد في الأمر ، فقد كنا نتوقعها منذ البداية ، وأن نشوبها كان مرهوناً بمسألة وقت ليس إلا . بل نحن على ثقة أن معركة تعز ستتسم بدموية أكثر وحقد مضاعف ، بالنظر لطبيعة ومضمون الضغينة التي يكنها للمحافظة كلاً من المخلوع وعبد الملك الحوثي . فقد مثلت للأول عاصمة ومنطلق ثورة 11 فبراير ، التي قادها " عيال المقاهي" بدءً من هناك وافضت إلى خلعه من كرسي الحكم ، بعد 33 عاماً من البهدلة على جميع الأصعدة ، ولذات السبب بالنسبة للثاني ، ولكن بإنتصار أبناءها على أجداده في معركة حصار صنعاء ، وانتصار ثورة 26 سبتمبر وتثبيت النظام الجمهوري ، وكأن المحافظة ايضاً، تدفع ثمن تميزها وتفوق أبناءها على جميع الأصعدة . على المقاومة الشعبية في تعز ومعها اللواء 35 ، وقد فرضت الحرب ، الا يقبلوا بوقفها تحت أي دعوة ، ومهما كانت النتائج المترتبة عليها ، مع ثقتي المطلقة بالانتصار وتطهير المحافظة من كل الأوساخ الوافدة إليها ، برغم ما يمتلكه الطرف الآخر الذي يخوض عدوانه بكل إمكانيات الدولة العسكرية والمادية والبشرية . ندرك مسبقاً حجم الدمار الذي سيلحق بالمدينة ، والكلفة البشرية التي ستدفعها المحافظة ، بالنظر إلى حقدهم متعدد الوجوه والمضامين ، لكن انتصار تعز عبر حسم مسلح ، هو من الأهمية بمكان لأسباب كثيره في مقدمتها : تجديد اعتماد أوراق البطولات القتالية لأبناء المحافظة أمام القضية الوطنية الجديدة ، وإزالة وهم الشجاعة الزائفة العالقة في أذهان هؤلاء ، الذين لم يخوضوا معركة حقيقية منذ 50 عاماً مضت ، ولا يجيدون سوى " النخيط" واستعراض حمل البنادق والجعب في الشوارع وصالات الأعراس . أما ثانياً ، وهو الأهم، فإن انتصار تعز في هذه المعركة ، سيترتب عليه تحديد اتجاه البوصلة الوطنية ومستقبل البلاد ، كل البلاد. لعبد الملك الحوثي لا اريد الخوض طويلاً ، لمعرفتي المسبقة بإمكانياتك المتواضعة جداً ، والتي لا تتجاوز وجودك في قيادة حركة مسلحة بفعل التوريث وطاعة الوالدين ، وليس نتاجاً لمستوى معرفي أو حنكة قيادية . لذلك اسمح لي أن أهمس في اذنيك بلغه متواضعة : تعز ماهيش عصيد وعبدو ... أو شضوية بعد المطر بمقدو . قائمة العار أطلق شباب تعز ما سمي بقائمة العار، تضمنت أبرز الداعمين والمتعاونين مع جماعة المخلوع والحوثي في المحافظة ، واظنهم اغفلوا أسماء أخرى مثل "طلال عقلان " و" محمود الجنيد" وأخرين ، نقول لهم بجدية : لن تمروا ولو بعد حين.