في عصر الامارات المتنافسة المتصارعة في ايطاليا القرون الوسطى، كتب نيقولو ماكيافيللي كتابه الشهير "الأمير". والذي حذا فيه حذو هيزون الاغريقي في محاورته التي تخيل ادارتها بين طاغية ومفكر هو سيمونيدس. واقعية تعاليم ماكيافيللي مرتبطة بطبيعة عصره، حيث لا مؤسسات منتخبة للحكم، ولا دساتير، ولا فصل بين السلطات. ومن يرى اليوم ويتابع تصرفات صالح ومن بعده الحوثي، يظن ان كتاب الامير هو قرآنهما، وانهما ينامان وهو تحت وسادة كل منهما، ويتبعان تعاليمه بحذافيرها. ومما يراه ميكيافيللي في تعاليمه، أن الأخلاق المتعارف عليها كالأمانة والوفاء والإبتعاد عن الظلم بكل صوره، هي أخلاق للعامة والضعفاء. أما الحاكم فانه يهلك إذا كان خيراً دائماً، فيجب أن يكون ماكراً كالذئب، ضارياً ضراوة الأسد. أما عن الحفاظ على العهود فيرى أن الحاكم ينبغي عليه الحفاظ عليها عندما يكون ذلك مفيداً له ليس إلا. فهو يجب أن يكون غادراً عندما تتطلب مصلحته ذلك. على انه يجب أن يخفي شخصيته الحقيقة، وأن يكون كذاباًَ كبيراً، ومرائياً عظيماً. اما الناس أي العامة فهم من البساطة والأستعداد للرضوخ للضرورات الحاضرة، الى الحد الذي يمكن فيه للمخادع ان يجد دائما غالبية تقبل الإنخداع له (غالباً بسبب الجهل الذي يولد الغباء). ويجب على الأمير او من يطلب الإمارة ان يكون مخادعاً دائماً، وقادراً على إعطاء التأكيدات، وتأييدها بأغلظ الأيمان التي لا يراعيها ولا يلتزم بها ابداً. ولكن يلزم الأمير ان يتظاهر بالاتصاف بالفضائل المتعارف عليها. وان كان يعمل بعكسها، وفوق كل شىء يجب ان يبدو متديناً. ويقول ميكيافيللي عندما يتحدث عن الوصول الى الامارة، ان الصعوبة الوحيدة هي في الإستيلاء عليها، اما اذا تم الإستيلاء عليها فإن التقاليد الدينية القديمة، ستدافع عن الأمير، بغض النظر عن سلوكه وسلوك قادته. سيقول رجال الدين المنافقون كما يحدث اليوم في المساجد وجمعية العلماء، أن الله يمجد الأمير وصحبه ويصونهم، وانه لا يناقشهم الا وقح أحمق، وأنه يجب اخراس الاصوات المعارضة كما جاء في بيان جمعية علماء اليمن بالامس.